الصحوة الضميرية الغربية - الأب رفيق جريش - بوابة الشروق
الأحد 3 أغسطس 2025 5:40 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تتوقع النجاح لنظام الدوري المصري الجديد في ظل مشاركة 21 فريقًا؟

الصحوة الضميرية الغربية

نشر فى : السبت 2 أغسطس 2025 - 9:15 م | آخر تحديث : السبت 2 أغسطس 2025 - 9:15 م

يبدو أخيرًا أن العالم الغربى يصحو من غفوته تجاه القضية الفلسطينية، وبعد أن ظهرت المآسى والجرائم الإسرائيلية فى غزة التى تفوق كل فكر وكل تصور، جاء إعلان الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون الاعتراف بدولة فلسطين، تلاه بريطانيا، ثم البرتغال. وإن كانت خطوة أولية، فإنها غاية فى الأهمية، بل تاريخية، رغم أنها لا تؤدى مباشرة إلى قيام دولة فلسطينية، لكنها تبعث برسالة قوية مفادها أن القضية الفلسطينية لم تمت ولن تُنسى، وأن الشعب الفلسطينى لن يزول، ولا يمكن الاستمرار فى الاحتلال إلى الأبد. وربما تكون هذه الحسنة الوحيدة التى خرجنا بها من خراب غزة، وهى إيقاظ الضمير العالمى ووضعه أمام مسئوليته.
وقد تشجّع هذه الخطوة دولًا أخرى على أن تحذو حذوهم، وهى تضيف، بلا شك، مزيدًا من الضغط السياسى على إسرائيل، ومن ثم على إدارة الولايات المتحدة الأمريكية. فالعالم يزداد تمسكًا بحق الفلسطينيين فى تقرير مصيرهم، لذا فهى مؤشر على تحوّل متزايد فى موقف المجتمع الدولى تجاه هذه القضية.
إن المطالبة بـ«حل الدولتين» تعود رسميا إلى قرار مجلس الأمن الشهير رقم 242 بعد حرب 1967 (مستندًا إلى قرار التقسيم فى 1948)، أى منذ ما يقرب من ستين عامًا، وبسط إسرائيل سيطرتها على باقى أرض فلسطين التاريخية، وهو ما اعتمده البرنامج المرحلى للمجلس الوطنى الفلسطينى. ثم أصبحت فكرة «حل الدولتين» أحد أساسيات التفاوض فى أوسلو 1993 بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل. غير أننا نشهد اليوم قوة ومصداقية واقتناعًا دوليًا غير مسبوق بفكرة «حل الدولتين».. ليس كمجرد إحياء لفكرة متجمدة، وإنما كنتاج لمقاومة صلبة، وتضحيات جسيمة، على مرأى ومسمع من العالم كله على أرض غزة الباسلة، ضد العنصرية الإسرائيلية البغيضة.
لقد حرّكت تلك المقاومة المشهودة كل ذوى الضمائر الحية فى العالم، بما فى ذلك قلب الدول الأوروبية والولايات المتحدة، برغم إحكام اللوبى الصهيونى قبضته عليها. وقد كلفت ما يزيد على 60 ألف شهيد، وما يزيد على 110 آلاف جريح، وسط أنقاض وحطام لم يشهدها العالم منذ الحرب العالمية الثانية. ولكن.. لا شىء بلا ثمن.
بعد ما يقرب من قرن من الصراع بين العرب وإسرائيل، وعبر مراحله الطويلة والمريرة، يتبلور الآن، أكثر من أى وقت مضى، حديث دولى جاد وناضج عن «حل الدولتين» (الفلسطينية والإسرائيلية)، ويكتسب زخمًا دوليًا غير مسبوق. وقد أكّد الدكتور بدر عبد العاطى، وزير الخارجية، خلال لقاءاته على هامش مشاركته فى «مؤتمر التسوية السلمية لقضية فلسطين وتنفيذ حل الدولتين» فى نيويورك، «ضرورة الاستفادة من الزخم الدولى المصاحب للمؤتمر فى زيادة وتيرة الاعتراف بالدولة الفلسطينية، واستعادة الحقوق المشروعة للشعب الفلسطينى، وعلى رأسها حقه فى تقرير المصير وإقامة دولته المستقلة».
وأخيرًا، هذه الصحوة الضميرية الغربية نتمنى أن تصاحبها أفعال حقيقية، ليس فقط بالاعتراف بدولة فلسطين، ولكن بالضغط على إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية فى اتجاه حل الدولتين، لكى ننهى زمنًا من الصراع، فهذا فى مصلحة الجميع، وننتقل إلى مرحلة السلم وبناء البشر قبل الحجر.

الأب رفيق جريش الأب رفيق جريش
التعليقات