- انهيار العقار ابتدى بصورة زيزو.. والقدر لم يسعف سمير للنزول من العقار
في قلب حي السيدة زينب لم يعد هناك شيء يذكر من عقار نور الشريف سوى أنقاض مبعثرة، وبقايا حكايات لم تكتمل وسط هذه الركام، رحل سمير تامر طالب الثانوية العامة الذي اختار أن يبتسم في آخر لحظة، كأنما أراد أن يُودّع الحياة مبتسمًا، غير مدرك أن ضحكته لوالديه من شرفة شقته ستكون المشهد الأخير في روايته القصيرة.
قال والد الطالب سمير بحرقة وهو يروي قصة العقار: "كنا أبلغنا عن رائحة كريهة وأعطال في شقة الدور الأرضي، وجاء مهندس وطلب إخلاء جزء من العقار، وبعدها جه مهندس تاني وقال لا ممكن يتصلح.. هنحط خشب في الواجهة وهنكس البيت وعادي يتسكن وقالوا: مش هيقع"؛ فاطمأن السكان وعادوا من سكن بالخارج وكذلك أعاد الأستاذ تامر أبنائه إلى سكنهم.. ولم يكن يعلم أنه أعادهم إلى الوداع الأخير.
وفي حواره مع جريدة "الشروق"، تابع والد الطالب سمير: "ابني كان قاعد عند جدته من فترة، ولما قرب يوم الحادث قرر يرجع يقعد معانا في البيت.. يومها، كلمته بعد صلاة العشاء، وسألته: يا ابني صليت؟ قالي: صليت يا بابا وداخل أذاكر.. وبعدها والدته دخلت له بالأكل".
وأضاف الوالد: "وقت الحادث كنا قاعدين على القهوة اللي قصاد البيت، وفجأة لاحظت إن صورة اللاعب زيزو اللي كانت على حيطة العقار اتهزت، قلبي وقع، على طول كلمت ابني وقلت له انزل يا سمير لأني كنت عارف إن البيت مش آمن.. خرج يبصلي من البلكونة وضحكلي أنا وأمه، ودي كانت آخر مرة أشوفه، بعدها بثواني العقار كله نزل على الأرض وبقى تراب، وآخر حاجة شُفناها من سمير كانت ضحكته".
وأكد والد الضحية، أنه لن يترك حق ابنه، مشددًا على أنه سيدلي بأقواله كاملة أمام النيابة العامة، ويكشف كل ما حدث بالتفصيل.
وأوضح أنه سيتقدم بشكوى رسمية إلى النيابة الإدارية ضد كل من المهندسين في الحي، محمّلًا إياهم مسئولية ما وصفه بـ"الكارثة" التي راح ضحيتها ابنه وجيرانه في العقار.
أما عن سمير، يقول الأب: "كان ابني شابًا لا يترك فرضًا، وعلامة الصلاة مرسومة على جبينه مذ أن كان صغيرًا".
وأضاف الوالد، أنه وعد ابنه بهاتف "آيفون" إن حقق درجات مرتفعة، فرد عليه بثقة: "مش عايز موبايل، عايز أروح عمرة".
ضحكة سمير لا تزال في ذاكرة والده، وصوته لا يزال يدوي في قلب أمه، لكن الجدران التي خذلتهم كانت أقسى من كل الحكايات.
ووقع الحادث، وقع في الساعة الأولى من صباح الأربعاء الماضي، بأحد شوارع حي السيدة زينب المتفرع من شارع قدري، حيث انهار عقار قديم يُعرف إعلاميا باسم "عقار نور الشريف"، وأسفر عن وفاة 8 أشخاص وإصابة 3 آخرين، وسط حالة من الحزن والذهول خيمت على سكان المنطقة.