عام 2024 يكلل عقودا من المساندة الأمريكية السياسية والعسكرية غير المشروطة للاحتلال
كان عام 2024 هو الأسوأ والأحلك ربما في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي من بعد نكبة 1948 ونكسة 1967 حيث واصل الاحتلال الإسرائيلي حرب الإبادة الجماعية التي شنها ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، مرتكبا مئات المجازر البشعة، التي أودت بحياة آلاف الشهداء والمصابين في صفوف الفلسطينيين المدنيين أغلبهم من النساء والأطفال، فضلا عن سياسة ممنهجة في عرقلة وصول المساعدات الغذائية والإنسانية.
وطيلة العام المنصرم، توالت الأصوات من المجتمعات والمنظمات الدولية لوقف العدوان الإسرائيلي ومحاسبة قادتها ومسئوليها عن الجرائم والانتهاكات التي تورطوا بها، لكن المسارات تعطلت لعدة عوامل، من أبرزها دعم الولايات المتحدة الكامل للاحتلال الإسرائيلي على جميع المستويات.
فقد موّلت الولايات المتحدة آلة الحرب الإسرائيلية بمليارات الدولارات، وأتاحت لها جسرا مفتوحا لنقل السلاح ساعدها على وقف نزيف خسائرها التي تكبدتها جراء المواجهات مع المقاومة الفلسطينية، مع منحها فرصة لزيادة جبهات الحرب بعدوان على لبنان وضربات متفرقة ضد إيران.
وفي تحقيق مدعوم بالبيانات، ترصد "الشروق" بالأرقام والنسب كيف أن لإسرائيل نصيب الأسد من الدعم الأمريكي المستمر على مدار تاريخها، والذي تضاعف لمساعدتها لدعمها في حرب الإبادة التي تشنها على قطاع غزة وجنوب لبنان ومناوشاتها مع إيران.
أكبر مساعدات في تاريخ أمريكا
في أعقاب الحرب العالمية الثانية، وفرض قيام دولة إسرائيل بمنطقة الشرق الأوسط في عام 1948، جاءت إسرائيل على رأس قائمة المتلقين للمساعدات الأمريكية بمستويات غير مسبوقة، قدمت الولايات المتحدة لإسرائيل مساعدات عسكرية بلغ مجموعها حوالي 186 مليار دولار دون احتساب معدلات التضخم.
فيما يُقدّر بعض الخبراء أن القيمة الإجمالية لهذه المساعدات، بعد تعديلها لمراعاة التضخم، تصل إلى نحو 310 مليارات دولار، وذلك وفقًا لبيانات خدمة أبحاث الكونجرس الأمريكي.
خمس المساعدات الأمريكية في تاريخها
وإبان حكم الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما، حددت الإدارة الأمريكية إلتزامها بمبلغ دعم سنوي موجه لإسرائيل عند 3.8 مليار دولار حتى 2028، والذي جاء كجزء من اتفاق وقعته إدارة أوباما يمنح إسرائيل حزمة مساعدات قيمتها 38 مليار دولار خلال عقد كامل ما بين 2017 و2028.
إلا أن "الشروق" وجدت أن مبلغ 17.9 مليار دولار الذي تم إنفاقه من الولايات المتحدة على دعم إسرائيل خلال عام الحرب، وتحديدا منذ 7 أكتوبر 2023، هو أكبر مساعدات عسكرية تُرسل إلى إسرائيل في عام واحد، حيث إنه يقارب 18% من إجمالي ما حصلت عليه إسرائيل طوال تاريخها.
ورصدت "الشروق" أن الدعم السنوي العسكري الأمريكي لإسرائيل تساوى في السنوات الثمانية بين 2016 وحتى 2023، فيما تضاعف 5 مرات في عام 2024، فأنفقت أمريكا على إسرائيل لدعمها في حرب الإبادة الجماعية على غزة ما أنفقتها عليها خلال 5 سنوات متتالية، ونصف ما كان مفترضا أن تستقبله في 10 سنوات.
القبة الحديدية.. إنفاق عام يوازي 9 سنوات
ورصدت "الشروق" أنه في حين خصصت الولايات المتحدة لإسرائيل نصف مليار دولار سنويا وحتى عام 2028 لدعم منظومة دفاعها الصاروخية التي تعرف بـ"القبة الحديدية"، فقد بلغ حجم الإنفاق في عام الحرب، وتحديدا منذ 7 أكتوبر 2023، نحو 4 مليارات ونصف أي تسع أضعاف الإنفاق المعتاد.
وجاء ذلك ذلك تأثرا بالضربات الصاروخية التي يتلقاها الاحتلال الإسرائيلي من كل جبهات المقاومة سواء من داخل غزة أو لبنان بالإضافة للصواريخ الحوثية من اليمن.
69% من واردات أسلحة إسرائيل أمريكية
وفي حين رصدت تقارير أن شركات الدفاع العالمية ستجني حوالي 52 مليار دولار كإيرادات نقدية إضافية في 2024 جراء عمليات الاستيراد الإسرائيلية الضخمة، من هذا المبلغ، ستذهب 26 مليار دولار لخمس شركات أمريكية رئيسية.
فقد أظهرت الإحصائيات أن الولايات المتحدة استحوذت على 69% من واردات إسرائيل من الأسلحة التقليدية الرئيسية بين عامي 2019 و2023.
حيل لدعم إسرائيل وتجاوز الكونجرس
ووسط ذلك، سعى الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته جو بايدن إلى تسهيل عمليات تصدير الأسلحة والمعونات لإسرائيل دون أخذ موافقات الكونجرس الأمريكي.
فقد أبرمت إدارة بايدن أكثر من 100 صفقة أسلحة مع إسرائيل منذ أكتوبر 2023، دون الوصول إلى الحد الأدنى، الذي يتطلب موافقة الكونجرس، وهو 250 مليون دولار.
فمن بين أكثر من 100 صفقة مساعدات عسكرية أرسلت إلى إسرائيل من الولايات المتحدة، رصدت "الشروق" أن 6 فقط منها مراجعة الكونجرس الأمريكي، حيث تم الموافقة عليها والإعلان عنها، من ضمنها شحنات معجلة من الأسلحة تلقاها الجيش الإسرائيلي من مخزون استراتيجي تحتفظ به الولايات المتحدة منذ الثمانينيات.
أوامر تصنيع فوري وإفراج عن مخزون
بعد ساعات من العدوان الإسرائيلي على غزة في 7 أكتوبر 2023، بدأت الولايات المتحدة في إرسال سفن وطائرات حربية إلى المنطقة، وأعلنت استعدادها لمنح إسرائيل كل ما تحتاجه.
وشملت المساعدات العسكرية الاستثنائية التي قدمتها أمريكا لإسرائيل ذخيرة الدبابات والمدفعية والقنابل والصواريخ والأسلحة الصغيرة والطائرات المقاتلة، بجانب بطاريات الدفاع الصاروخي للقبة الحديدية وغيرها من الأسلحة والمعدات العسكريك.
فخلال عام الحرب تسلمت إسرائيل مجموعة من الأسلحة والذخائر، تضمنت 36 ألف طلقة من ذخيرة المدافع عيار 30 ملم، وقذائف مدفعية عيار 155 ملم، 1800 ذخيرة من نوع "إم 141" المخصصة لاختراق التحصينات، بجانب ما لا يقل عن 3500 جهاز للرؤية الليلية.
ومنحت الولايات المتحدة الاحتلال 14 ألف قنبلة من طراز "إم كيه 84" وزن 2000 رطل، و6500 قنبلة من الطراز نفسه وزن 500 رطل، و3000 صاروخ جو-أرض موجه بدقة من طراز هيلفاير، و1000 قنبلة خارقة للتحصينات، و2600 قنبلة صغيرة القُطر.
كما طلبت إسرائيل 200 طائرة مسيرة خارقة للدروع من طراز "سويتش بليد 600"، والتي لا تتوفر حاليًا في مخازن الجيش الأمريكي، ولم يتضح ما إذا كانت الشركة المصنعة تمتلك طائرات جاهزة للتسليم أم ستحتاج إلى تصنيعها خصيصًا.
وشُحنت الأسلحة مباشرة من الولايات المتحدة، أو تم إصدار أوامر لتصنيعها فورًا، بينما وفر البنتاجون بعض المعدات من مخزوناته في أوروبا، ما أطلق يد الاحتلال الإسرائيلي في عملياته الإجرامية وسرع من وتيرة القتل.
شركات السلاح الأمريكية مورد حرب الإبادة
ذكر موقع منظمة "أمريكان فريندس سيرفيس كوميتي" المعني بأبحاث قضايا السلام، أن ترجمة الدعم العسكري للاحتلال الإسرائيلي يتم من الإدارة الأمريكية من خلال سلسلة توريد للسلاح تبدأ من شركات أمريكية متخصصة في تصنيع نوعيات مختلفة ومتطورة من الأسلحة التي فتكت بأرواح آلاف المدنيين الفلسطينيين.
وتأتي أبرزها شركة بوينج، التي تعد خامس أكبر شركة أسلحة عالميًا، وتختص بتصنيع مقاتلات "F-15" ومروحيات هجومية من طراز آباتشي "Apache AH-64"، التي استخدمتها القوات الجوية الإسرائيلية بشكل مكثف في الهجمات على غزة ولبنان.
كما تنتج مجموعات التوجيه "JDAM"، التي تحول القنابل غير الموجهة من سلسلة "MK-80"، المصنعة من قبل جنرال ديناميكس، إلى قنابل موجهة بدقة.
ومن أبرز المناسبات التي استخدام بها تلك الأسلحة، في مارس الماضي، خلال غارة جوية استهدفت مركز إغاثة طارئ في جنوب لبنان، أسفرت عن استشهاد 7 متطوعين مدنيين.
وفي نوفمبر 2023، حينما تم قصف مخيم جباليا للاجئين في غزة، مما أدى إلى استشهاد مئات المدنيين الفلسطينيين، وأيضا حينما استهدف الاحتلال منازل عائلات فلسطينية في دير البلح، ما أدى إلى استشهاد عشرات المدنيين.
وتصنع بوينج أيضًا القنبلة صغيرة القطر "GBU-39"، التي استخدمتها إسرائيل بشكل واسع، ففي 26 مايو الماضي، استُخدمت قنبلتان من هذا النوع في غارة على مخيم تل السلطان للاجئين في رفح، مما تسبب في استشهاد 45 مدنيًا على الأقل، فيما سرعت بوينج تسليم ألف قنبلة صغيرة القطر، و1800 مجموعة توجيه "JDAM".
تفوق إسرائيل العسكري استراتيجية أمريكية ممتدة
ليس ذلك فقط، فبموجب القانون الصادر عام 2008، يتعين على الولايات المتحدة أن تضمن أن أي أسلحة تقدمها إلى دول أخرى في الشرق الأوسط لا تؤثر على التفوق العسكري النوعي لإسرائيل.
وفي عدة حالات ، تطلب هذا من الولايات المتحدة تزويد إسرائيل بأسلحة تعويضية كجزء من مبيعات أسلحة إقليمية أكبر.
كما ضمن التفوق العسكري النوعي أن تكون إسرائيل أول دولة في المنطقة تحصل على أكثر الأسلحة والمنصات العسكرية الأمريكية تطوراً، مثل مقاتلة الشبح إف-35، التي تمتلك إسرائيل خمسين منها.
هل التزمت أمريكا بمراجعة عملية استخدام الأسلحة؟
وبالرغم من أن قانون "أكا" الأمريكي ينص على إلزام وزارتي الخارجية والدفاع بمراجعة استخدام الأسلحة الأمريكية لضمان استخدامها وفق الأغراض المحددة لها.
فمع ذلك، صرحت سابرينا سينج، المتحدثة باسم وزارة الدفاع، قائلة: "نحن نراقب ونتابع المساعدات التي نقدمها، لكن بمجرد أن تصل إلى أيدي الإسرائيليين، يكون القرار بشأن كيفية استخدامها متروكًا لهم، وليس لنا أي دور في ذلك".
دعم سياسي ودبلوماسي لا محدود
بالرغم من أن الدعم المالي والمساعدات العسكرية كان لها نصيب الأسد من الدعم اللامحدود من جانب الولايات المتحدة لإسرائيل، إلا أنه ومنذ حرب الإبادة الجماعية التي شنها الاحتلال على قطاع غزة، ظهر الدعم السياسي والدبلوماسي اللامشروط من جانب الولايات المتحدة لإسرائيل إبان حربها مع المقاومة الفلسطينية.
فتحركت الإدارة الأمريكية في دعم الاحتلال الإسرائيلي بشكل سياسي متكامل، حيث خرجت تصريحات الرئيس الأمريكي جو بايدن سابقة لتصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في ضرورة المواجهة الحاسمة.
دعم وتضامن مع إسرائيل رغم المجازر
وجاءت زيارة الرئيس الأمريكي لإسرائيل سريعة للغاية، بعد أيام قليلة من هجوم 7 أكتوبر 2023، لإظهار دعمه وتضامنه معها، وذلك غداة القصف الذي استهدف مستشفى الأهلي المعمداني في قطاع غزة وأسفر مجزرة جماعية استشهد خلالها ما لا يقل عن 500 شخص.
ورغم إعراب بايدن عن "حزنه العميق" للمأساة التي تعرض لها المدنيين الفلسطينيين في مجزرة مستشفى المعمداني، وما نتج عنه من خسائر فادحة في الأرواح، إلا أنه في اليوم التالي ذهب لدعم الاحتلال القائم عليها.
وهدفت زيارة بايدن التي نُظمت على عجل إلى إظهار تضامن الولايات المتحدة الراسخ مع إسرائيل، وهو ما تم استنكاره من بعض وسائل الإعلام العالمية كشبكة "بي بي سي" التي اعتبرت أن "الظهور في منطقة حرب بالنسبة لرئيس أمريكي، مقامرة ذات مخاطر كبيرة".
لإسرائيل نصيب الأسد من زيارات الأمريكان
ورغم ذلك، تبع الرئيس بايدن في نفس السياق كل مؤسسات الإدارة الأمريكية، وعلى رأسها أنتوني بلينكن وزير الخارجية الأمريكي، الذي أجرى عدة جولات مكوكية في عدد من دول الشرق الأوسط والعالم لمحاولة إقصاء المسئولين عن الوقوف ضد ما تفعله إسرائيل في حق الشعب الفلسطيني.
ورصدت "الشروق" أنه من ضمن 11 زيارة أجراها وزير الخارجية الأمريكي إلى الشرق الأوسط، منذ 7 أكتوبر 2023، شملت 10 زيارات منها بالأساس إسرائيل، غير أنه تم استثناء تل أبيب من زيارة بلينكن العاشرة التي شملت مصر فقط.
وفي كل زيارة كان وزير خارجية الولايات المتحدة يبدي حرصه على صلة الرحم الدينية والسياسية التي تربطه بإسرائيل تصريحا لا تلميحا، ففي زيارته الأولى لإسرائيل بعد أياما قليلة من هجوم المقاومة الفلسطينية، قال بلينكن إنه لم يأتِ لإسرائيل بوصفه وزيرا لخارجية الولايات المتحدة فقط، بل بصفته "يهوديا فرّ جده من القتل".
وفي معظم جولاته، التي كان تهدف بالأساس لتهدئة الأوضاع وتنفيذ وقف الحرب، كان بلينكن منحازا للرؤية الإسرائيلية ومتماهيا مع مواقف رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.
أكثر من نصف الفيتو الأمريكي لحماية إسرائيل
بالإضافة للدعم المالي والعسكري والسياسي، كان الدعم الدبلوماسي لإسرائيل من قبل واشنطن أمرا مهما، فتعد الولايات المتحدة أيضا أكبر حليف لدولة الاحتلال في المنظمات الدولية.
فقد استخدمت الإدارات الأمريكية المتعاقبة، منذ السبعينيات من القرن العشرين، حق النقض "الفيتو" في مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة لإحباط مشاريع قرارات تدين الممارسات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، أوتطالبها بالانسحاب من الأراضي التي احتلتها عام 1967.
ومنذ أولى جلسات مجلس الأمن في عام 1970 وحتى نوفمبر 2024، استخدمت الولايات المتحدة حق النقض "الفيتو" 49 مرة ضد مشاريع قرارات مجلس الأمن المتعلقة بإسرائيل، من ضمن 92 فيتو أمريكي، أي ما يزيد عن نصف عددهم.
غطاء دبلوماسي أمريكي خلال عام الحرب
وخلال عام كامل من الحرب، مثل حق النقض في مجلس الأمن الغطاء الدبلوماسي الأمريكي المقدم للاحتلال، حيث أجهضت واشنطن 4 قرارات لوقف حرب الإبادة الجماعية في قطاع غزة، والاعتراف بفلسطين كعضو كامل العضوية في الأمم المتحدة.
فمنذ بداية الحرب، حاول أعضاء مجلس الأمن تقديم قرارات تدعو إلى وقف إطلاق النار وإنهاء الحرب في غزة، لكن أحبطت جميع الجهود من قبل الولايات المتحدة.
وندد العديد من زعماء العالم بجهود الولايات المتحدة لمنع الدعوة لوقف إطلاق النار في المنظمة الدولية، كما أعرب حلفاء واشنطن الغربيون عن أسفهم لعدم تمرير القرارات.
ليس الأكبر في تاريخ الدعم الدبلوماسي
وبالرغم من أن استخدام الولايات المتحدة لحق النقض لأربع مرات خلال عام واحد لإحباط محاولات وقف حرب الإبادة الجماعية التي تشنها إسرائيل، إلا أن هذا العدد ليس الأكبر في تاريخ الدعم الدبلوماسي الأمريكي للاحتلال.
فقد وجدت "الشروق" أن العدد الأكبر رجع لعام 1982، إبان الغزو الإسرائيلي للبنان، حيث استخدمت واشنطن حق النقض 7 مرات لحماية إسرائيل، وعرقلة صدور قرار تدينها جراء سياستها التصعيدية في منطقة الشرق الأوسط وتحديدا في لبنان.
وتلاها عام 1988، حينما استخدمت أمريكا حق النقض 5 مرات لمنع استصدار قرارات من مجلس الأمن الدولي بإدانة الاعتداء الإسرائيلي الجوي والبري على الأراضي اللبنانية والانتفاضات الفلسطينية.
وحل أيضا عام 1989، متساويا مع عام الحرب، حيث شهد استخدام أمريكي للفيتو 4 مرات لحماية إسرائيل من إدانتها لسياستها القمعية في الأراضي المحتلة.
وفي عام 1976، استخدمت أمريكا الفيتو 3 مرات لمنع إقامة دولة فلسطينية حيث أحبطت مشاريع قرار تنص على حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإقامة دولة مستقلة، وضرورة انسحاب إسرائيل من الأراضي المحتلة منذ يونيو 1967.
حماية إسرائيل ومنع إقامة دولة فلسطينية
وركز استخدام أمريكا التاريخي لحق النقض "الفيتو" على منع أي قرارات قد تنتقد إسرائيل بما في ذلك الغزو الإسرائيلي لجنوب لبنان وكذلك ضم إسرائيل لمرتفعات الجولان السورية، التي لا تزال تحت الاحتلال الإسرائيلي، وأيضا منع أي قرارات تدعو إلى إقامة دولة فلسطينية.
وتعد المرة الوحيدة، التي لم تستخدم فيها الولايات المتحدة حق النقض، بخصوص مشروع قرار يتعلق بإسرائيل كانت في عام 1972، إذ دعا مشروع القرار جميع الأطراف إلى الوقف الفوري لكل العمليات العسكرية وممارسة أكبر قدر من ضبط النفس لصالح السلام والأمن الدوليين.
-حشد خلف نتنياهو في محاكمته
وظهر الدعم الدبلوماسي الأمريكي لإسرائيل أيضا خلال محاكمة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، حيث احتشدت إدارة الرئيس جو بايدن خلف الحكومة الإسرائيلية في أواخر مايو الماضي، بعد أن تقدم مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية بطلب للحصول على مذكرات اعتقال بحق نتنياهو ووزير دفاعه السابق جالانت لارتكابهم جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية خلال العدوان على غزة.
وندد المسئولون الأمريكيون بقرار المحكمة الجنائية الدولية باعتقال نتنياهو وجالانت، فيما وصفه البيت الأبيض بأنه "شائن" و"خاطئ للغاية".
انحياز وسائل التواصل الاجتماعي
وبجانب ترويج واشنطن الدائم للرواية الإسرائيلية في منصاتها الإعلامية، وتسيس الرأي العام الأمريكي نحو التعاطف مع الاحتلال، سعت وسائل التواصل الاجتماعي الأمريكية مثل فيس بوك وإنستجرام، لوضع تقييدات على الحسابات الخاصة بالمواطنين، ومنع أي عبارات تأتي لصالح القضية الفلسطينية، مقابل دعم المحتوى الذي يدعم وجهة نظر إسرائيل.
وعمل فيسبوك وإنستجرام على حظر مئات الآلاف من البوستات والتعليقات، بهدف تغيير الصورة لصالح إسرائيل فقط، مما جعل بعض الدول تخاطب فيسبوك رسميا، وتطالبه بالتراجع عن السياق الذي يتخذه منذ اندلاع العدوان، وفق ما ذكرت "هيومن رايتس ووتش".
-كيف يرى الأمريكيون الدعم المطلق للاحتلال الإسرائيلي؟
وسط انتقادات واسعة في السنوات الأخيرة وتحديدا إبان العدوان الإسرائيلي على غزة، دعا بعض المحللين الأمريكيين إلى إعادة تقييم المساعدات الأمريكية لإسرائيل، مشيرين إلى أنها أصبحت دولة غنية، تحتل المرتبة الرابعة عشرة عالميًا من حيث نصيب الفرد، وتمتلك واحدًا من أكثر الجيوش تطورًا في العالم.
وأكد هؤلاء المحللون أن إسرائيل الحديثة لم تعد بحاجة إلى الدعم العسكري الأمريكي كما كانت في فترة السبعينيات خلال الحرب الباردة، حيث كانت تعتمد بشكل كبير على تلك المساعدات.
والآن، يرى المراقبون أن إسرائيل قادرة تمامًا على توفير أمنها دون الاعتماد على المساعدات الأمريكية، وأن استمرار هذه المساعدات يشوه العلاقات الثنائية والسياسات الخارجية للدول.
واقترح ستيفن كوك، الزميل البارز في مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي، التخلص التدريجي من المساعدات العسكرية الأمريكية خلال فترة عشر سنوات واستبدالها بسلسلة من الاتفاقيات الثنائية للتعاون الأمني، مشيرا إلى أن هذه الخطوة ستفيد كلا البلدين وتسهم في تطبيع العلاقات بينهما.
من جانبه، دعا السفير الأمريكي السابق لدى إسرائيل، مارتن إنديك، إلى خفض المساعدات الأمريكية، قائلاً إن العلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل ستكون أكثر صحة واستقلالية من دون هذا الاعتماد.
وأضاف: "حان الوقت لكي تقف إسرائيل على قدميها وهي في سن الخامسة والسبعين".