كشف تحقيق أجرته وكالة "أسوشيتد برس" الأمريكية عن استخدام جيش الاحتلال الإسرائيلي بشكل منهجي للمدنيين الفلسطينيين كدروع بشرية خلال العمليات العسكرية في قطاع غزة، وهو ما يُعد انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني.
وفقًا لشهادات جمعتها الوكالة الأمريكية من سبعة فلسطينيين تعرضوا لهذا الاستخدام، بالإضافة إلى إفادات من جنود إسرائيليين سابقين، فإن هذه الممارسة أصبحت شائعة منذ اندلاع الحرب في أكتوبر 2023، وتكثفت خلال عام 2024.
وقال أحد الجنود الإسرائيليين، الذي تحدث بشرط عدم الكشف عن هويته، إن الأوامر باستخدام المدنيين كدروع بشرية كانت تصدر من مستويات قيادية عليا، وهذه الممارسة كانت تُعرف داخل الجيش باسم "بروتوكول البعوض".
من بين الحالات الموثقة، أفاد أيمن أبو حمدان، 36 عامًا، بأنه احتُجز لمدة أسبوعين ونصف في صيف 2024، وأُجبر على دخول منازل وأنفاق في غزة للتأكد من خلوها من المتفجرات أو المسلحين، بينما كان الجنود الإسرائيليون يراقبونه من الخلف.
في حادثة أخرى، أوضح مسعود أبو سعيد، 36 عامًا، أنه استُخدم كدرع بشري لمدة أسبوعين في مارس 2024 في مدينة خان يونس، حيث أُجبر على دخول مبانٍ ومستشفى للبحث عن أنفاق محتملة، بينما كان يرتدي سترة إسعاف لتسهيل التعرف عليه.
قال الجنديان الإسرائيليان اللذان تحدثا إلى وكالة أسوشيتد برس -وثالث قدم شهادة لمنظمة "كسر الصمت"- إن القادة كانوا على دراية باستخدام الدروع البشرية وتسامحوا معه، بل وأصدر بعضهم أوامر بذلك. وقال البعض إنه كان يُشار إليه باسم "بروتوكول البعوض"، وإن الفلسطينيين كانوا يُطلق عليهم أيضًا اسم "الدبابير" وغيرها من المصطلحات المهينة.
قال الجنود -الذين قالوا إنهم لم يعودوا يخدمون في غزة- إن هذه الممارسة سرّعت العمليات، ووفرت الذخيرة، وجنبت الكلاب القتالية الإصابة أو الموت.
في المقابل، زعم جيش الاحتلال الإسرائيلي، بأنه يحظر استخدام المدنيين كدروع بشرية، وأنه يحقق في عدة حالات مزعومة، دون تقديم تفاصيل إضافية.
من جهتها، أدانت منظمات حقوق الإنسان، مثل "كسر الصمت"، هذه الممارسات، ووصفتها بأنها فشل أخلاقي ونظامي، مشيرة إلى أن هذه الانتهاكات ليست حالات فردية بل جزء من سياسة ممنهجة.
يُذكر أن المحكمة العليا الإسرائيلية حظرت استخدام المدنيين كدروع بشرية في عام 2005، إلا أن الشهادات الحديثة تشير إلى استمرار هذه الممارسة خلال النزاع الحالي في غزة.