أزمة مياه تفاقمت مع نزوح أعداد جديدة من مدينة غزة إلى المواصي
الأطفال أصيبوا بالجفاف والأمراض المعدية
يقضي النازحون فترات طويلة تمتد 5-6 أيام دون مياه
تعيش منطقة المواصي غربي مدينة خان يونس الواقعة جنوب قطاع غزة، سياسة تعطيش إسرائيلية تفاقم من معاناة نحو مليون فلسطيني نزحوا إليها على مدار أشهر حرب الإبادة الجماعية، التي تواصل تل أبيب شنها منذ نحو عامين.
يترافق ذلك مع سياسة تجويع مُمنهجة تهدف إلى خنق الفلسطينيين وتجريدهم من أبسط مقومات ومظاهر الحياة.
كما تتعرض المنطقة لهجمات إسرائيلية متكررة، سواء بالمقاتلات الحربية أو بالمسيرات التي تطلق نيرانها وتُلقي قنابلها صوب خيام النازحين ما يسفر عن استشهاد وإصابة الآلاف منهم.
ورغم هذه الظروف القاسية، إلا أن إسرائيل تواصل الترويج للمواصي زاعمة أنها منطقة "إنسانية وآمنة"، حيث تنذر فلسطينيي مدينة غزة بالنزوح إليها.
وتأتي هذه الأزمة، في ظل مواصلة جيش الاحتلال الإسرائيلي تدمير مصادر المياه، حيث استهدف منذ 7 أكتوبر 2023 نحو 112 مصدرا لتعبئة المياه العذبة، ودمر 720 بئر مياه وأخرجها عن الخدمة، وفق إحصائية للمكتب الإعلامي الحكومي نشرها في يوليو الماضي.
ووفق آخر تقديرات للمكتب الحكومي بغزة، فإن منطقة المواصي جنوبي القطاع، والتي تفتقر بشكل كامل إلى مقومات الحياة الأساسية، تضم نحو مليون فلسطيني.
مشهد متكرر
وفي مشهد متكرر، يقف أطفال ونساء بمنطقة المواصي في طوابير طويلة أمام عبوات بلاستيكية فارغة على أمل الحصول على كميات محدودة من المياه.
ويعتمد النازحون على عربات متنقلة تصل إلى المنطقة كل عدة أيام لتزويدهم بالمياه، وسط أزمة خانقة يعيشها القطاع.
ويشكو الفلسطينيون بالمواصي من ندرة المياه سواء الصالحة للشرب أو المخصصة للنظافة الشخصية وأعمال التنظيف اليومية.
تكدس النازحين
يقول أحد النازحين (لم يذكر اسمه) في المواصي، إن حالة التكدس في هذه المنطقة خاصة خلال الأسابيع الأخيرة مع توافد عشرات الآلاف من الفلسطينيين إليها، فاقم من أزمة المياه الموجودة أصلا.
وتابع في حديثه للأناضول: "منذ بداية الإبادة ونحن نعاني من قلة المياه وندرتها في المواصي".
وأوضح أنه بالتزامن مع نزوح الفلسطينيين من مدينة غزة، وتكدس هذه المنطقة بشكل كبير، تفاقمت أزمة المياه خاصة النظيفة الصالحة للشرب.
وشهد الأسبوعين الأخيرين، حركة نزوح من مدينة غزة إلى مناطقها الجنوبية وذلك بالتزامن مع اشتداد الهجمات الإسرائيلية منذ 11 أغسطس الماضي ضمن مساعي الجيش لاحتلال المدينة.
وحذر النازح الفلسطيني من أن الأطفال في هذه المنطقة يعانون من الجفاف جراء نقص المياه، إضافة إلى الأمراض المُعدية جراء انعدام النظافة الشخصية والعامة لندرة المياه.
وطالب بحل هذه الأزمة وإنقاذ الفلسطينيين من مخاطر حقيقية وذلك من خلال تزويد المنطقة بخزانات المياه وضخها بشكل دوري إلى هناك، مناشدا المجتمع الدولي والدول العربية بالتحرك.
أيام بدون مياه
بدوره، يقول نازح آخر (فضل عدم ذكر اسمه)، في مخيم "النجاة" بالمواصي، إن النازحين في المنطقة يمضون نحو 5-6 أيام دون الحصول على مياه نظيفة صالحة للشرب.
وأفاد بأن أزمة المياه تفاقمت بشكل ملحوظ، مع ازياد أعداد النازحين في مخيمات المواصي، لافتا إلى أن مخيم النجاة يضم أكثر من 60 عائلة بواقع نحو ألف و200 فرد.
وعن الاكتظاظ، قال إن المسافة بين الخيمة والأخرى داخل هذا المخيم لا تتجاوز 25 سنتيمترا.
وأشار النازح الفلسطيني إلى أنهم يضطرون، بسبب ندرة المياه، إلى اقتسام الكميات القليلة داخل خيام النزوح حيث لا يكفي ما يحصلون عليه من عربات التوزيع إلا لفترة بسيطة.
وأضاف أن الأزمة لا تقتصر على توفر مياه الشرب، بل أجبرتهم على ارتداء ملابس متسخة لعدم توفر مياه الغسيل.
وفي 4 أغسطس الماضي، حذر مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، من أن الأغلبية الساحقة من فلسطينيي قطاع غزة غير قادرين على الوصول إلى مياه الشرب وخدمات الصرف الصحي.
وقدر المكتب الأممي مواجهة نحو 96% من الأسر الفلسطينية بغزة انعدام الأمن المائي، فيما يصنف نحو 90 بالمئة من الفلسطينيين بأنهم غير قادرين على الوصول إلى مياه الشرب.
ومنتصف ذات الشهر، حذرت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، من خطورة الأوضاع الإنسانية "المأساوية" بغزة بالتزامن مع ارتفاع درجات الحرارة وتفاقم أزمة نقص المياه.
ولأكثر من مرة، حذرت بلديات القطاع ومؤسسات حقوقية وحكومية من مخاطر نقص المياه الناجم عن الاستهداف الإسرائيلي الممنهج لمصادر المياه في القطاع ضمن سياسة "التعطيش".
وبدعم أمريكي، ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر 2023 إبادة جماعية بغزة، تشمل القتل والتجويع والتدمير والتهجير القسري، متجاهلة النداءات الدولية كافة وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها.
وخلفت الإبادة 65 ألفا و344 شهيدا و166 ألفا و795 مصابا، معظمهم أطفال ونساء، ومجاعة أزهقت أرواح 442 فلسطينيا بينهم 147 طفلا.