مروان البرغوثي.. الأسير الذي يخشاه الاحتلال ويجمع عليه الفلسطينيون - بوابة الشروق
الأحد 26 أكتوبر 2025 8:45 ص القاهرة

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

برأيك.. هل تنجح خطة الـ21 بندًا لترامب في إنهاء حرب غزة؟

مروان البرغوثي.. الأسير الذي يخشاه الاحتلال ويجمع عليه الفلسطينيون

سوزان سعيد
نشر في: السبت 25 أكتوبر 2025 - 6:19 م | آخر تحديث: السبت 25 أكتوبر 2025 - 6:19 م

في ظل تصاعد الحديث عن صفقة تبادل الأسرى المرتقبة، عاد اسم مروان البرغوثي، القيادي البارز في حركة فتح، إلى الواجهة مجددًا. الأسير الذي يقضي أكثر من مئة عام خلف قضبان الاحتلال الإسرائيلي، بات محور نقاشات دولية بعد أن كشف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في مقابلة مع مجلة تايم أنه "سيتخذ قرارًا بشأنه"، عقب طرح اسمه قبل دقائق من اللقاء، في إشارة إلى نية واشنطن مخاطبة تل أبيب حول إمكانية الإفراج عنه.

التصريحات الأمريكية أعادت الأمل إلى عائلة البرغوثي، حيث وجهت زوجته فدوى البرغوثي رسالة مباشرة إلى ترامب قالت فيها: "السيد الرئيس، شريك حقيقي بانتظارك؛ شريك يمكنه المساعدة في تحقيق الحلم الذي نتشاركه بالسلام العادل والدائم في المنطقة. من أجل حرية الشعب الفلسطيني والسلام للأجيال القادمة، ساعد في إطلاق سراح مروان البرغوثي".

لكن في المقابل، سارع وزير الأمن القومي الإسرائيلي إلى الرد عبر منصة "X"، مهاجمًا الدعوات الأمريكية ومؤكدًا رفض الإفراج عنه، واصفًا البرغوثي بأنه "قاتل نازي بغيض" على حدّ تعبيره، زاعمًا أن "دماء النساء والأطفال" على يديه، ومضيفًا: "لن نُفرج عنه، ولن يحكم الضفة الغربية ما حيينا".

فمن هو مروان البرغوثي الذي يخشاه الاحتلال إلى هذا الحد؟ ولماذا يُعد اسمه الأكثر حساسية في أي صفقة تبادل محتملة؟


- الاعتقال منذ الثانوية العامة

وُلد مروان البرغوثي في قرية كوبر عام 1959، واعتُقل للمرة الأولى عام 1978 لمدة 4 سنوات ونصف، بتهمة النشاط ضد الاحتلال الإسرائيلي. حصل على الثانوية العامة داخل السجن، وسجل في الجامعة، والتحق بدورات في الإنجليزية والعبرية والفرنسية. كما حصل على ماجستير في العلاقات الدولية من جامعة بيرزيت، وانتُخب رئيسًا لمجلس طلبة الجامعة ثلاث مرات متتالية.

- من الشيوعية إلى المقاومة المسلحة مع فتح

في سنواته المبكرة، انضم البرغوثي إلى الحركة الشيوعية المحلية التي تأسست على مبدأ إنهاء الاحتلال بدون عنف، إلا أنه تيقن لاحقًا أن المقاومة المسلحة هي السبيل الوحيد لنهاية الاحتلال، لينضم إلى حركة فتح، الفصيل السياسي الفلسطيني الأبرز، والتي كانت آنذاك تنفذ عمليات عسكرية ضد الاحتلال، ما أدى إلى حظرها من قبل إسرائيل، وفقًا لكتاب المخابرات الإسرائيلية وانتفاضة الأقصى للمؤلف قصي عدنان عباسي.

كان لمروان دور بارز داخل الحركة، ليس على مستوى مقاومة الاحتلال فقط، بل على المستوى التنظيمي والإداري أيضًا، ما زاد من شعبيته داخل "فتح"، وانتُخب عام 1989 عضوًا في المجلس الثوري للحركة، وفي عام 1994 بالإجماع أمينًا لسر الحركة في الضفة الغربية.

- تأسيس الجناح العسكري "التنظيم"

في عام 1995 أسس البرغوثي "التنظيم"، وهو جناح عسكري تابع لحركة فتح شارك لاحقًا في انتفاضة الأقصى بالقيام بعدة عمليات ضد الاحتلال الإسرائيلي، أولًا في الأراضي الفلسطينية ثم داخل الخط الأخضر.

وفي عام 1996 انتُخب عضوًا في المجلس التشريعي الفلسطيني، ليصبح تلقائيًا عضوًا في المجلس الوطني الفلسطيني والمجلس المركزي لحركة فتح. وبحلول نهاية التسعينيات، كان قد بنى شبكة سياسية وقاعدة جماهيرية جعلته حليفًا لا غنى عنه للرئيس الراحل ياسر عرفات.

- مشارك ومتحدث باسم الانتفاضة الفلسطينية الثانية

مع اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية في 28 سبتمبر 2000، قاد البرغوثي الاحتجاجات التي واجهت الجنود الإسرائيليين. وفي مقال رأي كتبه لصحيفة واشنطن بوست في يناير 2002، سلط الضوء على سجله في تعزيز السلام والتعاون مع إسرائيل، لكنه أبدى أن موقفه تغير بسبب العنف الإسرائيلي، قائلًا: "أحتفظ بالحق في حماية نفسي، ومقاومة الاحتلال الإسرائيلي لبلدي، والقتال من أجل حريتي... أنا لست إرهابيًا، ولكنني لست مسالمًا أيضًا".

أصبح مروان المتحدث غير الرسمي باسم انتفاضة الأقصى، والمطلوب رقم (1) لجيش الاحتلال بوصفه "قائد كتائب الأقصى"، فيما اعتبره البعض خليفة للرئيس ياسر عرفات.

- ينتقد السياسة الأمريكية المنحازة للاحتلال

في عام 2001 أعلن الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة أن واشنطن ترغب في أن "تتعايش دولتا إسرائيل وفلسطين في سلام وضمن حدود آمنة ومعترف بها طبقًا لقرارات الأمم المتحدة"، ليصف البرغوثي تصريحات بوش حول قيام دولة فلسطينية بأنها "تضليل وخداع" للرأي العام العربي والإسلامي، داعيًا للوقوف ضد الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية.

وانتقد مروان بشدة عدم اجتماع بوش بالرئيس ياسر عرفات، معتبرًا ذلك دليلاً على عداء الإدارة الأمريكية للشعب الفلسطيني، مشددًا على أهمية أن تعترف أمريكا بشكل صريح وواضح بحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس، وحل قضية اللاجئين حلًا عادلًا.

وأضاف: "على الولايات المتحدة أن توقف العدوان الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني من قبل إسرائيل، ونعتبر أن من لا يقف ضد الاحتلال إنما يقف مع الإرهاب، لأن الاحتلال وفق الشرعية الدولية عدوان وإرهاب".

- نجا من محاولة اغتيال إسرائيلية

في 4 أغسطس 2001، قصفت إسرائيل بالصواريخ موكبًا يقل مروان البرغوثي، أمين سر اللجنة الحركية لفتح في الضفة الغربية والناطق باسم انتفاضة الأقصى، لكنه نجا بأعجوبة، متوعدًا بتصعيد الانتفاضة. فيما حذرت السلطة الفلسطينية من اندفاع إسرائيل نحو حرب شاملة، ملوحةً باللجوء إلى العمل السري "تحت الأرض"، أي العودة لخيار الكفاح المسلح.

- وزراء إسرائيليون دعوا للإفراج عنه في 2007

في حين يرفض اليمين الإسرائيلي المتطرف حاليًا مجرد الحديث عن الإفراج عن مروان البرغوثي، كما ظهر وزير الأمن القومي الإسرائيلي في مقطع فيديو قائلًا له: "من يعبث بإسرائيل، من يقتل أطفالنا ونساءنا، سنمحوه، عليك أن تعرف ذلك"، فقد دعا قبل نحو عقدين عدد من الوزراء الإسرائيليين إلى الإفراج عنه، من بينهم وزير جودة البيئة جدعون عزرا، ووزير البنى التحتية بنيامين بن إليعازر، ووزير الإسكان مئير شتيريت.

كما رأى الوزير السابق والأمين العام لحزب العمل أن الإفراج عن البرغوثي سيساهم في تهدئة الأوضاع في الساحة الفلسطينية، وهو ما يصب في مصلحة إسرائيل.

كما دعت صحيفة هآرتس إلى الإفراج عنه باعتباره "قائدًا شعبيًا ومحبوبًا في الضفة"، التي تحتاج إلى قيادة معتدلة، وفقًا لأرشيف نشرة فلسطين اليوم عام 2007.

- إقناع حماس بالمشاركة في الانتفاضة الثانية

عند اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية، قررت قيادة حماس عدم المشاركة فيها، خشية أن تكون مجرد تكتيك من حركة فتح ستدفع ثمنه لاحقًا في حال قررت السلطة وقفها، إلا أن مروان البرغوثي تمكن من إقناع قادة المقاومة بضرورة دعم الانتفاضة والانخراط في فعالياتها، من خلال اجتماعات ثنائية معهم. وقد كان لهذا الموقف أثر بالغ في نجاح الانتفاضة، وفقًا لكتاب رحلة لم تكتمل: محطات على طريق المقاومة، للمركز العربي للدراسات والأبحاث والكاتب محمد يوسف.

- الأسير الذي تتجاوز عقوبته الـ100 عام

مع ظهور جناح مسلح جديد لحركة فتح يُعرف بـ"كتائب شهداء الأقصى"، والذي نفذ عمليات استشهادية ضد الإسرائيليين، بينها تفجير في مارس 2002 أسفر عن مقتل 30 شخصًا، اتهمت السلطات الإسرائيلية البرغوثي بلعب دور قيادي في الكتائب.

وفي عام 2004، حُكم عليه بالسجن 5 مؤبدات بالإضافة إلى 40 عامًا، لتتجاوز عقوبته الـ100 عام.

- داعم لوحدة فتح وحماس

عمل البرغوثي على تحقيق الوحدة بين الفصائل الفلسطينية، لا سيما بين "فتح" و"حماس". ومن أبرز جهوده في هذا الإطار تنظيم "وثيقة الأسرى الفلسطينيين" عام 2006، التي انضم فيها قادة من "حماس" و"الجهاد الإسلامي" إلى قادة منظمة التحرير الفلسطينية، وأكدت على إقامة دولة فلسطينية على حدود 1967، بحسب الموسوعة البريطانية (Britannica).

- إضراب عن الطعام لمدة 40 يومًا

في عام 2017، قاد البرغوثي إضرابًا عن الطعام استمر 40 يومًا، احتجاجًا على ما وصفه بـ"النظام القانوني المزدوج لإسرائيل"، الذي يمنح الإسرائيليين إفلاتًا فعليًا من العقاب في جرائمهم ضد الفلسطينيين، بينما يجرّم الوجود الفلسطيني والمقاومة.

- السياسي الأكثر شعبية

في استطلاع للرأي أُجري في ديسمبر 2023، صُنّف مروان البرغوثي السياسي الأكثر شعبية بين الفلسطينيين، متقدمًا على كل من محمود عباس وإسماعيل هنية (قبل استشهاده في يوليو 2024 في طهران).

وخلال الحرب الإسرائيلية على غزة في 7 أكتوبر 2023، جعلت حركة حماس إطلاق سراح البرغوثي أولوية في مفاوضات وقف إطلاق النار، معتبرة إياه الشخصية الأكثر قبولًا خارج صفوفها لقيادة الفلسطينيين.

- تمسك حماس بالإفراج عنه ورفض إسرائيلي قاطع

ارتبط مروان البرغوثي بعلاقة وثيقة مع حركة حماس، ما جعلها تطالب بالإفراج عنه في جميع صفقات تبادل الأسرى السابقة.

ومؤخرًا، وخلال الاتفاق الأخير لتبادل الأسرى، طالبت حماس بالإفراج عن البرغوثي ضمن 250 أسيرًا فلسطينيًا من أصحاب الأحكام المؤبدة، وفق خطة ترامب، إلا أن الإفراج عنه يلقى رفضًا قاطعًا من اليمين الإسرائيلي المتشدد.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك