القاضية الأوغندية يچوليا سيبوتيندي إحدى رعايا كنيسة واتاتو الخمسينية في كمبالا وتعتنق أفكارا صهيونية واضحة
سيبوتيندي تنتقد بلدها لمساندة شعب غزة.. وتصرّح بأن العدوان الحالي خطوة جديدة تقرّبنا من نبوءة "نهاية الزمان"
سييوتيندي طالبت بتوجيه تدابير مؤقتة إلى مصر وصوّتت ضد جميع القرارات الإنسانية
صعد من جديد اسم القاضية الأوغندية چوليا سيبوتيندي، نائبة رئيس محكمة العدل الدولية، إلى ساحات النقاش عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بعد نشر موقع "مونيتور" الأوغندي تصريحات لها عكست هوسها المطلق بالمعتقدات الصهيونية، ورؤيتها لنفسها كإنسانة "يعتمد عليها الله لمساندة إسرائيل".
وصوتت سيبوتيندي لصالح إسرائيل في جميع القرارات التي اتخذتها المحكمة حتى الآن في قضية اتهام إسرائيل بارتكاب جرائم الإبادة الجماعية في غزة، والمرفوعة من جنوب أفريقيا، فضلا عن تصويتها ضد جميع البنود التي تضمنها القرار الاستشاري التاريخي الصادر من المحكمة في يوليو 2024 ببطلان الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية منذ عام 1967 وعدم مشروعية ممارسات الاستيطان والتهجير القسري والتمييز العنصري.
وقالت "مونيتور" إن سيبوتيندي -71 عاما- كانت حاضرة في مناسبة دينية اجتماعية بكنيسة واتوتو في العاصمة الأوغندية كمبالا، حين تحدثت بفخر وراحة عن "وقوفها بدعوة من الرب إلى جانب إسرائيل، بينما يقف العالم كله ضدها، حتى بلدها أوغندا".
انتقدت سيبوتيندي الموقف الرسمي لبلادها التي تبرأت من مساندتها لجرائم الإبادة الجماعية، وزعمت أنها فازت بمنصب نائب رئيس محكمة العدل الدولية بتصويت زملائها وأن هذا دليل على "قدرة الرب على قلب الموازين مهما كان تدبير الشيطان".
وروت سيبوتيندي كيف كانت قلقة يوم تلك الانتخابات وقررت البقاء نائمة، لكنها سمعت نداء من الله للاسيتقاظ، فنهضت منحهة إلى عملها (!!)
وعبرت عن اعتقادعا بأن ما يحدث في غزة هو تمهيد لـ"نهاية الزمان" وفق معتقدات المجموعات المسيحية الصهيونية بالعودة الجسدية ليسوع المسيح، وأنها تشكر الله على جعلها جزءا من تلك الأحداث.
الحركة الخمسينية الصهيونية كلمة السر
تنتمي سيبوتيندي وكنيسة واتاتو التي نشأت مرتبطة بها وتحدثت فيها مؤخرًا، إلى الحركة الخمسينية، وهي إحدى الحركات المسيحية المنبثقة عن المذهب البروتستانتي، وشديدة الإيمان بالمعتقدات الصهيونية، منذ ظهورها في الولايات المتحدة أواخر القرن التاسع عشر.
وتوسعت الحركة الخمسينية، وغيرها من الحركات الصهيونية في العقود الأخيرة بالدول الأفريقية، ويؤمن المنتمون للحركة بأن قيام دولة إسرائيل واستقرارها وتعاظمها متحقيق لنبوءات الكتاب المقدس، ويسهم في تمهيد الطريق لعودة المسيح الجسدية ونهاية الزمان.
وفي ورقة نشرتها الجمعية الأمريكية للتاريخ الكنسي عن تلك الحركة وعلاقتها بالصهيونية عام 2015 يوضح الباحث چوزيف ويليامز أن "الخمسينية تعزز الشعور بالتماهي مع إسرائيل، جغرافيًا وروحيًا، بما في ذلك الروابط الثقافية والدينية. ويتجلى ذلك في دعمهم لإسرائيل، وتبنيهم بعض الممارسات الدينية اليهودية، وإيمانهم بتقليد "يهودي-مسيحي" مشترك".
وبحسب الباحث الزيمبابوي مافا كوانيساي مافا فإن الحركة الخمسينية في أفريقيا تتبنى اتجاهات صهيونية وإمبريالية "بالمخالفة للقيم المسيحية الأصيلة، متجاهلة أوجه الشبه بين معاملة إسرائيل للفلسطينيين وتجربة أفريقيا في ظل الاستعمار والفصل العنصري إلى حد التطابق".
تأثير الأفكار الصهيونية على اتجاهات القاضية سيبوتيندي
انعكست الأفكار الدينية السابقة على مواقف سيبوتيندي في جميع القضايا الخاصة بإسرائيل أمام محكمة العدل الدولية، مما جعلها تتخذ مواقف داعمة للكيان المحتل بصورة تتجاوز الموقف الرسمي الصادر عن الممثل الإسرائيلي في هيئة المحكمة، والذي حضر في قضية جنوب أفريقيا كممثل للطرف المدعى عليه.
ففي مذكرة برأيها المستقل في القرار الذي أصدرته المحكمة لإلزام إسرائيل بوقف هجومها على رفح، والذي ضربت به إسرائيل عرض الحائط، طالبت سيبوتيندي بتوجيه الأمر أيضا إلى مصر، زاعمة أنها مسئولة عن غلق معبر رفح.
وزعمت في رأيها المكون من تسع صفحات، أن "فتح معبر رفح يتطلّب تعاونًا مصريًا، باعتبار أنّ مصر جهة فاعلة أخرى تلعب دورًا رئيسًا في تسهيل توصيل المساعدات، وأنّ التقارير أفادت بمنعها حركة الشاحنات باتجاه كرم أبو سالم".
وادّعت سيوتيندي أنه "بدون تعاون مصر؛ لا تستطيع إسرائيل وحدها إبقاء معبر رفح مفتوحًا"، مطالبةً بشكل صريح بـ"توجيه أمر المحكمة إلى مصر مع إسرائيل"، ومعتبرةً أنّ توجيه الأمر إلى إسرائيل وحدها "غير عملي" وهو ما رفضه جميع أعضاء المحكمة الذين أدانوا إسرائيل وحدها.
ودافعت سيبوتيندي في جميع مذكراتها عن حق إسرائيل في شن العدوان الحالي على غزة، معتبرة أن هذا جزء من دفاعها الشرعي عن أمنها ضد "إرهاب حركة حماس".
بل إنها في إحدى مذكراتها انتقدت المحكمة لاعتبارها يوم السبت (اليوم الأسبوعي المقدس عند اليهود) يوم عمل عادي، ومطالبة إسرائيل بتسليم مستندات فيه، ذلك على الرغم من أن المحكمة كانت تعقد جلساتها يوم الجمعة بصورة اعتيادية.
وفي القرار الاستشاري الخاص بآثار الاحتلال الإسرائيلي الصادر في يوليو 2024، صوتت سيبوتيندي في جميع بنود القرار إلى جانب دولة الاحتلال، وذلك على النحو التالي:
١- صوتت وحدها ضد صلاحية المحكمة لإصدار الفتوى أو الرأي الاستشاري
٢- صوتت مع ثلاثة أعضاء آخرين ضد القرار أن مواصلة الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية أمر غير مشروع
٣- صوتت مع ثلاثة أعضاء آخرين ضد المطالبة بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية في أقرب وقت ممكن
٤- صوتت وحيدة ضد المطالبة بوقف جميع الأنشطة الاستيطانية الجديدة وإخراج المستوطنين الإسرائيليين من الأراضي الفلسطينية المحتلة
٥- صوتت وحيدة ضد المطالبة بأن تسدي إسرائيل بتعويضات للأشخاص الطبيعية والاعتبارية المتضررة من الاحتلال غير المشروع
٦- صوتت مع عضوين آخرين ضد مطالبة جميع الدول بعدم الاعتراف بالأوضاع المترتبة على الاحتلال الإسرائيلي غير المشروع للأراضي الفلسطينية، وعدم تقديم العون أو المساعدة في الحفاظ على تلك الأوضاع
٧- صوتت مع عضوين آخرين ضد مطالبة جميع المنظمات الدولية بما فيها الأمم المتحدة بعدم الاعتراف بالوضع الناشئ عن الوجود غير القانوني لدولة إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة
٨- وصوتت مع عضوين آخرين ضد مطالبة الأمم المتحدة ممثلة في الجمعية العامة، ومجلس الأمن، بالنظر في السبل المناسبة لإنهاء الوجود غير القانوني لدول إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وبأسرع وقت ممكن
سيبوتيندي من كنيسة واتاتو الصهيونية إلى لاهاي
وُلدت جوليا سيبوتيندي في أوغندا عام 1954، وتلقت تعليمها ونشأت مرتبطة بكنيسة واتاتو الخمسينية سالفة الذكر كأحد رعاياها. انتخبت عضواً في محكمة العدل لأول مرة في 2012، وأعيد انتخابها في 2021.
وحصلت سيبوتيندي، على الدكتوراه الفخرية في القانون من جامعة إدنبرة في المملكة المتحدة، وشغلت عدة مناصب قضائية وقانونية سابقة، حيث عملت قاضية في المحكمة الخاصة لسيراليون في الفترة بين 2005 و2011. وعملت كمستشار تشريعي أعارته أمانة الكمنولث إلى جمهورية ناميبيا لتعديل واستبدال قوانين الفصل العنصري في البلد وتدريب واضعي التشريعات الناميبية) 1991- 1996)، النائب العام الرئيسي والمستشار البرلماني الرئيسي، وزارة العدل، أوغندا (1978-1990).
كما عملت كمستشار تشريعي في اللجان المتعددة الأطراف المسؤولة عن صياغة المعاهدات وتعديلها إنشاء السوق المشتركة لشرق أفريقيا والجنوب الأفريقي والهيئة الحكومية الدولية والجففاف والتنمية(1980-1990)، عضو نقابة المحامين في أوغندا منذ عام 1979.
وتعاملت مع كثير من المحاكمات في قضايا جرائم الحرب، من ضمنها القضية ضد الرئيس الليبيري تشارلز جانكاي تايلور الذي اتهم بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية خلال فترة توليه الرئاسة.
كذلك شغلت سيبوتيندي منصب قاضٍ في المحكمة العليا في أوغندا في القضايا المدنية والجنائية، وكانت رئيسة اللجنة القضائية للتحقيق في فساد الشرطة الأوغندية في الفترة من 1999 حتى 2000.