يبدو أن آلهة مصر القديمة ذات الشأن الرفيع حول العالم، على موعد في الجانب الشرقي الأعلى من منطقة مانهاتن في مدينة نيويورك بالولايات المتحدة الأمريكية، وتحديدا في متحف متروبوليتان للفنون.
ومن الجدير بالذكر أنه قد مرّ أكثر من 10 أعوام على المرة الأخيرة التي أقام فيها المتحف الشهير معرضا كبيرا عن مصر، لذلك فإن معرض "مصر الإلهية" - وهو استكشاف سخي لكيفية تجسيد المصريين القدماء لآلهتهم – هو حدث رئيسي، كما يتضح من خلال حجم الحشود التي يعج بها المعرض منذ انطلاقه في 12 أكتوبر الجاري.
ورغم كل شيء، فإن عددا قليلا فقط من المحاور هي التي من شأنها أن تثير حماس رواد المتاحف، ومن بينها "مصر القديمة"، بحسب ما توضحه ديانا كريج باتش، الأمينة في متحف متروبوليتان، وتحديدا في الفن المصري.
وتقول باتش: "إنها أول ثقافة عريقة ندرسها في المدرسة. فالأهرامات، والمومياوات، ومقبرة توت عنخ آمون العظيمة... تعد كلها جزءا من ثقافتنا الشعبية، وكتبنا، وأفلامنا، - وفي الوقت الحالي - ألعاب الفيديو التي نمارسها أيضا".
وتأمل باتش في أن يتعرف زوار المعرض على شيء أكثر عمقا من مجرد معرض "مصر الإلهية"، الذي يستكشف كيفية تصوير المصريين للآلهة، سواء كانوا من الملوك والملكات أو كانوا من عامة الشعب، وذلك ليس فقط في المعابد التي يمكن أن يذهب إليها الملوك أو الكهنة فقط، ولكن خلال ممارسة طقوس العبادة اليومية للأفراد العاديين.
لقد استمرت الحضارة المصرية القديمة لنحو 3000 عام؛ ويتناول المعرض - الذي من المقرر أن يستمر حتى يناير المقبل - جميع الفترات الزمنية التي مرت بها تلك الحضارة العريقة، حيث يضم أكثر من 200 قطعة أثرية مميزة، تتنوع بين التماثيل الضخمة المصنوعة من الحجر الجيري، وتلك الذهبية الصغيرة. كما يشمل المعرض 140 عملا من مجموعة متحف متروبوليتان، بالإضافة إلى أعمال أخرى مُعارة من متاحف حول العالم.
وتقول باتش، التي قادت وكالة "أسوشيتد برس" للأنباء في جولة قامت بها مؤخرا، "إن المشهد الإلهي لمصر القديمة يعج بالآلهة، التي يبلغ عددها في الواقع 1500 إذا أردنا أن نحصيها كلها". ويركز المعرض على 25 إلها رئيسيا.
وحتى رغم تقليص العدد إلى 25 إلها فقط، كان البحث مرهقا جدا، وذلك لأن الحصول على مواد البحث والمعلومات النصية الخاصة بعلم المصريات، يكون بصورة مجزأة. والأهم من ذلك، هو أن المصريين استمروا في إدخال آلهة جديدة، أو إعطاء الآلهة الموجودة بالفعل أدوارا جديدة. وفي هذا الشأن تقول باتش: "هذا ما يجعل الأمر مشهدا معقدا للغاية، ولكنه ساحر".
ويعد أحد الأهداف هو توضيح فكرة للزوار، تفيد بأن جميع هذه المعروضات تتعلق "بكيفية ارتباط المصريين القدماء بعالمهم. لقد كانت تلك الآلهة هي الطريقة التي يتوصلون من خلالها لحل لمشاكل الحياة والموت والمعنى - وهي مشاكل ما زلنا نحاول حلها في يومنا الحالي".
بعض النقاط البارزة في المعرض:
تحيات افتتاحية من آمون رع والملك توت
قد يظن المرء أن الملك الذي توفي في ريعان شبابه توت عنخ آمون، والمعروف أيضا باسم الملك توت، سيكون نجم أي حفل، وذلك نظرا للثروات المذهلة التي عرفها العالم من مقبرته. ولكن يظهر في منحوتة تستقبل الزوار، وهي من متحف اللوفر في باريس، إله الشمس آمون رع وهو يجلس على العرش، ويقدم الفرعون الأصغر حجما تحت ركبتيه - وهو بالأحرى يقوم بحمايته - ويداه مستريحتان على كتفيه الصغيرين.
ويتم التعرف على الإله من خلال تاجه الريشي ولحيته المجعدة والتنورة الإلهية والمجوهرات - وهو بالتأكيد نقطة الجذب الرئيسية. وقد كان آمون رع يعبد في مجمع معبد الكرنك. ويشار إلى أن كلمة "رع" الموجودة في اسمه تربطه بشكل وثيق بالشمس.
التعبير عن الإلهين حورس وحتحور
ويركز المعرض الأول من بين خمسة معارض، وهو يحمل اسم "التعبير الإلهي"، على إلهين رئيسيين، وهما "حورس" و"حتحور". عادة ما يتم تجسيد حورس على شكل صقر له تاج مزدوج، فيما يدل على أنه ملك مصر ومرتبط بالملك الحي. ولكن حتحور، التي ترمز إلى الخصوبة والموسيقى والدفاع، إلى جانب أمور أخرى، يتم تجسيدها في أشكال عديدة، من بينها البقرة، وشكل برأس أسد، أو الكوبرا.
حاكم الكون: إله الشمس رع
يسلط هذا المعرض الضوء على الإله الأهم، رع، الذي تشمل نطاقاته الشمس والخلق والحياة والبعث. وعادة ما يتم دمج رع مع آلهة أخرى. وتوضح باتش أن "رع يحكم العالم - إنه مصدر النور والدفء".
ويتم تجسيده في هذه الغرفة على هيئة "خنفساء" عملاقة. وتشير باتش إلى أن "هذه تكون ملامحه في الصباح... يُرى كخنفساء تقوم بإخراج الشمس من العالم السفلي وتدفعها إلى السماء".