عالم من كامبريدج يحذر: حضارتنا الحديثة على حافة الانهيار لهذه الأسباب! - بوابة الشروق
الإثنين 27 أكتوبر 2025 5:15 م القاهرة

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

برأيك.. هل تنجح خطة الـ21 بندًا لترامب في إنهاء حرب غزة؟

عالم من كامبريدج يحذر: حضارتنا الحديثة على حافة الانهيار لهذه الأسباب!

منى غنيم
نشر في: الإثنين 27 أكتوبر 2025 - 9:59 ص | آخر تحديث: الإثنين 27 أكتوبر 2025 - 10:51 ص

قدم الباحث البريطاني لوك كمب، قراءة تحليلية واسعة لتاريخ الانهيارات الحضارية، من عصور ما قبل الميلاد وحتى الأزمنة الحديثة؛ محاولًا استكشاف أنماط السقوط الكبرى التي تكررت في تاريخ الإنسانية، والعوامل التي قد تنذر بتكرارها في المستقبل، وذلك عبر كتابه الجديد بعنوان: «لعنة جالوت: تاريخ وانهيار المجتمعات ومستقبلها».

وبدأ "كمب"، صفحات الكتاب بسرد تاريخي دقيق يعود إلى زمن ازدهار صناعة الفضة القديمة في جنوب غرب إسبانيا، حين كانت المناجم تغذي سك العملات اليونانية والفينيقية التي ربطت موانئ البحر المتوسط الغنية، وأنتجت تلك الصناعة آنذاك 3 ملايين طن من الصخور الفائضة، فيما كانت أفران الطين الممتدة على طول حزام البايرايت الإيبيري (وهو منطقة غنية بالمعادن جنوب إسبانيا) تطلق ضبابًا من غبار الرصاص انتشر في أجواء أوروبا، وقد حفظت طبقات الجليد في جرينلاند آثار هذا التلوث المعدني؛ لتكشف لنا اليوم سجلا جيولوجيا لتلك الحقبة.

- تراجع وجود الرصاص لنحو 3 قرون

ولكن مع الانتقال من العصر البرونزي إلى الحديدي، تراجع وجود الرصاص في تلك الطبقات إلى حد الانعدام لنحو 3 قرون، وهي الفترة التي تمثل انهيار العصر البرونزي، وهو انهيار ترك بصمته في الصخور ذاتها وكأنه نقش يقول: "لقد كنا هنا من قبل"، كما ورد عبر صحيفة "نيويورك تايمز".

وانطلق "كمب" من هذه الإشارة التاريخية ليقارنها بانهيارات أخرى وقعت في مناطق متباعدة من العالم، كما في المايا باليوكاتان، والصين الهانية، وجزيرة رابا نوي في المحيط الهادئ، وعند شعب كاهوكيا في سهول المسيسيبي، وباعتباره باحثًا في مركز كامبريدج لدراسة المخاطر الوجودية، ومستشارًا سابقًا لاتفاقية الأمم المتحدة للتنوع البيولوجي، فقد عُرف "كمب" إعلاميًا بلقب "دكتور الهلاك"، غير أن هدفه من دراسة أسباب انهيار المجتمعات ليس التشاؤم، بل تحليل العوامل المشتركة التي أدت إلى سقوط حضارات مختلفة، بحثًا عن أنماط متكررة.

وعلى خلاف أطروحة عالم الجغرافيا والأحياء الأمريكي، جاريد دايموند، في كتابه الشهير «بنادق وجراثيم وفولاذ» الصادر عام 1997، والذي اعتمد على أمثلة محدودة وأصبح موضع جدل أكاديمي، استند "كمب" عبر صفحات كتابه الجديد الصادر عن دار نشر "نوبف" إلى تحليل رقمي لبيانات ضخمة ليصل إلى نتائج مفاجئة، ففي إطار الكتب الكبرى التي تعيد سرد التاريخ الإنساني مثل «العاقل» للمؤرخ يوفال هراري و«فجر كل شيء» لكلا من عالم الأنثربولوجيا الأمريكي، ديفيد جريبر، وعالم الآثار البريطاني، ديفيد وينجرو، قدم "كمب" نظرية جديدة؛ لتطور الحضارات ومسار سقوطها.

- انهيار المجتمعات شكل تاريخنا

وقال "كمب"، إن انهيار المجتمعات شكل تاريخنا، وسيرسم في الوقت ذاته مستقبلنا، مشيرًا إلى أن التاريخ لا يسير دومًا وفق التصورات المثالية، فقيام الحضارات لا يعني بالضرورة تحسن أحوال البشر فيها، إذ إن سكان أوائل المستوطنات الزراعية في نهاية العصر الحجري القديم عاشوا أعمارًا أقصر وحياة أقل صحة من أسلافهم الصيادين الرحّل.

ورأى المؤلف، أن كثيرًا من الأحداث التي صنفت ككوارث كانت في جوهرها ثورات على أنظمة القهر والتراتبية الاجتماعية — أو ما يسميه "الجلوتات" ؛ فالحضارة، برأيه كانت أيضًا مصدرًا للحروب وعدم المساواة والاستغلال، أما انهيار العصر البرونزي فنتج عن عاصفة مثالية من الجفاف والمجاعة والزلازل والأوبئة والغزوات والتمردات؛ ما أدى إلى زوال حضارات مثل الميسينيين والمينويين والبابليين والحثيين.

ومع أنه لا يُقلل من الآثار السلبية لهذه الانهيارات، إلا أن "كمب" يعيد النظر في دلالاتها، فما يعد نهاية العالم بالنسبة للطبقات العليا التي فقدت سلطتها، قد يكون بداية جديدة لآخرين، فالعصور المظلمة التي أعقبت سقوط الحضارة الإغريقية، على سبيل المثال، شهدت ميلاد الأبجدية الحديثة وازدهار الملاحم الهوميرية؛ مما يعقد الرؤية التقليدية لصعود وسقوط الحضارات.

- نعيش حقبة فريدة المخاطر

وانتقل "كمب" بعد ذلك من التاريخ القديم إلى الحاضر، محذرًا من أننا نعيش "حقبة فريدة المخاطر" تتسم بالأوبئة، والاحتباس الحراري، واتساع فجوة الثراء، وصعود السلطوية، وتطور تقنيات الذكاء الاصطناعي المهددة، إلى جانب الخطر النووي المستمر، وقد خلص إلى أن مستقبل الانهيار يبدو أكثر قتامة من ماضيه.

ومن خلال تحليله الإحصائي، عدد "كمب"، عوامل مشتركة لانهيار المجتمعات، أبرزها اتساع الفوارق الطبقية وتراجع التنوع الثقافي، وبناءً على تجميع توقعات عدد من الباحثين، قدر احتمال انهيار عالمي شامل بنهاية القرن الحادي والعشرين بنسبة واحد إلى ثلاثة.

وفي الختام، فإن المؤلف لم يقدم رؤية تشاؤمية خالصة، بل شدد على أهمية الترابط المجتمعي والتعاون الإنساني كوسيلة لتجنب الانهيار أو التخفيف من آثاره؛ إذ يبين أن المجتمعات — حتى في أوقات الانهيار — تميل إلى التضامن والتعاون، لا إلى الفوضى والانقسام.


صور متعلقة


قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك