نشرت صحيفة ذا تايمز أوف إسرائيل مقالا للكاتب شالوم يرشالمى، تناول فيه نأى رئيس الوزراء الإسرائيلى بنفسه عن اجتماع وزير دفاعه مع رئيس السلطة الفلسطينية، لكن يبدو أنهما على ما يرام مع اتباع كل منهما نهجًا مختلفًا لإرضاء القواعد اليمينية واليسارية فى الائتلاف الحكومى.. نعرض منه ما يلى.
اعتبارًا من الآن، يبدو أن الحكومة الإسرائيلية منقسمة إلى معسكرين مختلفين بشأن عملية السلام مع الشعب الفلسطينى. فكل معسكر يعمل على تطوير أجندته الخاصة، ولكن يبدو أن كليهما على ما يرام ويشعران بالارتياح تجاه هذا الوضع.
يقود المعسكر اليمينى رئيس الوزراء نفتالى بينيت. بينما الجناح اليسارى يقوده وزير الدفاع بينى جانتس. وعلى الرغم من التوترات التى تحدث فى بعض الأحيان، يتمتع الزعيمان بعلاقة جيدة.
كان هذا التوجه ذو الرأسين واضحًا فى مناسبتين. أولاهما، عندما قال بينيت إن سياسة حكومته تقضى بتعزيز المستوطنات لأنها «أكثر يمينية» من تلك التى كان يقودها بنيامين نتنياهو، وبناء عليه، وافقت الحكومة على بناء آلاف المستوطنات الجديدة فى الضفة الغربية.
ثانيهما، ليلة الأحد الماضى، عندما التقى جانتس برئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، وهو تطور لم تشهده الجبهة الدبلوماسية بين الطرفين الفلسطينى والإسرائيلى منذ سنوات عديدة. تم تنسيق الاجتماع بالكامل مع بينيت. ومع ذلك، انضم رئيس الوزراء ودوائر مقربة منه إلى أحزاب التحالف اليمينية الأخرى فى التعبير علنًا عن استيائها من هذا اللقاء.
وبعيدا عن التعليقات التى تنتقد الاجتماع، نُقل عن مصادر حكومية إسرائيلية ــ رفضت ذكر اسمها ــ قولها إن غانتس «يفعل ما يشاء، ويعمل بمفرده ويدير حكومة داخل حكومة».
على إثر لقاء جانتس مع عباس، عقد بينيت وجانتس اجتماعا مطولا يوم الثلاثاء الماضى. قال فيه بينيت لجانتس إنه لم يعجبه «المهرجان الإعلامى» المحيط بزيارة الأخير إلى رام الله. لكن مقربين من جانتس يقولون إن علاقته مع بينيت رائعة وأن زعيم حزب يش عتيد يائير لابيد هو الذى يؤجج الصراع داخل الائتلاف.
فى غضون ذلك، أفادت صحيفة الشرق الأوسط الناطقة بالعربية ومقرها لندن أن قمة رباعية نادرة من المقرر عقدها فى شرم الشيخ بشبه جزيرة سيناء بمشاركة بينيت ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس والرئيس المصرى عبدالفتاح السيسى والعاهل الأردنى الملك عبدالله الثانى لمناقشة موقف موحد بشأن استئناف محادثات السلام الإسرائيلية الفلسطينية والمفاوضات مع الولايات المتحدة.
لكن مكتب بينيت أصدر نفيًا سريعًا، يوم الأربعاء الماضى، ووصف التقرير بأنه «كاذب» وأضاف: «لم تكن هناك نية لعقد اجتماع مع رئيس الوزراء ورئيس السلطة الفلسطينية ولا يتوقع مثل هذا الاجتماع. لكن الرئيس السيسى دعا بينيت إلى اجتماع فى مصر، وسيلتقى به قريبا».
فى كل الأحوال، الوضع الحالى يناسب كلا من بينيت وجانتس. فأحزاب ائتلاف يسار الوسط (يش عتيد، أزرق أبيض، العمل، ميريتس ورعام) سعيدة بلقاء وزير الدفاع مع عباس، فى حين أن حزب يمينا، وأمل جديد، وإسرائيل بيتنا راضون عن تحفظات بينيت المعلنة بشأن اجتماع جانتس مع عباس.
يمكننا أن نتوقع المزيد من هذا فى المستقبل. سيزعم بينيت مرارًا وتكرارًا أنه لا توجد محادثات سلام مع الشعب الفلسطينى لإرضاء قاعدته المؤيدة للاستيطان، بينما سيجرى جانتس مثل هذه المحادثات، لإرضاء أحزاب الائتلاف اليسارى.
يقول مقربون من جانتس إنه يشعر بحرية أكبر مما كان يشعر به كوزير للدفاع فى الحكومة السابقة بقيادة نتنياهو فما كان ليتيح الأخير له لقاء عباس. بينما جانتس الآن هو وزير دفاع مسيطر على رأس ثانى أكبر حزب فى التحالف، وبصفته رئيس أركان سابق للجيش الإسرائيلى يُنظر إليه على أنه الوزير صاحب الخبرة الأكبر.
كذلك، ذكر أحد الوزراء فى حكومة بينيت ــ رفض الكشف عن هويته ــ إن جانتس يتمتع الآن بخبرة سياسية أكبر بكثير مما كان عليه من قبل ويعرف كيف يستغل ضعف بينيت السياسى، لأن بينيت ــ الذى يضم حزبه ستة مقاعد فقط ــ لا يمكنه تهديد جانتس أو طرده أو تهميشه.
وإذا مددنا الخط على استقامته، سنجد أيضا أن أحد المجالات التى تحسن فيها جانتس بلا شك هى استخدامه لقسم الإعلام القوى فى وزارة الدفاع. فالوزارة نشرت مؤخرًا صورًا يكون فيها جانتس هو المسيطر والمحورى بينما يكون بينيت على حافة الصورة، هذا إن وجد من الأساس.
هذا ما تبدو عليه أى حكومة برئيسين.
إعداد: ياسمين عبداللطيف زرد
النص الأصلى: هنا