رغم الدمار والحصار والموت الذي يطوّق قطاع غزة، تظل الحياة تنبض بين أنقاض المباني والمآسي اليومية. وسط هذا الواقع القاسي، يظهر "علوش" – المهرج الذي يسعى لزرع البسمة على وجوه الأطفال، متحدياً الأحزان التي تسكن قلبه، وناسجاً لحظات من الضحك والأمل في زمن الحرب.
---
الفيلم.. شهادة حية من تحت القصف
يوثق فيلم "مهرج غزة"، أول عمل تسجيلي طويل للمخرج الفلسطيني الناشئ عبد الرحمن صباح، رحلة مقداد ماهر، المعروف بلقب "علوش"، في محاولته نشر الفرح وسط الدمار. وقد تم عرضه لأول مرة في مهرجان عمّان السينمائي الدولي، حيث جذب الانتباه بقصته الإنسانية العميقة.
علوش، الذي يعاني من إعاقة وتقزُّم، يروي في الفيلم جانباً من طفولته المؤلمة قائلاً: "كان الأطفال يضربونني ويرشقونني بالحجارة ويهينونني"، مشيراً إلى دعم والديه الذي ساعده على الاستمرار في طريقه رغم الألم.
---
ضحك بين الأنقاض
بين مشاهد الحرب، يصوّر الفيلم لحظات مقداد الحميمة، من شرائه الطماطم لعائلته، إلى بحثه عن الأقمشة الملونة لصنع زيه البهيج، في مقابل المشاهد القاتمة للحرب والدمار. ويقول في أحد أبرز تصريحاته:
"أصعب شيء أن تلعب مع طفل ثم يموت في اليوم التالي... كل ما أستطيع فعله هو الوقوف بجانب الأطفال المتبقين وتعليمهم كيف يبتسمون حتى في أحلك اللحظات."
---
بطولات صامتة وسط الدمار
يُظهر الفيلم كيف يظل مقداد متماسكًا رغم كل ما مرّ به. لا يذرف دمعة واحدة خلال رحلته من حيّه المدمر إلى الحدود، في تجسيد صادق لفكرة أن المعاناة الحقيقية يحملها من ظلّوا أحياء بعد الحرب.
---
خلف الكاميرا: فريق محلي ودولي
شارك في إنجاز الفيلم فريق من المبدعين الفلسطينيين والدوليين، منهم المخرج عبد الرحمن صباح، والمنتجون لورا نيكولوف ورشيد مشهراوي، والمصورون معاذ أبو اللبان، أحمد الدنف، ومحمد الشريف. كما تولى دينيس لو بافين المونتاج، وسارة فاسور ليرو تصميم الصوت، بدعم من شركتي كورجينز للإنتاج ومشهراوي فاند.
---
من غزة إلى العالم: رواية إنسانية
يمثل الفيلم جزءًا من مشروع المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي "من المسافة صفر"، وهو مبادرة مستمرة لتوثيق أصوات السينمائيين في غزة، وفتح نافذة إنسانية على واقعهم.
"مهرج غزة" ليس فقط فيلماً عن الحرب، بل شهادة على الروح الصلبة والموهبة النادرة لسكان غزة، الذين يصرون على رواية حكاياتهم بعيداً عن الصور النمطية، موفرين للعالم منظوراً أكثر عدالة وإنسانية لضحايا الحروب.