رغم مرور عامين على وقوع الزلازل المدمرة التي أودت بحياة عشرات الآلاف من السكان في تركيا، لا يزال الركام متناثرا هنا وهناك في جميع أنحاء وسط مدينة أنطاكية التاريخي.
وضرب الزلزال، المدينة في فبراير، وأدى إلى مقتل 53 ألف شخص في تركيا وحدها، وبلغ عدد الوفيات 24 ألف شخص في ولاية حطاي التي تتبعها أنطاكية، وعلى صعيد تركيا تضررت 11 ولاية من جراء الزلزال، ولكن لم تشهد أيا منها هذا القدر من الدمار الذي لحق بحطاي.
وبعد مرور عامين على وقوع الزلزال، لا تكاد توجد أماكن في أنطاكية تستحق المعيشة فيها، ولا تزال عمليات التشييد جارية، حيث تهيمن على المشهد في وسط المدينة الحركة المستمرة في البناء، ويقول مكتب حاكم الولاية، إنه يجري حاليا بناء 64 ألف وحدة سكنية في الموقع.
ووصف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بفخر العمل الجاري في 11 ولاية ضربتها الزلازل، بأنه "أكبر موقع للتشييد على ظهر الأرض"، قائلا إن 160 ألف عامل يشاركون في عمليات البناء وفقا لإحصائية في أكتوبر 2024.
غير أن محمد زنشير الأمين العام للجمعية الطبية التركية، يقول إن عمليات التشييد تشكل تهديدا حقيقيا للسكان.
وأوضح أن مستويات التلوث بالأتربة في أنطاكية وغيرها من الأماكن عالية للغاية، ويمكن أن تسبب السرطان، متوقعا أيضا حدوث زيادة في أمراض الأوعية الدموية.
وقال إنه على المدى القصير يلاحظ وجود مزيد من الأشخاص الذين يعانون من متاعب الجهاز التنفسي مقارنة بالفترات السابقة، كما أن السكان الذين يعانون من المرض سيتعرضون بدرجة أكبر للمتاعب؛ بسبب المستويات العالية من تلوث الهواء.
كما أدت الكارثة إلى إحداث ندوب نفسية للسكان، فبعد وقوع الزلزال أمضى بعض الضحايا أياما، وهم مدفونين تحت أنقاض المباني المنهارة ويصيحون طلبا للمساعدة.
وفي تقرير أعدته عالمة النفس أليف أوزباكان، التي تعمل بمركز معالجة الصدمات بأنطاكية، ذكرت أن الأفكار الانتحارية ومحاولات الانتحار أصبحت شائعة بدرجة أكبر في المنطقة، كما زادت معدلات تعاطي المخدرات بدرجة كبيرة.
وقالت إن المشكلات في العلاقات الاجتماعية تفاقمت أيضا، مشيرة إلى مشكلة الأزواج الذين يعيشون في حاويات داخل مساحات صغيرة للغاية غالبا مع أطفالهم، بحيث لا توجد مساحات في أماكن إقامتهم تسمح لهم بالتمتع بلحظات من الهدوء والاسترخاء.
وقليلون من هم على استعداد للتنبؤ بالموعد الذي ستعود أنطاكية فيه إلى عهدها السابق المفعم بالحياة والحيوية.