أسامة الأزهري: الإشارة إلى طور سيناء في القرآن الكريم تعكس المكانة العظيمة لأرضها المباركة
استعرض الدكتور أسامة الأزهري، وزير الأوقاف، في حلقة جديدة من برنامجه "اللؤلؤ والمرجان" معاني ودلالات الجزء الثامن عشر من القرآن الكريم، موضحًا ما يحمله من إشارات إلهيّة وعجائب التشريع، وقوانين تزكية النّفس وإعمار الكون.
وأكد وزير الأوقاف أن القرآن الكريم زاخر بالعلوم والآداب، لكن ضيق الوقت يجعل الوقوف عند كل كلمة وإشارة ولمحة أمرًا غير ممكن، موضحًا أن ما يتم تقديمه في البرنامج هو مقتطفات مختارة، تضيء الطريق أمام المتدبرين.
واستعرض وزير الأوقاف في وقفة تأملية قول الله تعالى: "وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الأَرْضِ وَإِنَّا عَلَى ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ"(المؤمنون ١٢)، موضحًا أنها آية عظيمة تدل على تدبير الله لشئون السماوات والأرض، وكيفية نشوء العواصف والرياح التي تحرك السحب، ثم تنزل الأمطار، فتجري الأنهار، وتنبت الزروع، وتتكون السلع، في حركة إلهية عظيمة أقام الله بها الكون وعمرانه.
وتوقف الأزهري عند قوله تعالى: "فَأَنْشَأْنَا لَكُمْ بِهِ جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ لَكُمْ فِيهَا فَوَاكِهُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ"(المؤمنون ١٩)، مشيرًا إلى أن الله تعالى يعدّد نعمه الجليلة، ثم خصّ بالذكر شجرة معينة بقوله: "وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْنَاءَ تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِلْآكِلِينَ"(المؤمنون ٢٠)، مؤكدًا أن الإشارة إلى "طور سيناء" لم تأتِ عبثًا، وإنما لتسلّط الضوء على المكانة العظيمة لهذه الأرض المباركة.
وأوضح وزير الأوقاف أن مصر لم تُذكر فقط خمس مرات في القرآن الكريم باسمها الصريح، بل وردت الإشارة إليها بالضمير نحو أربعين مرة، فضلًا عن أن سورًا بأكملها مثل الأعراف، وطه، والقصص، والشعراء، والنمل، تضمنت أحداثًا وقعت على أرضها، ولم يكتفِ القرآن بذلك، بل أشار إلى أماكن بعينها داخل مصر، ومنها سيناء، التي شرفها الله تعالى بذكرها في كتابه العزيز.
وانتقل الدكتور أسامة الأزهري إلى وقفةٍ أخرى عند قوله تعالى: "وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِالعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ" (المؤمنون ٧٦)، موضّحًا أنَّ الله تعالى أرشدنا إلى مفتاح رفع الكرب، وهو الاستكانة والتضرّع إلى الله.
وأكد وزير الأوقاف أن العالم اليوم يواجه أزمات غير مسبوقة، منها القضية الفلسطينية، والأزمة الاقتصادية العالمية، والحروب والنزاعات، مشيرًا إلى أن الحلَّ يكمن في أمرين أساسيّين، الأول: التوجيه، ويعني توجيه العقول إلى العلم، وفهم القوانين الدولية، والإدارة الحكيمة للأزمات، والثاني: التوجّه ويعني التضرّع إلى الله، والاستكانة إليه، كما قال تعالى: "فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ"(المؤمنون ٧٦).
وفي قول الله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا"(النُّور ٢٧)، شدّد وزير الأوقاف على أن حرمة البيوت عظيمة في الإسلام، فالاستئذان لا يعني مجرد طرق الباب، بل يشمل الاستئناس، أي التأكّد من أن أهل البيت مستعدون لاستقبال الزائر، وليسوا منشغلين أو متضايقين.
وأشار وزير الأوقاف إلى أن هذا الأدب النبوي يمكن تطبيقه في الحياة اليومية، حتى في استخدام الهاتف، فلا يجوز الاتّصال مرارًا وتكرارًا دون انتظار، بل ينبغي الاتصال مرة، ثم التريّث، ثم إعادة المحاولة بعد فترة، وعدم إحراج الآخرين بمكالمات متكرّرة دون ضرورة.
واختتم الدكتور أسامة الأزهري الحلقة بالتأمل في قوله تعالى: "اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ"(النُّور ٣٥)، موضّحًا أن النُّور هو جوهر الدين، فالله -سبحانه وتعالى- نور، وسيدنا النبي محمد ﷺ نور، والقرآن الكريم نور.