مدحت نافع وإبراهيم عيسى يفكّان شفرة العلمين في «لدي أقوال أخرى» - بوابة الشروق
السبت 27 سبتمبر 2025 10:35 م القاهرة

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

ما هي توقعاتك لقمة الأهلي والزمالك المقبلة؟

مدحت نافع وإبراهيم عيسى يفكّان شفرة العلمين في «لدي أقوال أخرى»

شيماء شناوي
نشر في: الخميس 25 سبتمبر 2025 - 2:03 م | آخر تحديث: الخميس 25 سبتمبر 2025 - 2:03 م

استضاف الإعلامي إبراهيم عيسى، ضمن برنامجه الإذاعي "لدي أقوال أخرى" على شبكة "نجوم إف إم"، الخبير الاقتصادي والروائي الدكتور مدحت نافع، لإجراء حوار شيق حول كواليس تأليف أحدث أعماله الإبداعية، رواية «شفرة العلمين»، الصادرة عن دار الشروق.

وأضاف عيسى واصفًا بنية العمل: «هذه رواية يصعب حصرها في إطار واحد؛ فهي تاريخية بكل تفاصيلها، وفي الوقت نفسه تحمل الطابع العسكري والحربي، ويمكن أن تُقرأ كرواية بوليسية أو مخابراتية، بل حتى رومانسية. إنها رواية مُصنَّعة بمهارة لتجمع بين كل هذه العناصر معًا».

وأوضح أن أحداث الرواية تنطلق من لندن وتعود إلى القاهرة في أربعينيات القرن الماضي، حيث تقدّم حكاية واسعة الأفق عبر شخصيات من ثقافات مختلفة كـ إيطاليا وألمانيا ومصر. فنجد بين ثناياها مصرياً يعمل مع الحكومة البريطانية، وآخر يناقش تشرشل ويؤدي دوراً محورياً.

وحول نجاح الرواية في تجنب الوقوع في حالة الاستنفار أو التحريض ضد الغرب، بل وطرحها لصورة تعاون بين عالم مصري هو الدكتور حسن وبين بريطانيا، على الرغم من كونها دولة محتلة لبلاده، إذ يقدّم لها اكتشافًا قادرًا على تغيير مسار الحرب، طرح عيسى تساؤله على نافع عما إذا كان قد خشي أن يُفهم ذلك باعتباره ترويجًا لمسار من التعاون مع المستعمر.

أجاب نافع موضحًا أن الأمر في النهاية يرتبط بالتمييز بين الفاشية والنازية من جهة، والحلفاء من جهة أخرى؛ فمصر حين انحازت إلى الإنجليز لم يكن ذلك حبًا فيهم أو انتصارًا للمستعمر، بل لأن هذا الاستعمار نفسه هو الذي أتاح لاحقًا إمكانية الجلاء وإنهاء الاحتلال. وأضاف أن المصريين استفادوا كذلك من بعض الدروس العملية، مثل التنظيم في المؤسسات الحكومية، مؤكدًا أن الاحتلال البريطاني لم يكن مدمّرًا بالقدر الذي فعلته احتلالات أخرى في دول مختلفة.

واستدرك قائلاً إن ذلك لا يعني أبدًا أن الاحتلال أمر جيّد، لكنه واقع بلا مثالية؛ ومن هنا لم يقصد أن يكتب عن إنجلترا كنموذج مثالي، بل قصد إلى العلم ذاته، لأن العلم هو الذي يحسم الحروب ويصنع الفارق، كما حدث مع الحلفاء، وكما فعلت الولايات المتحدة التي بسطت هيمنتها على العالم بفضل امتلاكها للعلم قبل أي شيء آخر.

وحول سؤالًا طرحه «عيسى» عن طبيعة الكتابة وكيفية إنجاز هذا العمل الذي بدا أقرب إلى عملية بحث واسعة، أجاب نافع بأن كتابة «شفرة العلمين» كانت بالفعل بمثابة مشروع بحثي متكامل، امتد إلى كل تفصيلة من تفاصيل الرواية: من تحديد الحقبة الزمنية إلى نوع السيارات المستخدمة آنذاك، مرورًا بوصف الأمكنة قبل الحرب وبعدها، مؤكدًا أن التحدي الأصعب في كتابة الرواية التاريخية هو الانفصال عن إيقاع الحياة المعاصرة والقدرة على استعادة لغة الماضي.

وفيما يتعلق بتقنية الرواية وشخصياتها، أشار مدحت نافع إلى أن بعض الأبطال شخصيات حقيقية، مصرحاً: "لا أستطيع العبث بها"، ومؤكداً أنه لا يغيّر الخط الرئيس للرواية أو النهايات التاريخية؛ لأنها معلومة للقارئ. ورغم أن العديد من كُتّاب الرواية الغربيين يميلون إلى تغيير الأحداث التاريخية وفقاً لرؤيتهم، فإنه لا يفضل هذا الأسلوب.

وأكد «نافع»، أن الحرب العالمية كانت نقطة فاصلة في التاريخ الإنساني، تمامًا كما شكّل وباء كوفيد-19 عام 2020 علامة لا تُمحى في الذاكرة المعاصرة، فكما غيّرت الحرب موازين القوى، وأعادت تشكيل الخرائط السياسية، ودفعت البشرية إلى إعادة التفكير في معنى السلام والاستقرار، جاء الوباء ليكشف هشاشة العالم أمام خطر غير مرئي، ويدفع المجتمعات إلى مراجعة أنماط حياتها واقتصاداتها ونُظمها الصحية، مؤكدًا أنه في الحالتين، لم يعد العالم بعدها كما كان قبلها، وكأن البشرية تُسجّل تاريخها على هيئة محطات كبرى تُقسم الأزمنة إلى "ما قبل" و"ما بعد".

وعن وجهة نظر الدكتور مدحت نافع، وكيف كان ينظر إلى معركة العلمين قبل الشروع في الكتابة ثم بعدها؟، أوضح أن رؤيته اتسعت لأبعادها المختلفة، خصوصًا في الفترة ما بين أكتوبر ونوفمبر 1942 التي شهدت أشد فصولها احتدامًا، مؤكدًا أنها كانت المعركة التي أجهضت الطموح الألماني في السيطرة على مصر وقناة السويس والشرق الأوسط، باعتبارها الرافد الأساسي للمؤن واستمرار الحرب.

وأشار إلى أن معركة العلمين يمكن مقارنتها بمعركة ستالينجراد، بل تُصنَّف ضمن المعارك المفصلية التي تُغيّر قواعد اللعبة في الحروب الكبرى. وأضاف أنه كان حريصًا على فك بعض طلاسم هذه المعركة العظيمة؛ فمن وجهة نظره لم يكن رومل بالشخصية السهلة التي تُهزم على يد المارشال مونتجمري، معتبرًا أن تلك الهزيمة حملت شيئًا من الغموض والارتباط الخاص، وكانت هي الشرارة الأولى لكتابة الرواية.

ولفت نافع إلى أن تفكيره وتأثره بالتجربة العسكرية لوالده جعلاه يرى في هذه الهزيمة لغزًا، بينما لم يلتفت الكثيرون إلى هذا الجانب الغامض من معركة العلمين.

وحول النهايات المبتورة أو المجهضة للعلاقات العاطفية في الرواية، أوضح نافع أن ذلك يعود إلى اضطراب تلك الحقبة التي وصفها بأنها شديدة القسوة، حيث شهدت سقوط ملايين القتلى. وشبَّه تلك المرحلة بما شهده العالم خلال جائحة كورونا، من اضطرابات عاطفية حتى بين أفراد العائلة الواحدة، معتبرًا أن القسوة الجماعية للأحداث الكبرى تنعكس بالضرورة على تفاصيل العلاقات الإنسانية. ولفت إلى أنه كتب الرواية خلال سنوات كوفيد، مستغرقًا نحو أربع سنوات في إنجازها، ليخرج النص محمّلًا بهذا التداخل بين التجربة الإنسانية والتاريخية.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك