تتجه الموجة الحارة إلى الانكسار في مختلف أنحاء الجمهورية، بعد مرور ثلاثة أيام من الارتفاع بدرجات الحرارة؛ إذ سيبدأ شهر أغسطس المقبل ببداية استثنائية وطقس معتدل، نتج عن ظاهرة الدوامة القطبية التي شكّلت تأثيرًا معاكسًا لمنخفض الهند الموسمي، المسبب للموجة الحارة.
وتستعرض جريدة "الشروق"، نقلًا عن مواقع المركز الأوروبي للتنبؤات الجوية، والجمعية الأمريكية للأرصاد، ودورية "ساينس" العلمية، معلومات تفصيلية عن ظاهرة الدوامة القطبية الشمالية، التي تسببت في خفض درجات الحرارة وكسر الموجة الحارة الأخيرة بمصر.
*معركة الدوامة القطبية ومنخفض الهند
أوضح المركز الأوروبي للتنبؤات الجوية متوسطة المدى، بدء هبوب تيارات من الدوامة القطبية الشمالية على أوروبا، مسببة تبريد الأجواء الصيفية، لتواصل تلك التيارات القطبية مسارها عبر البحر المتوسط نحو مصر من ارتفاعات شاهقة، قبل أن تهبط وتتصادم مع التيارات الحارة، فتُضعف تأثيرها، وتُحدث أجواءً معتدلة في مختلف أنحاء البلاد.
*دوامات قطبية على مدار العام
يحظى كوكب الأرض كغيره من الكواكب بقطبين شمالي وجنوبي، تتأثر حركة الرياح عندهما، مما يؤدي لتشكل دوامة مستمرة طوال العام فوق كل قطب، تدور باتجاه الشرق.
وتتميّز هذه الدوامات بقوة رياح عالية شبيهة بالإعصار، وبنطاق واسع قد يصل قطره إلى 1000 كيلومتر، وترتفع حتى أعلى الطبقة السفلى من الغلاف الجوي.
*الدوامة القطبية وتأثيرها في صيف معتدل
تتحرك الدوامة القطبية بثبات حين تكون في أوج قوتها، خاصة في فصل الشتاء، حيث تتركز تياراتها داخل القطب الشمالي، أما صيفًا فتضعف بفعل ارتفاع درجات الحرارة، وتنقسم إلى دوامتين فرعيتين تتجهان نحو سيبيريا وكندا، دون أن تبلغا المناطق الجنوبية في أغلب الأحيان.
فيما أن التغيرات المناخية أدت إلى اضطرابات في هذه الدوامات، نتج عنها أعاصير وشتاءات قاسية في مناطق قريبة، وكذلك صيف معتدل في مناطق بعيدة.
ويُعد وصول التيارات القطبية إلى المناطق الجنوبية، مثل الشرق الأوسط، أمرًا استثنائيًا، ويحدث فقط عند ضعف وتشتت الدوامة بشكل كبير، حيث تتولد عدة دوامات متناثرة قد تصل حتى خط الاستواء، ما يؤدي إلى تبريد الأجواء الصيفية.
ورجّحت دراسة علمية، أن الاحتباس الحراري يزيد امتصاص أشعة الشمس في القطب الشمالي، فيؤدي إلى مزيد من الاحترار وإضعاف الدوامات، ما يسمح بانطلاق التيارات الباردة نحو مناطق بعيدة.
*الوجه المظلم للدوامة القطبية
أحدث اضطراب الدوامة القطبية الشمالية تأثيرًا لطيفًا على مصر، إذ خفف من وطأة الحر، لكن اضطرابات مشابهة تسببت في كوارث طبيعية بدول أخرى.
ويحدث اضطراب الدوامة بسبب ارتفاع حرارة القطب الشمالي، وقد أدى ذلك، بحسب عدة دراسات، إلى أعاصير قوية، أشهرها إعصار "ساندي" في الولايات المتحدة، وكذلك موجات برد قارس مثل موجة شتاء 2021، وسابقتها في 2014. كما تسببت الظاهرة في فيضانات مدمرة ببريطانيا وروسيا، وحرائق غابات في صيف الولايات المتحدة، لتصبح اضطرابات الدوامة القطبية أحد أبرز مظاهر التغير المناخي، وآثارها الضارة تطال دولًا قريبة من القطب الشمالي، كأوروبا وأمريكا الشمالية.