مع ارتفاع معدلات اضطرابات النوم في مختلف أنحاء العالم، باتت مشكلات النوم من القضايا الشائعة بين البالغين. ففي أستراليا مثلًا، أشار استطلاع حديث إلى أن نحو 48% من البالغين يعانون من صعوبات في النوم.
هذا الانتشار الواسع لمشاكل النوم دفع الباحثين إلى تسليط الضوء على العوامل المؤثرة، وعلى رأسها العادات الغذائية، التي تلعب دورًا مهمًا في عدد ساعات النوم وجودته.
وفي هذا الإطار، استعرض تقرير حديث نشرته صحيفة الجارديان العلاقة بين النظام الغذائي وصحة النوم.
* الأكل قبل النوم.. عادة مُضرة
يشير خبراء في علم النفس والسلوك الغذائي إلى أن الجسم غير مهيأ لهضم الطعام ليلًا، وأن تناول وجبة ثقيلة قبل النوم مباشرة يجبره على استهلاك طاقته في عملية الهضم، بدلًا من التركيز على الراحة.
هذا الأمر قد يؤدي إلى نوم متقطع وأحلام مزعجة، ويقلل من قدرة الجسم على الوصول إلى النوم العميق.
وينصح الخبراء بتناول آخر وجبة قبل ساعتين على الأقل من النوم، وتجنب التسالي أو الأطعمة الدسمة في وقت متأخر من الليل.
* وجبة العشاء: لا كبيرة جدًا ولا صغيرة جدًا
يوضح التقرير أن الوجبة الأكبر يُفضل أن تكون في منتصف اليوم، حيث يكون الجسم في أفضل حالاته لهضم الطعام، بينما يُستحسن أن تكون وجبة المساء أخف.
لكن في الوقت نفسه، لا يُنصح بأن تكون صغيرة للغاية حتى لا يشعر الشخص بالجوع في منتصف الليل ويستيقظ.
* ماذا نأكل على العشاء؟
يرى الأطباء والباحثون في مجال التغذية أنه لا توجد وصفة مثالية واحدة لوجبة العشاء، لكن بعض المكونات تلعب دورًا مهمًا في جودة النوم:
- الدهون: قد تساعد على الشعور بالشبع وتحسين النوم، لكنها ترتبط أحيانًا بقصر مدته.
- الكربوهيدرات: على عكس الشائع، بعض الدراسات تشير إلى أن تناولها في المساء قد يساعد على النوم بشكل أسرع.
- الخضروات: تظل الاختيار الأفضل، لأنها تُبطئ عملية الهضم وتمنح الجسم فرصة لامتصاص المغذيات، مما يقلل من احتمالية الاستيقاظ ليلًا بسبب الجوع.
* الغذاء أم الضوء؟.. العامل الحاسم في إنتاج الميلاتونين
يهتم البعض بتناول أطعمة تحتوي على عناصر مثل الأحماض الأمينية المرتبطة بإنتاج هرمون النوم الميلاتونين. ورغم أن بعض الدراسات تربط بين هذه العناصر وجودة النوم، يؤكد الخبراء أن التعرض للضوء يظل العامل الأكثر تأثيرًا في تنظيم إنتاج الميلاتونين ودورة النوم.
* علاقة متبادلة بين الأكل والنوم
يشير الباحثون في علوم النوم إلى أن العلاقة بين الغذاء والنوم متبادلة. فالأشخاص الذين ينامون بشكل سيئ غالبًا ما يتناولون وجبات متأخرة وغير صحية، بينما تؤدي هذه العادات نفسها إلى نوم أسوأ. أي أن الأمر لا يرتبط بوجبة واحدة فقط، بل بنمط حياة كامل.
* نمط حياة صحي = نوم صحي
يؤكد التقرير أن البحث عن نوم مريح لا يتحقق عبر وصفة سحرية أو مشروب بعينه، بل عبر ممارسات يومية متكاملة، تبدأ من:
اختيار وجبات متوازنة خلال اليوم، مرورًا بالحرص على النشاط البدني المنتظم، ووصولًا إلى الالتزام بروتين ثابت لمواعيد النوم والاستيقاظ. فالعلاقة بين الغذاء والنوم هي انعكاس لأسلوب حياة كامل.
وكلما كان يومك أكثر توازنًا وتنظيمًا، انعكس ذلك على جودة الراحة الليلية وعلى الصحة العامة للجسم والعقل.