فلسطين ليست مأساة.. بل فرصة لإعادة تشكيل العالم.. وصمت المشاهير عن غزة تواطؤ والخوف على الامتيازات لا يبرر الخذلان
فى خطاب استثنائى ومؤثر ألقاه خلال الجلسة الافتتاحية لمؤتمر منظمة كاونترفاير Counter Fire الذى انعقد مؤخرًا، وجه الممثل والكاتب البريطانى من أصل مصرى خالد عبدالله، انتقادات حادة للإبادة الجماعية التى ترتكبها إسرائيل فى غزة، معتبرًا أنها تجسد لحظة احتضار للنظام العالمى الحالى، وتكشف هشاشته فى مواجهة القيم الإنسانية.
وانتقد الإبادة الجماعية التى تقوم بها إسرائيل فى غزة، وربطها بتفكك النظام العالمى، وصعود التيارات اليمينية المتطرفة، إضافة إلى تحديات اليسار فى مواجهة هيمنة الخطابات الشعبوية اليمينية المتطرفة التى تجتاح أوروبا وإسرائيل وأمريكا.
وعبر عن شعوره بالغضب واليأس، بسبب ما تشهده القضية الفلسطينية، ووقوف العالم متفرجًا.
قال عبدالله، إن ما يحدث فى غزة منذ 7 أكتوبر، والانحياز الغربى العلنى للاحتلال الإسرائيلى، جعله على وشك فقدان ثقته بالإنسانية فى العالم، لكنه أشار فى الوقت ذاته إلى أن فلسطين، بما تحمله من نضال وتاريخ وتضامن عالمى، قد تكون مفتاحًا لإعادة تشكيل الوعى الإنسانى العالمى، لا سيما لدى الأجيال الشابة، مشيرًا إلى أن غزة أحيت وعى الشعوب ووحدت إنسانيتهم ضد البربرية الإسرائيلية.
وعلق، قائلًا: «فلسطين ليست مجرد مأساة، بل فرصة لتشكيل وعى جديد، إنها نقطة التقاء بين العرب، والفلسطينيين، واليهود المناهضين للصهيونية، وحلفاء الإنسانية من شتى أنحاء العالم».
* أين الفنانون والمشاهير؟
- انتقد عبدالله صمت عدد من الفنانين والمشاهير والشخصيات العامة الذين يمتنعون عن الحديث عن غزة خشية فقدان امتيازاتهم أو تهديد مسيرتهم المهنية، واعتبر أن هذا الصمت يُعد شكلًا من أشكال التواطؤ.
وأكد أن المواجهة الثقافية أساسية، وأن الفنانين والمثقفين يتحملون مسؤولية مزدوجة هي: تفسير الواقع من جهة، والمشاركة الفاعلة فى تغييره من جهة أخرى.
وكان النجم الأمريكى روبرت دى نيرو، صرح فى مقابلة مع وكالة فرانس برس، إن العديد من نجوم هوليوود يشاركونه آراءه المنتقدة للرئيس الأمريكى دونالد ترامب، "لكنهم يترددون فى التعبير عن مواقفهم خوفا من رد فعله".
وأضاف "دى نيرو": "إن العاملين فى صناعة السينما فى هوليوود، لديهم شركات كبيرة، ويقلقون من غضب ترامب، وهنا عليهم أن يختاروا: الاستسلام أم قول لا له؟".
ووصف دى نيرو الرئيس ترامب بـ "الجاهل" فى خطابه، خلال افتتاح مهرجان كان السينمائي.
وقال دى نيرو: "فى الولايات المتحدة ندافع بشراسة عن الديموقراطية التى لا نزال نعتبرها مكسبا"، مؤكدا أن "الفنانين يشكلون تهديدا للطغاة والفاشيين فى العالم".
وفى خطابه، انتقد عبد الله غلبة الخطابات الشعبوية اليمينية المتطرفة فى دول العالم خاصة أوروبا وإسرائيل، وطالب بصياغة رؤى مستقبلية تتجاوز الواقع القائم، وتفكيك النظام النيوليبرالى الذى يسيطر على مفاصل العالم.
كما انتقد السياسات النيوليبرالية (نظام اقتصادى يروج لحرية السوق وتقليص دور الدولة) التى دمرت الخدمات العامة، وساهمت فى تفاقم التفاوت الطبقى، وشرعنة الاحتكار، وتحويل سوق العقارات إلى وسيلة للثراء بدلا من كونها حاجة إنسانية، وفق قوله.
وأشار إلى انهيار مفهوم الدولة ككيان يخدم مواطنيه، وتحوله إلى أداة لقمعهم أو تجاهل احتياجاتهم.
وخلال كلمته، قال أن التردد الذى يشعر به كثيرون، سواء فى التعبير أو الفعل، لمواجهة هؤلاء المتطرفين من التيارات السياسية الغربية، لا ينبع من الضعف، بل هو أحد أعراض غياب الشعور بالقوة الجماعية، ونتيجة مباشرة لفقدان البوصلة السياسية والأخلاقية فى عالم يتهاوى تحت ثقل تناقضاته.
وشدد عبدالله على أن التغيير يبدأ من خلال الانخراط الجماعى فى العمل السياسى والاجتماعى، رغم كل مشاعر العجز أو الشك، مؤكدًا أن هذه المشاعر لا تعنى الاستسلام بل هى مقدمة لفهم أعمق لما يجب فعله.
ودعا الممثل العالمى إلى التمسك بالأمل والانخراط الفعلى فى صنع التغيير، قائلًا: «علينا أن نتجاوز ترددنا لنتمكن من بناء العالم الذى نحلم به، العالم الذى يستحق أن نبذل كل جهد من أجله».