«ضي» يحقق مهمة السينما المقدسة فى رحلة التمسك بالحلم وسط عناد المجتمع - بوابة الشروق
الإثنين 16 ديسمبر 2024 12:44 ص القاهرة

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

«ضي» يحقق مهمة السينما المقدسة فى رحلة التمسك بالحلم وسط عناد المجتمع

خالد محمود
نشر في: الأحد 15 ديسمبر 2024 - 10:21 م | آخر تحديث: الأحد 15 ديسمبر 2024 - 10:21 م

• الفيلم يُبشّر برؤية جديدة ومُلفتة لنهضة السينما المستقلة فى مصر.. وحان الوقت لتاخذ فرصتها بدور العرض

عندما تجسد السينما حلمك ويتحقق على الشاشة تشعر وأنت بقاعة العرض أنك تحلق بعيدا، تسكن عالمك الخاص الذى تمنيته.

تلك هى مهمة السينما المقدسة التى تأتى بواقعك وتشعل فتيل الأمل بداخله. .تنير لك طريق الذات متجاوزا قسوة زمن وعناد الأيام .

ذلك ما عشته فى الفيلم المصرى السعودى «ضى.. سيرة أهل الضى» للمخرج كريم الشناوى، والمؤلف هيثم دبور، والذى عرض فى افتتاح مهرجان البحر الأحمر السينمائى الدولى الرابع، كتجربة تهمس بالقلب، وتحفز العقل على ألا تتوقف دائما محاولات الإمساك بالهدف، وذلك عبر دراما ممزوجة بالبهجة وشخصيات حقيقية تنبض بتناقضات الحياة فيما يسمى بـ «سينما الطريق»، وطوال تلك الرحلة تعيش كل مواقفها المتصاعدة بسلاسة وأسلوب سرد تلقائى فى صورته، واقعى فى نهجه، عميق فى فحواه.

الفيلم يعبر بصدق وبطريقة مؤثرة عن قيمة التسامح والطموح وقوة تأثير الموسيقى، التى تتخذ من صوت منير رمزا لها ، والقدرة على مواجهة التحديات، ومن المؤكد أنه سيترك صدى عميقا فى أوساط الجماهير، وتجعل المشاهد يعيش التجربة بكل تفاصيلها.

يروى الفيلم خلال أحداث تستمر ٢٨ ساعة قصة «ضى» وهو فتى عمره 11 عاما، ألبينو «عدو الشمس»، يعيش مع أمه وأخته ليلة، وهما أسرة من النوبة هجرها الأب لتعيش الأم فى معاناة تربية ابن له ظروف خاصة، وسط تنمر دائم من المحيطين، وخاصة من زملائه فى المدرسة، وفى الوقت نفسه تخشى الأم على ابنها من مواجهة العالم، وتزرع فيه الرهبة، لدرجة أنه يمتلك موهبة غنائية كبيرة ويعشق صوت المطرب المصرى محمد منير، لكن والدته تمنعه من الغناء ومواجهة العالم، وذلك تحد آخر لضى.

فرغم صوته الجميل يواجه «ضى» تحديات قاسية ومتناقضات وظروفا عامة تحيط به بسبب مظهره الفريد، لكنه بات يحلم بالسير على خطى المطرب محمد منير بصوته الساحر، حيث يرى فيه مثله الأعلى. وعندما يحصل على فرصة لتجربة أداء فى برنامج «ذا فويس»، ينطلق «ضى» وعائلته فى رحلة محفوفة بالمخاطر من أسوان إلى القاهرة. دون أموال أو وسيلة اتصال، هو وأخته وأمه ومدرسة الموسيقى التى تؤمن به، وصاحبة اقتراح ضرورة مشاركته بالبرنامج، وأن تأخذ موهبته فرصة فى الانطلاق، وأن تحرره من جدران الخوف والرهاب الاجتماعى، حتى وإن كان دون يقين من قدرته على الوصول لمواصلة حلمه.

الفيلم يُبشّر برؤية جديدة ومُلفتة لنهضة السينما المستقلة فى مصر من خلال التناول المتميز والسيناريو المحكم الاجواء الذى كتبه هيثم دبور، وكذلك أسلوب السرد والإيقاع السريع بأحداثه المفاجئة، والصورة المدهشة المفعمة بالمشاعر واللحظات الملهمة، وضعنا بها المخرج كريم الشناوى، والتى تأخذنا لنتابع الرحلة بكل الوجدان والعيش فى الحالة الشعورية للفيلم، وهنا لا أنسى إبداع مدير التصوير عبدالسلام موسى، والأداء التلقائى لأبطال الرحلة وهم يواجهون التحديات، حيث قدموا شخصيات نابضة بالحياة والتوهج رغم انكساراتها، الفنانة السعودية أسيل عمران التى قدمت أحد أجمل أدوارها تميزا فى شخصية مدرسة الموسيقى القبطية «صابرين» وبلهجة أهل الجنوب، التى تؤمن بحق «ضى» وتعيش معه أجواء نفسية جديدة بعيدا عن ضغوط مجتمعها لتأخرها فى الزواج، وقد شكلت توازنا كبيرا للأمل فى مواجهة يأس الأم التى جسدتها السودانية إسلام مبارك باقتدار، حيث تنقلت بين اليأس والإصرار على مواصلة المشوار بعد الإيمان بضرورة منح ابنها الفرصة، ومعهما الأخت التى جسدتها حنين سعيد، وبالتأكيد كان المحرك الملهم للأداء هو تلقائية وبراءة «ضى» التى قدمها بدر محمد، وصوته الشجى، وكانت هناك لحظات عظيمة منها لقاؤه بمحمد منير، والذى ظهر بشخصيته الحقيقية، وساقه القدر ليلتقى بـ«ضى»، ويسمع صوته ويمنحه الأمل والوصول إلى حلمه والتمسك به، أيضا لحظة نجاحه بعد ظهوره مع الإعلامية لميس الحديدى، وكذلك مشهده مع موظفى المطافى الذين حاولوا إعادته للحاق بأمه بعد أن فقدته بمحطة القطار.

كما ربطت الأحداث بسلسلة من النجوم الذين ظهروا كضيوف شرف فى الفيلم وقدم كل منهم خطا دراميا منفصلا تجمعه الظروف ببطل الفيلم مثل محمد ممدوح، وأحمد حلمى، وصبرى فواز، ومحمد شاهين، وحنان سليمان، وعارفة عبد الرسول.

ناقش الفيلم موضوعا مغايرا وهو يحمل مشاعر صادقة لأشخاص مهمشين بأنماطهم المختلفة لديهم أحلام بسيطة ربما تتوه وسط تعقيدات وأزمات كبرى تجوب بالإنسان، متطرقا فى الطريق إلى محاولة خلق حالة من التصالح مع الذات والأحلام والمتغيرات والأنماط المختلفة فى المجتمع، ويبقى تجربة مهمة ومختلفة لمسار السينما المصرية التى يصنعها الشباب بالوقت الحالى، وهو الأمر الذى يتطلب أن تتيح له دور العرض فرصة ووقتا ليشاهده الجمهور، وعدم الاكتفاء بشاشات المهرجانات.

 



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك