محلل سياسي: السعي نحو المصالحة بين الكوريتين خطأ يخدم طموحات بيونج يانج - بوابة الشروق
الأربعاء 27 أغسطس 2025 12:51 ص القاهرة

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تتوقع النجاح لنظام الدوري المصري الجديد في ظل مشاركة 21 فريقًا؟

محلل سياسي: السعي نحو المصالحة بين الكوريتين خطأ يخدم طموحات بيونج يانج

واشنطن - (د ب أ)
نشر في: الثلاثاء 26 أغسطس 2025 - 9:22 ص | آخر تحديث: الثلاثاء 26 أغسطس 2025 - 9:22 ص

يعتبر الصراع في شبه الجزيرة الكورية بين الشطرين الشمالي والجنوب أحد أقدم الصراعات في العالم حاليا، حيث يتأرجح بين التصعيد والتهدئة على مدى أكثر من 7 عقود.

وفي تحليل نشرته مجلة ناشونال إنتريست الأمريكية يقول المحلل السياسي الكوري الشمالي المنشق هيون سيونج لي، إن "الحوار هو أحد أدوات التمويه التي تستخدمها كوريا الشمالية لكي تخفي نواياها الحقيقية عن كوريا الجنوبية".

وبالقطع من المنتظر عودة الجدل بشأن كوريا الشمالية من جديد إلى دوائر صناعة القرار في واشنطن بالتزامن مع زيارة الرئيس الكوري الجنوبي لي جاي ميونج لها وعقده قمة مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب .

وبحسب هيون سيونج لي الباحث في مؤسسة السلام العالمي "جلوبال بيس فاوندشن" فإن لي يحاول الترويج لفكرة أن المصالحة مع بيونج يانج ستؤدي بطبيعة الحال إلى السلام في شبه الجزيرة الكورية، مُصوّرًا نفسه كـ"صانع سلام" على غرار الرؤساء الكوريين الجنوبيين الليبراليين السابقين. لكن هذا التفاؤل ليس ساذجًا فحسب، بل خطيرا أيضًا، ويتجاهل عقودًا من الأدلة على أن كوريا الشمالية تستغل "الحوار" كغطاء للاستفزاز والبقاء، بحسب هيون.

ومع وصول رئيس ذو ميول يسارية إلى الحكم في كوريا الجنوبية ترددت دعوات المصالحة والحديث المتفائل عن السلام الممكن، على عكس الحال عند وجود اليمين في السلطة حيث يميل الأخير إلى التصعيد ضد كوريا الشمالية.

وينطلق قادة اليسار في سول من فكرة أنه إذا سعت كوريا الجنوبية ببساطة إلى المصالحة مع الشمال، فسيخف التوتر، ويتلاشى شبح الحرب. هذا السرد جذاب، مبني على وعد الحوار بدلًا من المواجهة، والتعاون الاقتصادي بدلًا من الردع. لكنه وهم خطير، يتجاهل سجل النظام الكوري الشمالي المليء بالازدواجية وتقديم بقائه على أي شيء آخر.

ويرى هيون أن كوريا الشمالية لم تفكر أبدا في فكرة التعايش السلمي. فلا يزال خطاب نظامها الحاكم عدائيًا، وموقفه عدوانيًا، وأفعاله تتفق مع المواجهة طويلة الأمد مع كل من الشطر الجنوبي والولايات المتحدة.

ووصفت كيم يو جونج، شقيقة الزعيم الكوري الشمالي كيم جونج أون وأحد أقوى الأصوات في بيونج يانج، في الأسابيع الأخيرة مبادرات سول للسلام بأنها ليست سوى "أحلامًا بعيدة المنال". كما أعلنت أن بلادها "لن" تعتبر كوريا الجنوبية شريكًا دبلوماسيًا أبدا.

وهذه الكلمات ليست زلة لسان، بل تكشف عن جوهر دولة كوريا الشمالية التي تزدهر بالعداء، وتحافظ على وجودها من خلال المواجهة الدائمة، ولا تنظر إلى المصالحة كغاية في حد ذاتها، بل كوسيلة لتحقيق أهدافها.

ويؤكد التاريخ عبثية الاعتقاد بأن خطابا أكثر دفئا أو تنازلات أحادية الجانب من سول يمكن أن تغير هذا المسار الخطير. لقد ضخت سياسة "الشمس المشرقة"، التي تم الترويج لها في أوائل العقد الأول من القرن الـ21، مليارات الدولارات من كوريا الجنوبية إلى كوريا الشمالية لتشجيع التعاون الثنائي. ولفترة من الوقت، بدت الصورة العامة مشجعة وتشير إلى تحقيق تقدم، حيث تصافح القادة من الجانبين وسادت القرى الحدودية أجواء من التفاؤل الحذر، وشعرت المنطقة منزوعة السلاح براحة قصيرة من التوتر.

لكن كل هذه الموارد التي قدمها الشطر الجنوبي خلال تلك السنوات لم تستخدم في تحقيق رفاهية الكوريين الشماليين العاديين، بل وجهت لتطوير الأسلحة وشراء السلع الفاخرة للأسرة الحاكمة. ولم تكن التجارب الصاروخية الكورية الشمالية التي تلت تلك الفترة سوى إحدى ثمار هذا الكرم الذي وضع في غير محله على حد وصف المحلل هيون سيونج لي الذي خدم في الجيش الكوري الشمالي وعمل لسنوات في قطاعي النقل البحري والمناجم، قبل أن يهرب من كوريا الشمالية.

ويقول هيون، إن ما يغفل عنه دعاة الحوار غالبا هو أن كوريا الشمالية لطالما استخدمت الحوار تكتيكيًا. فالنظام لا ينوي أن تنتهي المفاوضات بتسوية، بل هي تهدف إلى كسب الوقت. فكل جولة من المحادثات تمنح بيونج يانج وقتا كافيا للمضي قدمًا في برامجها النووية والصاروخية، وتعزيز شرعيتها.

لذلك فالخطر الأكبر لمثل هذا التفاؤل غير المبرر هو أنه يضعف قدرات الردع. فإذا قلصت سول مناوراتها العسكرية المشتركة مع الولايات المتحدة، أو قلصت استثماراتها في الدفاع الصاروخي، أو أضعفت تطبيق العقوبات على الشطر الشمالي، فسيرد الأخير بمزيد من الاستفزازات وليس بالتعاطي الإيجابي بالنسبة لمثل هذه التحركات.

في الوقت نفسه تتجاوز المخاطر الردع. فخطابات المصالحة تهدد أيضًا أسس التحالف بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية. فالهيكل الأمني ​​لشمال شرق آسيا على فرضية أن واشنطن وسول تعملان بتناغم واضح. إذا أعطت كوريا الجنوبية الأولوية للتفاعل الأحادي مع الشمال على حساب تماسك التحالف، فإن ذلك يضعف مصداقية الردع الموسع ويشجع الأطراف المناوئة للولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة. في الوقت نفسه فإن التنسيق المتنامي بين كل من روسيا والصين وكوريا الشمالية لا يتيح لسول أي فرصة للتفكير في توتير علاقاتها مع حليفها الأهم.

أخيرا، يرى هيون أنه لا يمكن بناء السلام الحقيقي في شبه الجزيرة الكورية بناء على المشاعر وحدها. كما أن الحوار مهم ولا ينبغي تجاهله، ولكن يجب أن يرتكز على فهم واضح للخصم. فقد برهنت كوريا الشمالية مرارا وتكرارا على أنها ترى في التواصل والحوار وسيلةً لتعزيز قدراتها العسكرية وإطالة أمد ديكتاتوريتها، وليس طريقا للوصول إلى السلام. وأي استراتيجية كورية جنوبية للتعامل مع الجار الشمالي تتجاهل هذه الحقيقة ستكون خطأ ولن تحقق أي فائدة حقيقية.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك