وصف وزير الخارجية وشئون المغتربين اليمني شائع محسن الزنداني، علاقات بلاده مع تركيا بأنها "تاريخية"، مؤكدا حرص الحكومة الشرعية المعترف بها دوليا على تطوير وتنمية هذه العلاقات.
جاء ذلك في مقابلة أجرتها الأناضول مع الزنداني بمدينة إسطنبول على هامش مشاركته في اجتماعات الدورة الـ51 لمجلس وزراء خارجية دول منظمة التعاون الإسلامي التي عقدت يومي 21 و22 يونيو الجاري.
وقال الوزير اليمني إن بلاده وتركيا تجمعهما "علاقات تاريخية نعتز بها، وتربطنا الكثير من الروابط المشتركة، إضافة لجذور تاريخية لعلاقات البلدين".
وأضاف: "نحن حريصون على تطوير وتنمية هذه العلاقات، ونقدر أيضا موقف الحكومة التركية بقيادة الرئيس (رجب طيب) أردوغان في دعم الشعب اليمني والحكومة الشرعية".
وأشار إلى دعم دول منظمة التعاون الإسلامي "الثابت" للحكومة اليمنية، موضحا أن ذلك الدعم يتكرر في جميع المؤتمرات الإقليمية والدولية.
تأثيرات إقليمية
وبخصوص تأثير التطورات الإقليمية على الملف اليمني وتراجع الاهتمام به، قال الوزير اليمني: "بالتأكيد هناك تأثيرات متبادلة، فاليمن جزء إستراتيجي مهم من المنطقة".
وأضاف: "ما يجري في اليمن لا يمكن النظر إليه بمعزل عن هذه التطورات الإقليمية ككل".
ومنذ أبريل 2022، يشهد اليمن تهدئة من حرب بدأت قبل نحو 10 سنوات بين القوات الموالية للحكومة الشرعية المدعومة بتحالف عسكري عربي تقوده الجارة السعودية، وقوات جماعة الحوثي المدعومين من إيران، والمسيطرين على محافظات ومدن بينها العاصمة صنعاء منذ سبتمبر 2014.
وقال الوزير اليمني: "من المؤكد أننا عندما نتحدث عن الواقع الراهن في المنطقة فلا بد من العودة إلى الجذور".
وأردف: "بالنسبة لنا في اليمن، فمنذ اندلاع الحرب منذ نحو عشر سنوات، وقيام المليشيات الحوثية بالانقلاب على السلطة الشرعية، للأسف كانت إيران هي الدولة الداعمة الرئيسي للحوثيين".
وتابع الزنداني: "نحن في الحكومة حريصون دائما على أن يعم الأمن والسلام في المنطقة، وأن يكون هناك أيضا حرص متبادل من الجميع على المصالح المشتركة واحترام الشئون الداخلية لكل دولة وإقامة علاقات متكافئة وفقا للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة".
وفي 13 يونيو الجاري، شنت إسرائيل بدعم أمريكي عدوانا على إيران استمر 12 يوما، شمل مواقع عسكرية ونووية ومنشآت مدنية واغتيال قادة عسكريين وعلماء نوويين، وردت إيران باستهداف مقرات عسكرية واستخبارية إسرائيلية بصواريخ باليستية وطائرات مسيّرة، ما أسفر عن قتلى وجرحى من الجانبين.
جدير الذكر أن الحكومة الشرعية في اليمن أدانت ضمن بيان لجامعة الدول العربية، العدوان الإسرائيلي الأخير على إيران، ودعت إلى وقفه وتكثيف الجهود الإقليمية والدولية لخفض التوتر، وصولا إلى وقف شامل لإطلاق النار وتهدئة إقليمية.
كما أدانت جماعة الحوثي العدوان ذاته على إيران، لكنها توعدت بـ"الرد المناسب" عليه، وهي التي تطلق صواريخ باتجاه إسرائيل وتؤكد استمرار عملياتها العسكرية ضد تل أبيب "حتى وقف العدوان على غزة ورفع الحصار عنها".
الملاحة الدولية
وفيما يخص الوضع الإنساني في اليمن، قال وزير الخارجية إن "قيام الحوثيين بالانقلاب على السلطة الشرعية وإعاقة الملاحة الدولية في البحر الأحمر، بدعوى مساندة الأشقاء في فلسطين، كان له تداعيات على اليمن واليمنيين".
وأضاف: "ردود الفعل التي حدثت تجاه الحوثيين من جانب الولايات المتحدة وإسرائيل، أضرّت كثيرا بمقدرات الشعب اليمني في البنية التحتية والمرافق الحيوية".
وفي 6 مايو الماضي، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار مع الحوثيين، إثر وساطة قادتها سلطنة عمان.
وقبل الاتفاق، شنت الولايات المتحدة وإسرائيل غارات مكثفة وقصفا بحريا على محافظات خاضعة لسيطرة الحوثيين في اليمن، ردا على هجمات الجماعة على أهداف أمريكية وإسرائيلية "دعما لغزة"، وأسفرت الغارات عن مقتل وإصابة مئات المدنيين اليمنيين.
جهود معطلة
وعن تطورات الملف السياسي في اليمن، قال وزير الخارجية: "الآن هناك هدنة، وكان هناك خارطة طريق جرى التوصل إليها بدعم وجهود المملكة العربية السعودية وسلطنة عُمان".
وأكمل: "كان هناك حرص على تطبيق خارطة الطريق لكي تشكل مقدمة نحو الحل السياسي، ولكن تلك الجهود تعثرت، أو نقول تعطلت بسبب مواقف الميليشيات الحوثية الانقلابية".
وأكد تطلع الحكومة الشرعية إلى "تحقيق السلام ونهاية الحرب وأن يعم السلام والأمن والاستقرار أرجاء اليمن".
وقال الزنداني: "ما زالت الجهود تبذل من قبل الأشقاء، ونأمل أن تعطي هذه الجهود ثمارها، وإن كنا نؤمن أن الميليشيات ليست شريكا سياسيا حقيقيا، وليس لديها رغبة في أي حل سياسي".
وفي 23 ديسمبر 2023 أعلن المبعوث الأممي إلى اليمن، هانس جروندبرج التزام الحكومة اليمنية وجماعة الحوثي بحزمة تدابير ضمن "خارطة طريق" تشمل وقفا شاملا لإطلاق النار، وتحسين ظروف معيشة المواطنين.
ولم تنفذ خارطة الطريق حتى اليوم مع تبادل الاتهامات بين الحكومة وجماعة الحوثي بشأن المسؤولية عن تعثر التقدم في هذا المسار.