نشرت مجلة "ذي أتلانتك" تقريرًا يرصد تحول لهجة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تجاه روسيا، من التودد إلى التصعيد، بعد تصاعد إحباطه من تجاهل فلاديمير بوتين لمحاولاته لإنهاء الحرب في أوكرانيا.
وذكرت المجلة أن احترام ترامب للزعيم الروسي كان من أبرز العلاقات الجيوسياسية خلال العقد الماضي، لكنّ الإحباط سيطر عليه مؤخرًا، إذ صرّح الأسبوع الماضي بأن بلاده "تتلقى الكثير من الهراء" من بوتين.
واليوم، وافق ترامب على إرسال شحنة ضخمة من الأسلحة الدفاعية إلى أوكرانيا عبر حلف الناتو، وهدد روسيا بفرض رسوم جمركية جديدة إذا لم تتوقف الحرب خلال 50 يومًا.
ورغم هذا التحول، تقول المجلة إن ذلك لا يعكس رؤية إستراتيجية جديدة لترامب، وفقًا لمسؤولين ومستشارين، بل إنه لا يزال غير متحمس لأوكرانيا أو رئيسها زيلينسكي، ولا للتحالفات الأطلسية التي كانت توازن موسكو، بل شعر ترامب بالإهانة.
وأضافت المجلة أن تجاهل بوتين لمطالب ترامب بإنهاء الحرب وتصعيد القتال أظهر ترامب كأنه الطرف الأضعف، رغم قناعته عند توليه المنصب بأنه قادر على تحقيق هدنة خلال 24 ساعة بفضل علاقته مع بوتين.
وطوال أشهر، بدا ترامب أقرب إلى موسكو، وهدد بالتخلي عن كييف.
وفي فبراير، وبّخ ترامب زيلينسكي في المكتب البيضاوي، وعلق مؤقتًا مشاركة المعلومات الاستخباراتية، معتقدًا أنه قادر بالتعاون مع بوتين على إنهاء الحرب وفتح علاقات اقتصادية جديدة.
لكنّ بوتين تجاهل النداءات الأمريكية، ولم تحقق محادثاته مع مبعوث ترامب ستيف ويتكوف شيئًا، مما دفع ترامب لإنهاء جهوده الدبلوماسية.
وفي الأسابيع الأخيرة، اشتد غضب ترامب، وأعاد البنتاغون إرسال الأسلحة لأوكرانيا، بينما عمل زيلينسكي على إصلاح علاقته بترامب ووافق على مقترح أمريكي لوقف إطلاق النار، في حين رفضه بوتين وصعّد القصف.
ورغم ست مكالمات خلال نصف عام، يعتقد ترامب اليوم أن بوتين لا يريد إنهاء الحرب، وهو ما توصلت إليه المخابرات الأمريكية قبل عام.
وتقول المجلة إن بوتين رد على دعوات ترامب الأخيرة بزيادة الهجمات، مما أغضب ترامب بشدة، خاصة بعدما أعاد بوتين تكرار هدفه بـ"تحرير" أراضٍ أوكرانية يعتبرها روسية.
ولا تزال خطوط القتال ثابتة، ومع استمرار تجاهل بوتين، يشعر ترامب بالإهانة، بحسب مسؤول ومستشار خارجي.
وأعلن ترامب اليوم إرسال دفعة جديدة من الأسلحة لأوكرانيا، تشمل 17 بطارية صواريخ باتريوت، ما يعزز قدرة كييف على التصدي للهجمات الجوية الروسية، رغم أن ألمانيا قالت إن تسليمها قد يستغرق شهورًا.
وأكدت المجلة أن الإجراءات المُعلنة لن تُغيّر مسار الحرب، وهي أقل مما كان يُنتظر من ترامب، لكنها قد تحدّ من زخم روسيا، وتُطمئن كييف وأوروبا باستمرار الدعم الأمريكي.
ورغم أن ترامب لم يذكر إرسال أسلحة هجومية بعيدة المدى، فقد أفادت "أكسيوس" أنه يدرس هذا الخيار.
ومنذ توليه المنصب، يواجه ترامب ضغوطًا متضاربة بشأن أوكرانيا وروسيا، بين دعاة الانعزال كـ ج.د. فانس وستيف بانون، والجمهوريين التقليديين مثل ليندسي غراهام وجون ثون.
وقد لقيت تحركاته الأخيرة إشادة من بعض المنتقدين، وقال غاري كاسباروف: "ترامب قد يتخذ موقفًا قويًا ليس حبًا في أوكرانيا، بل لأنه يشعر بالإهانة".
ومع ذلك، لا تُرسل الأسلحة مباشرة إلى أوكرانيا، مما يمنح ترامب مساحة لإرضاء أنصاره الانعزاليين، الذين يعارضون أي مساعدات جديدة لكييف، ما يعقّد خطط زيلينسكي وأوروبا المستقبلية.
ورفض ترامب دعم مشروع قانون يفرض عقوبات مشددة على روسيا، تشمل رسومًا بنسبة 500% على الدول التي تتعامل مع موسكو، رغم تأييد أكثر من 80 عضوًا بمجلس الشيوخ.
وأشار مستشارو البيت الأبيض إلى أن ترامب لا يرغب بالموافقة على المشروع حاليًا، خشية التأثير على أسعار الطاقة أو إغضاب دول مثل الصين والهند التي يسعى لعقد صفقات تجارية معها، وتظل الرسوم التي اقترحها اليوم أقل حدة.
واختتمت المجلة بأن ترامب بدا عليه التوتر عندما سئل عن الحرب خلال مؤتمر صحفي، لكنه امتنع عن تحديد موقفه إذا صعّد بوتين الهجمات مجددًا.