المستأجرون: «نوافق على زيادة أسعار الإيجار بشرط عدم ترك منازلنا».. والملاك:«نريد العدل، كفى الإيجار المجاني»
وزير الإسكان: نتعامل مع الملف بتوازن يجمع بين الإنصاف القانوني والبُعد الإنساني.. ومشروع القانون لا يستهدف الإخلاء وسيتم توفير سكن بديل
خبير تنمية حضارية يقترح إنشاء صندوق للمتضررين من تعديل القانون
تباينت الآراء بين المستأجرين والملاك حول تعديل قانون الإيجار القديم، حيث يرى المستأجرون أنهم أصحاب حق وفقًا للقانون، ويتمسك الكثير منهم بحقهم القانوني، موضحين أنهم لن يتركوا منازلهم. في المقابل، يرى الملاك أن استمرار عقود الإيجار القديم لسنوات طويلة، وحرمان المالك من التصرف في ملكه، يُعد مخالفًا للشرع والدستور ومبادئ العدالة. وتؤكد الحكومة أنها تتعامل مع هذا الملف بتوازن يجمع بين الإنصاف القانوني والبُعد الإنساني.
وقال وزير الإسكان، شريف الشربيني، إن مشروع القانون المعروض حاليًا على مجلس النواب لا يستهدف إخلاء المستأجرين، بل يهدف إلى معالجة تشريعية حكيمة لوضع قانوني طال انتظاره، مؤكدًا أن الحكومة تتعامل مع هذا الملف التاريخي بمنظور متوازن يجمع بين الإنصاف القانوني والبُعد الإنساني.
وأضاف الشربيني لـ«الشروق»: "نحن لا نعيد فقط تنظيم العلاقة الإيجارية، بل نرسخ مبدأ الثقة بين المواطن ودولته، ونُعلي من قيمة حق السكن كحق لا يجوز المساس به"، موضحًا أن نجاح هذا القانون لن يُقاس بإقراره التشريعي فقط، بل بآليات تطبيقه، ومدى قدرته على تحقيق التوازن العملي المطلوب، مع الاستمرار في الاستماع إلى الملاك والمستأجرين، وتلقي المقترحات الموضوعية التي تُسهم في إنجاح التجربة.
وأوضح أن توفير الوحدات السكنية سيتم وفق برنامج زمني محدد يتناسب مع قدرات الدولة واحتياجات المواطنين، مع التأكيد على أن أي إجراء بالإخلاء لن يتم إلا بعد توفير سكن بديل يحفظ كرامة المواطن، ويصون أمنه السكني.
وأجرت «الشروق» جولة ميدانية في عدد من المناطق بمحافظتي القاهرة والجيزة، للوقوف على آراء الملاك والمستأجرين بشأن تعديل قانون الإيجار القديم.
وقال مصطفى محمود الخضري، مستأجر وحدة سكنية تخضع لقانون الإيجار القديم بمنطقة السيدة زينب بمحافظة القاهرة، إنه لا يمانع في تعديل أسعار الإيجار بشرط عدم ترك منزله، قائلًا: "أغلبنا من أصحاب المعاشات أو نعاني أمراضًا مزمنة".
وأضاف الخضري لـ«الشروق»: "ما جاء في مشروع القانون يُعد محاولة لهدم استقرار ملايين المواطنين، ومعظمهم من الطبقة المتوسطة، الذين أسسوا معيشتهم على استقرار قانوني واجتماعي، سواء كانت الوحدات بغرض السكن أو لأغراض تجارية وإدارية"، متابعًا: "عقود الإيجار القديم تمت برضا الطرفين، وفي ظل قانون ينظم العلاقة ويحميها، فما ذنب المستأجر؟".
وقالت كنوز الحسيني، مستأجرة وحدة سكنية إيجار قديم بمنطقة مصر الجديدة، إن ملايين المستأجرين متمسكون بالأحكام الدستورية والعقود القانونية الصحيحة، مضيفة: "لم يُجبر أحد المالكين على التعاقد على وحدة سكنية بالإيجار القديم بعقد قانوني صحيح معترف به من الدولة، والعقد شريعة المتعاقدين"، وتابعت: "نوافق على تعديل الأجرة وعدم تثبيتها، ونرفض ترك منازلنا التي نشأنا وتربينا فيها".
وقال أمجد وجيه، محامٍ ومستأجر لوحدة سكنية إيجار قديم بحي الوراق في محافظة الجيزة، إنه ليس من حق الحكومة أو البرلمان تحرير عقود الإيجار القديم، موضحًا أن المحكمة الدستورية العليا أكدت حق الامتداد القانوني للجيل الأول، ولم تذكر تحرير العلاقة الإيجارية، مضيفًا: "يجب تحريك أسعار الإيجار، ولا يمانع أحد في ذلك"، وتابع: "حكم المحكمة الدستورية نافذ على السلطات الثلاث: التشريعية، والقضائية، والتنفيذية، وأي تعدٍّ على هذا الحكم يُعد باطلًا".
وأضاف لـ«الشروق» أن المحكمة الدستورية العليا أوصت بتحريك الأجرة، وليس بتحرير العلاقة الإيجارية، مؤكدًا عدم جدوى التوجه نحو تهديد السلم المجتمعي.
وقالت مروة جمعة، مواطنة من منطقة الدقي بمحافظة الجيزة ومستأجرة وحدة سكنية إيجار قديم: "نرفض مقترح الحكومة بتعديل قانون الإيجار القديم، ومتمسكون بحقنا القانوني بعدم ترك منازلنا، ونوافق فقط على تحريك الأجرة بشكل معقول"، مضيفة لـ«الشروق»: "لقد دفعنا خلوًا يساوي أكثر من نصف ثمن الوحدة، ولدينا حكم بالامتداد القانوني سواء للوحدات السكنية أو التجارية"، مؤكدة: "هذه بيوتنا وأرزاقنا، ولن نضحي بها".
في المقابل، قال محمد الوهداني، مالك لإحدى العمارات المؤجرة وفقًا للقانون القديم بمنطقة إمبابة في محافظة الجيزة، إنه يجب إزالة المنازل القديمة المعرضة لخطر السقوط وإعادتها إلى المالك، مع تعويض السكان بوحدات سكنية من الدولة حفاظًا على أرواحهم.
وأضاف الوهداني لـ«الشروق» أن استمرار عقود الإيجار القديم لأجل غير مسمى دون رضا المالك وحرمانه من التصرف في ملكه، يخالف الشرع والدستور ومبادئ العدالة، مطالبًا بإنهاء هذا الوضع من خلال إلغاء الامتداد القانوني الجبري لعقود الإيجار القديم وتحرير العلاقة تدريجيًا، مع مراعاة ظروف غير القادرين.
وطالب ربيع علي، مالك مبنى سكني مؤجر إيجار قديم بمدينة العمال في محافظة الجيزة، الحكومة بتحرير عقود الإيجار القديم والعودة إلى القانون المدني، قائلًا: "نريد العدل والإنصاف لملاك الإيجار القديم، كفى الإيجار المجاني"، مشيرًا إلى أن مطالب الملاك تتمثل في الوصول إلى القيمة السوقية العادلة للإيجارات، وفترة انتقالية قصيرة تُمهّد لتحرير العقد.
وقال أحمد حسن، مالك وحدة سكنية تخضع لقانون الإيجار القديم بمنطقة السيدة زينب بمحافظة القاهرة: "الملاك مظلومون بسبب تدني قيمة الإيجارات وتوريث العقود للأبناء والأحفاد"، مضيفًا: "على مدار 80 عامًا، رحل ثلاثة أجيال من الملاك وهم مقهورون على أملاكهم، ولا أحد تدخل لإنصافهم ولو لمرة واحدة".
وأضاف سعيد أبوحسين، مالك وحدة سكنية إيجار قديم بمنطقة شبرا بمحافظة القاهرة، أن استمرار عقود الإيجار القديم هو استمرار لوضع خاطئ حتى ظن المستأجرون أنه حق مكتسب، متابعًا: "معظم المستأجرين لم يعودوا بحاجة إلى هذه الوحدات بعد تحسن أوضاعهم".
من جهته، قال الحسين حسان، خبير التنمية الحضارية، إن هناك نحو 3 ملايين و19 ألفًا و900 وحدة سكنية، سواء كانت تجارية أو سكنية، وفقًا للبيانات الرسمية المُعلنة من الجهات المختصة، موضحًا أن نحو 47% من تلك الوحدات عبارة عن محال، وعيادات، ومكاتب إدارية وتجارية.
واقترح حسان، في تصريحات لـ«الشروق»، أنه من أجل حل الإشكالية المرتبطة بتعديل قانون الإيجار القديم، وتحقيق العدالة بين طرفي العلاقة، سواء المالك أو المستأجر، يجب على الحكومة إنشاء صندوق لدعم المتضررين من تعديل القانون، يكون تحت إشراف وزارة التنمية المحلية، على أن يقدم هذا الصندوق الدعم للمستفيدين عند تطبيق القانون، سواء بمنحهم مبالغ مالية مناسبة لشراء وحدات سكنية بديلة، أو تخصيص وحدات سكنية لهم في المجمعات الجديدة التي تُقيمها الدولة.