السفير ياسر سرور: غياب الإرادة السياسية الإثيوبية بشأن التوصل لاتفاق ملزم سبب توقف المفاوضات
التحركات الدبلوماسية مستمرة لضمان حقوق مصر المائية
هناك غياب للدراسات الإثيوبية حول أمان سد النهضة
مصر ترفض التدخلات الخارجية في الأزمة السودانية وتدعم وحدة السودان
مخاطر تقسيم السودان لها تأثير محتمل على القرن الإفريقي والمنطقة بالكامل
قال السفير ياسر سرور مساعد وزير الخارجية لشئون السودان، إن المفاوضات بشأن سد النهضة الإثيوبي توقفت، لأننا لا يمكن أن تستمر في المفاوضات طالما أن هناك يقين بغياب الإرادة السياسية للتوصل لاتفاق ملزم، مؤكدا في الوقت ذاته أن التحركات المصرية على الصعيد السياسي مازالت جارية.
وأوضح خلال لقاء مع مجموعة مع الصحفيين، اليوم الأربعاء، أن المجتمع الدولي يعلم جيداً عدالة القضية لمصر، لأننا نطالب بتطبيق قواعد القانون الدولي التي تنظم استخدام الأنهار المشتركة، لذلك فإن التحركات الدبلوماسية المصرية مستمرة لم تتوقف لحظة واحدة.
وتابع أنه فيما يتعلق بالملف المائي الذي يجمع مصر والسودان فإنها مسألة وجودية تجمع الدولتين باعتبارهما دولتي مصب، كما أن مصر من أكثر المتضررين من أزمة نهر النيل لكون مصر تتلقي أكثر من 97% من مياهها عن طريق نهر النيل، وفي ظل انخفاض حجم الأمطار لذا فإن التنسيق مع السودان في هذا الملف أمر حتمي وهو يسير بشكل جيد أفضل مما مضي.
واعتبر أن جوهر المشكلة يكمن في غياب الإرادة السياسية لدى الإثيوبيين في التوصل إلى اتفاق ملزم، ذاكرا أن الدراسات التي عرضتها أثيوبيا حول السد غير مكتملة، قلم تقدم أديس أبابا أي دراسات حول أمان السد.
وأوضح أنه لا يوجد سد بلا آثار جانبية ولكن دور الاتفاق بين الأطراف المعنية يكمن في الحد من هذه الآثار السلبية لهذا السد، ولكن هذا لم يحدث، ذاكرا أن مصر دخلت في مفاوضات لمدة 12 سنة بحسن نية حتي نصل إلى اتفاق لملء وتشغيل هذا السد ولكن لم نصل إلى اتفاق، لأن ملف سد النهضة ملف مسيس وليس فقط به اختلاف على الجانب الفني.
وحول الوضع في السودان، قال السفير ياسر سرور، إن الجيش السوداني حقق تقدما ميدانيا مهم جداَ، موضحاً أنه بصدد السيطرة على الخرطوم بشكل كامل، وهو تطور مهم لأنه في فترات سابقة كان التقدم في بورتسودان والمناطق المحيطة بها.
وذكر أنه على الصعيد السياسي فإن السودان يرتبط ارتباط مباشر بالأمن القومي المصري، باعتباره دولة جوار جغرافي فضلاً عن العلاقة الخاصة التي تربط بين الشعبين المصري والسوداني، وكذلك الأمن المائي وملف مياه النيل والاستقرار في القرن الأفريقي والأوضاع في البحر الأحمر.
وأوضح أن التحركات المصرية في الملف السوداني تستند إلى أكثر من مبدأ منها؛ الحفاظ على وحدة وسلامة أراضي السودان وهو أمر غير قابل للتفاوض، والحفاظ على مؤسسات الدولة الوطنية السودانية، قائلا إن أي حل للأزمة السودانية لابد أن تأتي من السودانيين أنفسهم وليس من إملاءات أي قوى خارجية.
ودلل على ذلك بأن مؤتمر القوى السياسية السودانية الذي احتضنته القاهرة في يوليو الماضي، موضحاً أن مصر الدولة الوحيدة التي استطاعت أن تجمع هذا العدد من القوى السياسية السودانية هي مصر، وكان الغرض من الاجتماع هي أن تتفق القوى السياسية السودانية لرسم مستقبل البلاد دون الضغط أو أية إملاءات خارجية.
وأكد مساعد وزير الخارجية لشئون السودان أن مساعدة مصر للسودان على الصعيد السياسي أيضاً، تكمن في أن هناك عدة مبادرات دولية لم تكن السودان جزءاً منها، ولكن في ظل وجود مصر في هذه المبادرات فإننا نرفض أية إملاءات على الشعب السوداني، كما أنه على الصعيد الإنساني فإن بعض الدول تسعى لفرض شروط معينة على دخول المساعدات إلى السودان ولكن مصر تقف ضد هذه المسألة وتؤكد ضرورة دخول المساعدات بدون شروط.
كما تحدثت مصر مع الأشقاء في السودان حول فتح معبر أدري ومد فترة فتح هذا المعبر، موضحاً أن رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان قد مد فترة فتح المعبر في 15 فبراير الماضي لمدة ثلاثة أشهر، ونرحب بالخطوة ونسعى لمد فترة فتح المعبر.
وأشار إلى عمل مصر أيضا على تعزيز التواصل بين السودان ومنظمات الأمم المتحدة المتخصصة في البعد الإنساني، موضحاً أنه بفضل الجهود المصرية تم تأسيس مراكز إنسانية لتخزين المساعدات الاغاثية توزيعها للسودانيين.
وأضاف السفير ياسر سرور أنه من ضمن الملفات المشتركة أيضاً بين مصر والسودان أمن البحر الأحمر، والذي يتعلق أيضاً بالأمن القومي المصري، وحركة الملاحة في قناة السويس، مشيراً إلى التأثير السلبي للتحركات الأخيرة نتيجة للأوضاع في غزة، على حركة الملاحة في قناة السويس، كما أن الموقع الجغرافي للسودان يضيف إلى أهميتها في مسألة أمن البحر الأحمر.
بالنسبة لدور المنظمات الإقليمية فيما يتعلق بالوضع في السودان، قال السفير ياسر سرور إن مصر قد بذلت جهوداً مع الاتحاد الإفريقي أشاد به الجانب السوداني وأيضاً الأطراف الرئيسية الدولية الفاعلة في هذا الملف، أبرزها زيارة وفد مجلس السلم والأمن الأفريقي تحت الرئاسة المصرية إلى بورتسودان، ولقاء الوفد مع رئيس مجلس السيادة، وقد كانت زيارة إيجابية وبداية حقيقة لانخراط الاتحاد الإفريقي مع الحكومة في بورتسودان.
وأوضح السفير، أن بيان مجلس السلم والأمن للقمة التي عقدت في 14 فبراير الماضي، كان متوازن للغاية فيما يتعلق بالتطورات في السودان، كما تحرك مجلس السلم والأمن لرفض إعلان ميليشيا الدعم السريع وبعض القوى السياسية الموالية له الاعتزام عن تشكيل حكومة موازية والتوقيع على ميثاق تأسيسي في نيروبي.
وأوضح أن مصر اعترضت برفض تام على نقطتين أساسيتين في الميثاق التأسيسي في نيروبي والذي ينص على تأسيس حكومة موازية، وعقب بيان مصر صدرت بيانات من دول أخرى مثل السعودية وقطر والكويت لرفض الميثاق باعتباره تحرك كتمهيد لتقسيم السودان ويدخلها في حلقة على خطى السيناريو الليبي.
واعتبر أن الوضع في السودان أعقد بكثير من الوضع في ليبيا، لأنه إذا اعتبرنا أن الوضع في ليبيا معقد فإن ما سيحدث في السودان إذا تقسمت سيكون أعقد بكثير من ليبيا.
وتابع أن النقطة الثانية في الميثاق التأسيسي الذي ترفضها مصر أن الميثاق لم يذكر وحدة وسلامة السودان، ومنح بعض المؤشرات غير الإيجابية لأن وحدة وسلامة أراضي السودان أمر غير قابل للتفاوض بالنسبة لمصر.
وأوضح أن موقف المجتمع الدولي من التحرك كان متسقا مع الاتجاه العام برفض هذا التحرك، والذي تضمن بيان رئاسة مجلس الأمن لرفض تشكيل حكومة موازية وبيان بريطانيا، وبيان منفصل من الولايات المتحدة، وبيان الاتحاد الأوروبي.
وأشار إلى إجراء مصر اتصالات مكثفة مع سفراء الاتحاد الأوروبي، في إطار الاتصالات التي تقوم بها وزارة الخارجية وعلى رأسها وزير الخارجية والهجرة الدكتور بدر عبدالعاطي، لمناقشة الملف السوداني.
كما تواصل وزير الخارجية مؤخراً بمبعوثة الاتحاد الأوروبي للقرن الإفريقي في اتصال هاتفي بعد زيارتها لبورتسودان، موضحاً أن وزير الخارجية يقوم بجهد دولي لدعم الثوابت المصرية في السودان وخلق مناخ دولي مساند لها والمساعدة للتوصل لحل هذه الأزمة الخطيرة.
وحذر السفير من أن عملية انقسام السودان لن تتوقف عند حد دارفور إنما قد تنقسم السودان إلي عدة دول، نتيجة للتشابك القبلي، لذا فإن عملية تأثير الانقسامات في السودان ستمتد لمنطقة القرن الإفريقي بأكملها.
ونوه السفير ياسر سرور إلى أن هناك مؤتمراً سيعقد في بريطانيا 15 أبريل المقبل، بمشاركة واسعة لبحث أزمة السودان، وستشارك فيه مصر أيضاً للتأكيد على موقفها من الملف السوداني.
وأشار مساعد وزير الخارجية لشئون السودان إلى أن الجامعة العربية أصدرت قرارات سواء علي المستوي القمة أو وزراء الخارجية كلها تتسق بالموقف المصري تجاه السودان.
وأكد السفير أن السودانيين يريدون الاستفادة من الخطة المصرية لإعادة إعمار غزة بوضع خطة لإعادة إعمار السودان، موضحاً أن المركز المصري لحفظ السلام قد أجرى عدة دورات تدريبية لدبلوماسيين سودانيين لمناقشة إعادة الإعمار وإعادة تأهيل السودانيين على المستوي الاقتصادي والاجتماعي والسياسي لإعادة الإعمار وليس فقط من جانب إنشائي.
وذكر أن عملية عودة النازحين السودانيين تتعلق باستقرار الدولة، كما طالب المجتمع الدولي بالإيفاء بالتزاماته والتعهدات الدولية ليس فقط تجاه مصر إنما جميع دول جوار السودان