المرضى على السلالم.. قرية سيلة الغربية بالمنيا تعاني الحرمان من الوحدة الصحية منذ 7 سنوات - بوابة الشروق
الجمعة 5 سبتمبر 2025 5:00 ص القاهرة

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

برأيك.. من البديل الأنسب لـ ريبيرو في النادي الأهلي؟

المرضى على السلالم.. قرية سيلة الغربية بالمنيا تعاني الحرمان من الوحدة الصحية منذ 7 سنوات

الشيماء أحمد فاروق
نشر في: الأحد 31 أغسطس 2025 - 2:15 م | آخر تحديث: الأحد 31 أغسطس 2025 - 2:32 م

الصحة تقع خارج دائرة الرفاهية، فهي حق أصيل لكل إنسان؛ لذا تبذل الدولة كل جهدها لتوفير الخدمات الطبية في كل مكان، لكن بعض القرى النائية تعيش خارج دائرة الاهتمام، بعيدا عن أعين التطوير، ويظل سكانها وحدهم في مواجهة المرض.

- مأساة مستمرة

في إحدى قرى محافظة المنيا، يروي الأهالي مأساة مستمرة منذ سبع سنوات، بعد إغلاق وحدتهم الصحية، وما تبع ذلك من مشكلات طالت حياتهم اليومية، ولم تُحل حتى هذه اللحظة.

في قرية سيلة الغربية التابعة لمركز مطاي، يقف مبنى مهجور متشققة جدرانه، محاطا العشب العشوائي وأكوام القمامة، في مشهد يُبعد عن الذهن أن ذلك المبنى كان مقرا للوحدة الصحية لتلك القرية.

- خدمات لـ10 آلاف مواطن

المبنى الصغير المكون من طابق واحد، كان يضم غرفًا للكشف والتمريض والتحاليل والأدوية، إلى جانب استراحة للطبيب وإدارة بسيطة؛ لكنه أغلق بقرار رسمي منذ سنوات، ومنذ ذلك الحين يتنقل الأهالي، وراء الأطباء والتمريض من منزل إلى آخر، بحثًا عن أبسط خدمة علاجية.

تلك الوحدة الصغيرة، كانت تقدم خدماتها لنحو 10 آلاف نسمة من أبناء قرية سيلة الغربية، بجانب 5 نجوع مجاورة، وفق إحصاء رسمي للجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء عام 2018.

- مقر غير ثابت

بعد تصوير المبنى المهجور، كانت مهمة البحث عن الوحدة المتنقلة أكثر صعوبة. فالمكان تغيّر قبل ثلاثة أيام فقط، ولم يعرف معظم الأهالي عنوانه الجديد. وبعد الاستفسار والانتظار، ظهر المنزل الذي اتخذه الفريق الطبي مقرًا مؤقتًا.

وكان مشهد المنزل كما يلي؛ سلالمه مقر الانتظار الذي امتلأ بالمرضى بينهم نساء حاملات أطفالهن، ورجال منهكون، وسط غياب تام للكراسي أو أماكن مهيأة لراحة المرضى، أو سرير مُجهز للكشف، كل الأدوات مهملة وفي حالة غير صالحة للاستخدام الآدمي.

- غياب لمعايير الأمان وافتقار للأدوات

تقول الرائدة الريفية سهى سمير: "نحن على هذا الحال منذ سنوات، نتنقل من منزل إلى آخر، إذا تأخر الإيجار نتحمل التكلفة من جيوبنا، ونفقد أشياء في كل مرة. الأماكن غير آدمية، حتى الوحدة القديمة برغم سوء حالها كانت أفضل بكثير، لا يوجد مكان لتنظيم الأسرة أو لإجراء التحاليل بشكل صحي".

وأضافت انتصار محمد، رئيسة التمريض: "الأجهزة المهمة مثل جهاز السونار أو التعقيم نحملها كما لو كانت طفلًا نخشى سقوطه، الظروف غير صحية، ولهذا السبب توقفت نبطشيات الأطباء لعدم وجود مكان يصلح لإقامتهم".

أما أخصائية التحاليل مارينا حنا، فضلت الصمت مكتفية بالإشارة إلى الطاولة الخشبية التي تضع عليها عينات المرضى في صالة المنزل، فهي تسحب العينات من المرضى دون أية معايير للأمان؛ نتيجة الافتقار لأبسط مقومات الرعاية الطبية.

 

- وحدة عاجزة

النساء بدورهن عبّرن عن معاناتهن كل فترة للبحث عن الوحدة للحصول على موانع الحمل، إذ قالت إحداهن: "نظل نبحث عن مكان الوحدة كل فترة. حين نعتاد على منزل يتم تغييره بآخر. هذا يرهقنا ماديًا ومعنويًا، فنضطر إلى دفع أجرة توك توك، وحتى الأدوية الأساسية أو الشاش لا نجدها، وإذا أصابتنا حالة طارئة نلجأ إلى طبيب خاص، لأن الوحدة عاجزة عن إسعافنا".

ولم تتوقف المعاناة عند المرضى فقط، لأن جيران المبنى المهجور يواجهون كابوسًا آخر، إذ تحول المبنى القديم إلى مأوى للمدمنين واللصوص ليلًا، مما أفقد الأهالي شعورهم بالأمان، ودفعهم لإغلاق أبواب بيوتهم طوال اليوم خوفًا مما قد يحدث بجوارهم.

- قرار إزالة

في مجلس مدينة مطاي، أوضح أحد موظفي الإدارة الهندسية، أن قرار الإزالة صدر عام 2018 تحت رقم 25، ولم يُنفذ حتى الآن بسبب غياب الميزانية.

بينما أكد موظف آخر، فضّل عدم ذكر اسمه، أن المشروع متوقف لنفس السبب، دون حلول واضحة في الأفق.

من جهتها، صرحت رويدا الشافعي، رئيس مجلس مدينة مطاي، بأن المركز بالكامل ضمن المرحلة الثانية من مبادرة حياة كريمة.

وأوضحت أن الوحدة الصحية بسيلة الغربية صدر لها قرار إزالة بالفعل، وأن خطة الإحلال والتجديد تشمل 32 وحدة صحية أخرى، بعضها يحتاج إلى أرض جديدة وفق مواصفات وزارة الصحة.

وأضافت أن لجنة من جهاز التعمير زارت المواقع وبدأت الإجراءات، مطمئنة المواطنين بأن التنفيذ سيتم وفق الخطة.

لكن، بينما تُرسم الخطط وتُعقد الوعود، يبقى أهالي سيلة الغربية عالقين بين منازل مستأجرة ووحدة مهجورة، يجلس مرضاهم على السلالم، ويعيشون سبع سنوات من الانتظار على أمل أن يعود لهم حق العلاج في مكان لائق يليق بإنسانيتهم.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك