تتصدر وسائل الإعلام الإسرائيلية عناوين تتحدث عن تقديرات بقرب التوصل إلى اتفاق لتطبيع العلاقات بين إسرائيل وسوريا، غير أن المحلل السياسي الإسرائيلي البارز ايتمار آيخنر، خفض من سقف التوقعات بهذا الخصوص.
"من يتمنى أكل الحمص في دمشق فهو يحلم"، هو العنوان الذي اختاره المحلل السياسي لمقال في صحيفة "يديعوت احرونوت" الإسرائيلية، الاثنين.
وقال آيخنر: "تبدو سوريا أقرب دولة للانضمام إلى اتفاقيات إبراهام، فهناك توافق نادر في المصالح بين الرئيس السوري أحمد الشرع، الذي يسعى إلى جذب استثمارات أجنبية ورفع العقوبات، وإسرائيل المهتمة بالأمن على حدودها الشمالية".
غير أنه أضاف: "هذا ليس سلاما دافئا وفتح سفارات، بل اتفاقية أمنية، وحتى لو وُقّعت، فهي ليست تطبيعا كاملا".
ورأى آيخنز أنه "لن يكون هناك اتفاق سلام، بل ربما ترتيب أمني".
ونقل المحلل عن مصدر إسرائيلي، لم يسمه: "من يتمنى أكل الحمص في دمشق، فليَبق في حلمه".
وأشار إلى أن "التفاهمات المحتملة بين إسرائيل وسوريا لا تتضمن تغييرا في السيادة على الجولان، بل خطوات تدريجية داخل الأراضي السورية فقط".
وأوضح أن التفاهمات تشمل من بين أمور أخرى "إجراءات لمنع التمركز الإيراني، والقضاء على العناصر الإرهابية، وإرساء السلام في المنطقة الحدودية".
وذكر آيخنر أن التفاهمات المحتملة "تستند إلى اتفاقية فصل القوات لعام 1974 بين سوريا وإسرائيل، والتي أنهت حرب أكتوبر عام 1973 وفترة الاستنزاف التي تلتها".
وقال: "حددت الاتفاقية الحدود، ونشر القوات وآليات المراقبة، وظلت صامدة منذ ذلك الحين حتى في فترات التوتر".
وأضاف: "تعتقد إسرائيل أنه يمكن تحديثها (الاتفاقيات) للتعامل مع التحديات الحالية، شريطة أن تُظهر سوريا علامات حقيقية على ضبط النفس والانفصال عن النفوذ الإيراني المباشر".
وكانت إسرائيل استولت أواخر 2024 على المنطقة السورية العازلة المنصوص عليها في اتفاق 1974 وما زالت تبقي جيشها هناك.
وفي السياق، امتنع وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر، الاثنين، عن الإجابة مباشرة على سؤال بشأن ما إذا كانت إسرائيل مستعدة للانسحاب من المنطقة السورية العازلة في إطار اتفاق مع سوريا.
وقال في مؤتمر صحفي بمقر الخارجية الإسرائيلية في القدس: "لا أريد التكهن، لكننا سنرحب بسوريا كما قلت، وبالسلام والتطبيع".
وأضاف: "نريد علاقة جيدة. إنها مصلحتنا جميعا".
ولكن ساعر تمسك باحتفاظ إسرائيل بمرتفعات الجولان السورية المحتلة منذ 1967.
وفي إشارة إلى الضم الإسرائيلي لمرتفعات الجولان، قال ساعر إن "ما جرى عام 1981، أي قبل 44 عاما، وفي أي اتفاقية مستقبلية محتملة، فإن الجولان ستبقى جزءا من دولة إسرائيل".
وفي هذا الصدد، نقل آيخنر عن مسؤولين إسرائيليين، لم تسمهم، وجود "شكوك جدية بشأن موافقة الرئيس السوري الجديد أحمد الشرع على أي اتفاق سلام مع إسرائيل لا يتضمن الانسحاب من مرتفعات الجولان".
وأضاف المسؤولون أن "سوريا ستسعى إلى انسحاب إسرائيلي من مرتفعات الجولان كجزء من أي اتفاق سلام مستقبلي".
ومن المقرر أن يسافر وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر، الاثنين، إلى واشنطن للبحث مع مسؤولين أمريكيين المحادثات مع سوريا واتفاق تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار في قطاع غزة.
بدوره، قال وزير الدفاع الأسبق وزعيم حزب "معسكر الدولة" المعارض بيني جانتس، في مؤتمر صحفي بمقر الكنيست: "أنا مع التطبيع مع سوريا. وفي أي اتفاق يجب أن نهتم بالترتيبات الأمنية أولا وقبل كل شيء".
وأضاف: "يجب ألا ننسحب من نقاط المراقبة التي ستسمح لنا بحماية سكان مرتفعات الجولان"، دون مزيد من التوضيح.
ومن جهة ثانية، قال آيخنر: " يُقدّر كبار المسئولين في الحكومة أن التطبيع غير ممكن مع السعودية، ويعود ذلك جزئيا إلى الوضع في غزة وتراجع مكانة إسرائيل في نظر الرياض".
وأضاف: "عند سؤالهم عن الدول التي قد تنضم إلى اتفاقيات إبراهام، يُقدر كبار المسئولين الإسرائيليين أنها، إن انضمت، ستكون دولا من الدرجة الثانية والثالثة".
وتابع: "تُعتبر إندونيسيا مرشحا بارزا، لكن إنهاء القتال في غزة شرط أساسي أيضا. أما في أفريقيا، فقد تحدث تطورات مع دول مثل النيجر ومالي وجيبوتي" بخصوص التطبيع مع إسرائيل.
وبوساطة إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال ولايته الأولى (2017-2021)، وقعت 4 دول عربية هي الإمارات والبحرين والسودان والمغرب، في 2020، اتفاقيات لإقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، أُطلق عليها اسم "اتفاقيات إبراهيم".
ويأمل ترامب خلال ولايته الجديدة التي بدأت في 20 يناير 2025، باستكمال زخم هذه الاتفاقيات.
وتشترط العديد من الدول العربية ومنها السعودية موافقة الحكومة الإسرائيلية على قيام دولة فلسطينية على حدود 1967 وفق مبادرة السلام العربية لعام 2002 مقابل تطبيع العلاقات.
ومنذ عقود تحتل إسرائيل فلسطين وأراض بسوريا ولبنان، وترفض الانسحاب منها وقيام دولة فلسطينية مستقلة، وعاصمتها القدس الشرقية، على حدود ما قبل حرب 1967.