منهج متكامل اسمه الحضارة المصرية - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الإثنين 3 نوفمبر 2025 2:50 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

من يحسم السوبر المصري؟

منهج متكامل اسمه الحضارة المصرية

نشر فى : الأحد 2 نوفمبر 2025 - 7:30 م | آخر تحديث : الأحد 2 نوفمبر 2025 - 7:30 م

هل يمكن أن ندرس ونناقش ونتحاور بشأن إمكانية وجود مقرر دراسى متكامل اسمه «الحضارة المصرية» على كل التلاميذ والطلاب من الصف الأول الابتدائى وحتى الثانوية العامة فى المدارس الحكومية والخاصة واللغات والدولية؟!

 


أتصور أن المنهج الذى أقترحه ينبغى أن يحظى بدراسة معمقة من متخصصين وخبراء فى مجالات كثيرة، حتى يقولوا لنا هل هو مهم ومفيد أم لا.
أطرح هذا الاقتراح متأثرا وسعيدا ومنتشيا بحالة الزخم والحماس والاندفاع الشعبى والاهتمام غير المسبوق بالحضارة المصرية قبل وأثناء افتتاح المتحف المصرى الكبير مساء أمس الأول السبت.
لاحظنا إقبال الكثير من المصريين على اعتزازهم بحضارتهم وتصوير أنفسهم بالزى الفرعونى رجالا ونساء، على وسائل التواصل الاجتماعى ولاحظنا أيضا انتشارا هائلا للتعريف ببعض الآثار المصرية، وإقبال الكثيرين من المصريين على التعرف على جوانب مهمة من تاريخهم القديم.
أتصور أن الحالة المهمة التى واكبت افتتاح المتحف يمكن استغلالها بصورة إيجابية فى مجالات متعددة منها مثلا وجود منهج دراسى متكامل يتناول الحضارة المصرية بصورة عامة وليست شديدة التخصص، ومن يريد التخصص يمكنه دراسة ذلك فى كليات مثل الآثار وغيرها.
أعلم وأدرك أن هناك بعض المناهج الدراسية التى تحتوى على جوانب من تاريخ وحضارة مصر، لكن للأسف معظمها لا يتناول الحضارة كسياق متصل ومتكامل. وأتذكر عندما كنت طالبا كانت المناهج المتعلقة بالحضارة أكثر كثافة وعمقا.
وفى التفاصيل فإننى أقترح أن يشمل المنهج كل مراحل الحضارة المصرية، وليس فقط الحضارة الفرعونية، كما قد يعتقد البعض للوهلة الأولى.
الحضارة الفرعونية جزء أصيل وأساسى من حضارتنا، لكنها ليست المكون الوحيد، فقد تعاقبت على مصر العديد من الحضارات بعدها.
التلميذ أو الطالب ينبغى أن يلم بالأساسيات من الحضارة الفرعونية القديمة، وعليه أن يدرك أن المكونات الأساسية لهذه الحضارة المصرية بكل تنوعاتها عبارة عن مجموعة من العناصر المترابطة التى شكلت هوية مصر، وأن الإنسان المصرى هو المحور الأساسى لهذه الحضارة، وأن نهر النيل هو شريان الحياة للحضارة المصرية، وكذلك موقع مصر الجغرافى ونظامها الإدارى المركزى، ودينها وعقيدتها من أول التوحيد أيام إخناتون وصولًا إلى الإسلام مرورًا بعناصر أخرى مثل اللغة والكتابة والفن والعمارة والعلم والمعرفة.
المنهج المقترح يشمل بالأساس الإلمام بالحضارة الفرعونية التى بدأت ٣٢٠٠ سنة قبل الميلاد واستمرت حتى ٣٣٢ قبل الميلاد.
ثم الحضارة اليونانية البطلمية من ٣٣٢ ق. م حتى ٣٠ ميلادية. ويتضمن أساسا دخول الإسكندر الأكبر وتأسيس مدينة الإسكندرية، ثم الأسرة البطلمية نهاية بانتحار كليوباترا السابعة. وهنا تبدأ الحضارة الرومانية التى استمرت حتى سنة ٦٤١ ميلادية وأصبحت مصر معها ولاية رومانية على يد أغسطس قيصر، وشهدت انتشار المسيحية فى القرون الثلاثة الأولى، ثم دخول مصر مرحلة الحكم البيزنطى أى الروم الشرقيين، ثم الحضارة القبطية من القرن الرابع حتى السابع الميلادى وفيها ترسخت الديانة المسيحية. ثم الحضارة الإسلامية التى بدأت منذ ٦٤١ ميلادية حتى اليوم وصارت مكونا أساسيا لا يقل عن الحضارة الفرعونية.
هذه الحضارة بدأت بفتح مصر فى عهد عمر بن الخطاب ثم بقية عصر الخلفاء الراشدين وتأسيس مدينة الفسطاط كأول عاصمة إسلامية فى مصر ثم العصر العباسى والدولة الطولونية وبعدها الدولة الفاطمية، حيث تم تأسيس القاهرة وصارت هى العاصمة، وكذلك بناء الجامع الأزهر عام 970 ميلادية. وبعدها الدولة الأيوبية ثم عصر المماليك من ١٢٥٠ حتى ١٥١٧، وأهم سماته الازدهار الفنى والمعمارى والعسكرى والتصدى لغزو المغول. وبعده العصر العثمانى من ١٥١٧ حتى ١٧٩٨، ثم العصر الحديث الذى يمتد حتى اليوم وشهد الحملة الفرنسية ١٧٩٨ ثم عصر محمد على ١٨٠٥ ــ ١٨٤٨، ثم الاحتلال البريطانى ١٨٨٢ وأخيرا ثورة يوليو ١٩٥٢.
هذه هى العناوين الأساسية فى التاريخ المصرى، ولا أقصد إطلاقا أن يكون المنهج الجديد تكرارا للتاريخ المصرى الذى يفترض أن يكون هناك حرص حقيقى على دراسته بكل مراحله بالتفصيل. ولكن ما أقصده أن يدرس التلاميذ والطلاب تفاصيل واضحة وشافية عن حضارتهم المتنوعة، حتى يدركوا عظمة هذا البلد.
ظنى لو كان لدينا هذا المنهج المتكامل فلن نعانى كثيرا مع المتطرفين فى كل اتجاه، وسيدرك الصغار أن حضارتهم عظيمة ومتنوعة وبالتالى نزوعهم إلى التطرف سيقل وربما يختفى، وسيكون سهلا للغاية تشكيل وعى قائم على أسس وقواعد حقيقية، وليس مجرد حالة حماسية تخفت مع نهاية أى مناسبة.
عاشت مصر وحضارتها العظيمة.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي