إيران ليست المحطة الأخيرة لأطماعهم، ولا يليق أن يكون هذا وقت مزايدة على إدارتها للمعركة أو شماتة في محنتها، هي في النهاية تخوض حربا وجودية ضد من يراهن على إفنائها لحسم هيمنته الكاملة على بلدان المنطقة دون شريك، ووقتها لن يجدي التنبه متأخرا لمقولة: "أكلنا يوم أكل الثور الأبيض".
الحديث علنا عن خوض حرب على ٧ جبهات لإعادة صياغة شرق أوسط جديد يفي بأحلام توسعهم، قائمة الأهداف تشمل أي دولة لا تخضع لما يتم رسمه للمنطقة في واشنطن وتل أبيب. في الطريق إلى إيران تهاوت عواصم وجيوش عربية، من بغداد مرورا بصنعاء وبنغازي إلى دمشق وحزب الله، وتشريد شعب فلسطين بأكمله واستباحة كل أرضه وحقوقه التاريخية، ولا يزال الزحف مستمرا دون رادع من مجتمع دولي بات عجزه وتواطؤه مفضوحا. المفارقة أن يجري ذلك تحت مزاعم زرع الديمقراطية وشعارات صحوة وربيع مزعوم، تجد سندا من مخدوعين كثر.
هذه استراتيجية أمريكا المعلنة منذ مطلع التسعينيات، بعد نجاحها في تفكيك الاتحاد السوفيتي وانفراط عقد بلدانه في ثورات ملونة توجت بسقوط سور برلين وإعلان واشنطن انفرادها دون منافس بالهيمنة على العالم، وفي القلب منه منطقة الشرق الأوسط مخزن وقود العالم، وتأكيدها أن على الجميع أن يرضخ لذلك، الحلفاء قبل الأعداء.
لن تقبل أمريكا وجود دولة خارج السيطرة تهدد مطامعها في المنطقة وفي العالم أجمع، هذا ما يشهد عليه تاريخ حروبها مع مصر ناصر ١٩٦٧، وتشيلي الليندي ١٩٧٣، وصولا إلى إيران الخميني الآن.
نسأل الله أن يهيئ لنا من أمرنا رشدا.