محلل اقتصادي: كوريا الجنوبية تغير استراتيجيتها التجارية ردا على رسوم ترامب الجمركية - بوابة الشروق
الأربعاء 30 أبريل 2025 5:02 م القاهرة

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تتوقع نجاح اتفاق الهدنة في غزة؟

محلل اقتصادي: كوريا الجنوبية تغير استراتيجيتها التجارية ردا على رسوم ترامب الجمركية

واشنطن-د ب أ
نشر في: الأربعاء 30 أبريل 2025 - 12:24 م | آخر تحديث: الأربعاء 30 أبريل 2025 - 12:24 م

كان المشهد الاقتصادي العالمي سريع التغير هو السمة المميزة لاجتماعات الربيع لصندوق النقد الدولي هذا العام، حيث أدت أحدث الإجراءات المتعلقة بالتجارة التي أعلنها البيت الأبيض إلى رفع معدلات الرسوم الجمركية إلى مستويات لم تحدث منذ قرن.

وقال المحلل الاقتصادي الدكتور جيمس كيم مدير قسم الرأي العام والعلاقات الخارجية في المعهد الاقتصادي الكوري الأمريكي في واشنطن، في تحليل نشرته مجلة "ناشونال إنتريست" الأمريكية، إن حالة عدم اليقين التي أعقبت الإجراءات الأمريكية دفعت صندوق النقد الدولي إلى إعادة تعديل توقعاته المرجعية للنمو العالمي إلى 8ر2 % لعام 2025، وهو ما يمثل انخفاضا من توقعاته السابقة المحدثة البالغة 3ر3% . ورغم أن التقدير الجديد لا يشكل تهديدا مثل التوقعات الأخرى، فإنه يحذر من مخاطر تزايد حالة الغموض في السياسة التجارية.

وبالنسبة لكوريا الجنوبية، تعد المشكلة وثيقة الصلة نظرا للمخاطر الناجمة عن حالة الغموض السياسي الداخلي وتزايد التوتر التجاري الخارجي. ومن المرجح أن يتلاشى أحد هذين السببين على الأقل بمجرد تنصيب إدارة جديدة بعد الانتخابات الكورية الجنوبية المقررة في 3 يونيو. ومع ذلك، هناك دلائل على تراجع الاقتصاد.

وأشار الدكتور كيم إلى أن أحدث الأرقام الصادرة عن بنك كوريا (البنك المركزي الكوري الجنوبي) تشير إلى أن التضخم ظل ثابتا عند حوالي 2%، بينما تمت إعادة تعديل النمو إلى المستوى السلبي. وقد يساعد تحسن حالة الغموض المحلي على استعادة ثقة المستهلكين والمستثمرين في الداخل، والتي كانت عند مستوى منخفض جديد منذ التعافي من جائحة كوفيد.

ومع ذلك، ربما تظل هناك عقبات كبيرة في الطريق بدون بعض الوضوح بشأن المفاوضات الخاصة بالرسوم الجمركية مع الولايات المتحدة. ويعتمد نحو 80% من اقتصاد كوريا الجنوبية على التجارة، وتمثل التجارة مع الولايات المتحدة نسبة تترواح بين 13 و14% من إجمالي حجم تجارة كوريا الجنوبية.

وتشير التقارير الأولية حول المفاوضات الخاصة بالرسوم الجمركية في واشنطن إلى إحراز تقدم كبير.

ويرى الدكتور كيم، الذي شغل سابقا منصب زميل أبحاث أول ومدير مركز الدراسات الإقليمية ومركز أبحاث الرأي العام في معهد آسان لدراسات السياسات في سول، إنه على الرغم من ذلك، فإن حل مفاوضات التجارة الثنائية لن ينهي جميع نقاط ضعف كوريا الجنوبية تجاه الرسوم الجمركية. فمثل الصناعات الأخرى في الولايات المتحدة، يعتمد قطاع التصنيع في كوريا الجنوبية على مجموعة معقدة من سلاسل التوريد شديدة التنوع والتي تمتد عبر العديد من الدول، ومن بينها كندا والمكسيك وفيتنام.

وبالإضافة إلى ذلك، تعني المنافسة المتصاعدة بين الولايات المتحدة والصين أن كوريا الجنوبية سوف تظل في حاجة إلى التعامل مع ضغوط تجارية بسبب ضوابط التصدير وقيود الاستثمار بغض النظر عن التحولات التكتيكية بشأن الرسوم الجمركية.

وفي مواجهة هذه التحديات، قررت كوريا الجنوبية تغيير استراتيجيتها التجارية، وتمثل رد حكومة سول في التركيز على تجارة أكثر انفتاحا، إن لم تكن تجارة حرة، بدلا من الانسحاب.

وبالنظر إلى أحدث عدد من اتفاقيات التجارة التي أبرمتها كوريا الجنوبية، إلى جانب العديد من العقود التي لا تزال قيد الإعداد، يبدو أن هناك تركيزا متجددا على توسيع عمق ونطاق الشراكات التجارية التي يعود تاريخها إلى إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأولى. وعلى سبيل المثال، بين عامي 1999 و2017، بدأت كوريا الجنوبية 32 عملية تفاوض تجاري. وبين عامي 2018 و2025، بدأت كوريا الجنوبية 17 عملية تفاوض تجاري.

وأشار الدكتور كيم، الذي حصل على درجتي البكالوريوس والماجستير في العلاقات الصناعية وعلاقات العمل من جامعة كورنيل، ودرجة الدكتوراه في العلوم السياسية من جامعة كولومبيا بالولايات المتحدة، إلى أن عدد الدول التي أبرمت اتفاقيات تجارية مع كوريا الجنوبية بلع 16 دولة بحلول عام 2010، وهو ما يتراوح بين 14 و15% من إجمالي حجم التجارة في كوريا الجنوبية. وقفز هذا العدد إلى 56 دولة بحلول عام 2015، و58 دولة بحلول عام 2024 .

ومع إجراء مراجعات داخلية لمفاوضات تجارية مع بنجلاديش وجمهورية الدومينيكان ومصر وكينيا والمكسيك والمغرب، إلى جانب الإعلان عن النية للتفاوض على اتفاقيات تجارية مع صربيا وباكستان وتنزانيا، فإنه من المتوقع أن يزداد عدد تلك الدول. وتظهر هذه التطورات أن كوريا الجنوبية قامت بتسريع عملية تحرير التجارة من حيث الكمية والنوعية منذ عام 2018 .

وقال الدكتور كيم إنه يمكن إرجاع العوامل المباشرة التي حفزت هذه التحولات إلى الإكراه الاقتصادي الصيني وتوجه الولايات المتحدة نحو الداخل. ومع ذلك، قد يكون هناك أساس فطري أعمق له جذور تاريخية في ظهور كوريا الجنوبية كقوة صناعية تصديرية خلال ستينيات وسبعينيات القرن الماضي. وبينما اتجهت الاقتصادات النامية في أمريكا اللاتينية نحو التصنيع القائم على انتاج بدائل الواردات في أعقاب الكساد الكبير، تبنت الأسواق الناشئة في شرق آسيا التصنيع الموجه نحو التصدير خلال هذه الفترة، مما أدى إلى نموها الهائل الذي سمح لهذه الدول بشق طريقها.

وتحت ضغوط مماثلة، يبدو أن كوريا الجنوبية تضاعف من أسلوبها القديم من خلال العمل على تعزيز وزيادة التجارة، وليس تقليصها.

ولاحظ العديد من المراقبين النهج الذي اتبعته كوريا الجنوبية لتنويع شراكاتها التجارية وسلاسل التوريد. وقد صرح محافظ بنك كوريا، ري تشانج يونج، مؤخرا بأنه يتعين على كوريا الجنوبية أن تعمل على "تنويع سلسلة التوريد الخاصة بها" لأن "القدرة التنافسية الصينية في قطاعي السلع الوسيطة والنهائية زادت بشكل ملحوظ وهو ما أجبر الشركات الكورية بطبيعة الحال على إيجاد وجهة بديلة لإنتاج السلع الوسيطة وتنويع أهداف التصدير الخاصة بها. وسواء اشتدت حدة التوترات التجارية أم لا، كانت هذه خطوة طبيعية لتنويع سلسلة التوريد والارتقاء بسلسلة القيمة. وسيستمر هذا التوجه... لكن التوتر التجاري الأخير سوف يسِرِع هذه العملية".

وفي كلمتها الافتتاحية، أشارت كريستالينا جورجيفا المدير العام لصندوق النقد الدولي، إلى أن التوتر التجاري المتزايد ناتج عن تآكل الثقة في النظام الاقتصادي العالمي بسبب انخفاض الأجور وارتفاع الأسعار وزيادة الحواجز غير الجمركية وتزايد المخاوف المتعلقة بالأمن القومي.

واختتتم الدكتور كيم تحليله بالقول إنه لمعالجة هذه القضايا، يوصي صندوق النقد الدولي أعضاء الصندوق بإجراء الإصلاحات اللازمة لاستعادة الحكمة المالية وتعزيز الاستقرار المالي والحفاظ على استقلالية البنوك المركزية ومواصلة اليقظة بشأن التضخم وتشجيع نمو الإنتاجية والعمل على بناء علاقات تجارية أكثر عدلا وتوازنا. ويتركز رد كوريا الجنوبية على المضي قدما من خلال الاعتماد على المزيد من التجارة.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك