• أجرت وسائل الإعلام الإيطالية مقابلة مع الرئيس المصرى عبد الفتاح السيسى خلال جولته الأولى فى أوروبا، قدّم خلالها اقتراحا بعيد المدى وله انعكاسات كبيرة على موضوع عملية السلام، وهو إرسال قوات مصرية لمراقبة
تطبيق اتفاق السلام بين إسرائيل والفلسطينيين.
• يمكن افتراض أن أى إسرائيلى سيخاف حين يسمع عبارة «إرسال قوات عسكرية إلى فلسطين» مع كل الأصداء السلبية التى تنطوى عليها (حرب الاستقلال 1948، وحرب الأيام الستة 1967، وحرب يوم الغفران 10 1973). لكن هل المقصود هذه المرة «هجوم سلام»؟ وهل المبادرة المصرية جدية وتستحق الدرس؟
وفى الواقع، فإن الاقتراح المصرى الحالى يشكل عمليا نوعا من «خيار مصرى» تقوم مصر بموجبه بنشر قوات رقابة فى مناطق السلطة الفلسطينية فى الضفة الغربية، وفى قطاع غزة.
• وأوضح السيسى خلال المقابلة أن الوجود المصرى لن يكون «إلى الأبد»، بل سيكون بالتنسيق مع حكومة إسرائيل ورئيس السلطة الفلسطينية وإلى أن يتم التأكد من تنفيذ اتفاق السلام الدائم بين إسرائيل والفلسطينيين.
• إن نشر قوات مصرية فى قطاع غزة من شأنه أن يعيد الوضع إلى ما كان عليه سنة 1967، وهو تماما مثل «الخيار الأردني» فى الضفة الغربية. لكن المقصود هنا نشر قوات مصرية فى جميع أراضى السلطة. والسؤال المطروح من وجهة نظر إسرائيل: هل من الصواب درس هذا الاقتراح؟ وما هى انعكاسات وجود جيش مصرى على بعد دقائق من مدن إسرائيل؟
• يختلف الرئيس السيسى عن الرؤساء السابقين، ويستدعى تعاملا مختلفا معه.
إنه ليس معاديا لإسرائيل مثلما كان محمد مرسى، ولا يتمسك بالستاتيكو مثلما كان حسنى مبارك. فهو رئيس ديناميكى بالمعنى الإيجابى للكلمة، وهو حريص على المصلحة المصرية وليس المصلحة الإسرائيلية. لكن ثمة مصالح مشتركة كثيرة سواء على المستوى الأمنى أو الاقتصادى.
• مما لا شك فيه أن الحل الذى يقتضى وجود الجيش المصرى للرقابة فى مناطق السلطة وغزة هو بمثابة كابوس بالنسبة لـ«حماس»، لأن المصريين لن يتعاملوا مع أعضاء الحركة برفق. كما أن الحل الذى يقترحه السيسى يزيل العائق الأساسى فى وجه عملية السلام الذى تسبب سابقا بفشل عملية أوسلو، أي الإرهاب الإسلامى المستمر. ولكن المبادرة تنطوى عمليا على خطر كبير، فقد ينشأ وضع يكون فيه الجيش المصرى مسيطرا على مناطق فلسطينية تصل حتى نابلس فى الشمال، الأمر الذى لم تنجح مصر فى تحقيقه فى جميع حروبها مع إسرائيل.