لا شك فى أن الاتفاق المؤقت بين إيران والدول الست العظمى الذى دخل حيز التنفيذ فى 20 يناير الحالى مثير للقلق. فبموجب هذا الاتفاق، يستطيع الإيرانيون الاستمرار فى تطوير برنامج نووى مقلص فى غضون نصف العام حتى يوليو 2014. وفى مقابل ذلك يقوم الغرب بالتدريج بإسقاط عدد من العقوبات الاقتصادية المفروضة على طهران. وخلال هذه الفترة تستمر الاتصالات بين الجانبين بغية التوصل إلى اتفاق نهائى يؤدى إلى رفع تلك العقوبات كليا.
إن الخطر النووى الإيرانى يرافق إسرائيل منذ أعوام طويلة. وقد جرت مناقشة هذا الخطر طوال تلك الأعوام داخل الغرف المغلقة، ولجأت إسرائيل فى مواجهته إلى سياسة الدبلوماسية السرية، والتنسيق الوثيق مع الولايات المتحدة، والأنشطة العملية الهادئة.
ثمة من يدعى أن سياسة إسرائيل هذه هى التى أفضت إلى تشديد وطأة العقوبات على إيران. وقد يكون فى هذا الادعاء جانبا من الحقيقة، لكن النتيجة النهائية الماثلة أمامنا هى اتفاق آخذ فى التبلور بين إيران والغرب قد يفضى إلى امتلاك طهران أسلحة نووية، وكل ذلك على خلفية علاقات إشكالية جدا بين الولايات المتحدة وإسرائيل يتم التعبير عنها من خلال عدم الثقة بين إدارة أوباما وحكومة نتنياهو، ولا تتيح لإسرائيل إمكان التأثير فى أى اتفاق سوف يُصاغ بين إيران والقوى العظمى.
إزاء ذلك، فإن العملية السياسية مع الفلسطينيين تعتبر الآن بمثابة الجسر الوحيد للحوار بين إسرائيل والغرب، وبينها وبين الولايات المتحدة على وجه الخصوص.
ليس هذا هو الوقت الملائم لندرس ونحقق أى سياسة كانت الأصح. لكن بات من الواضح أن إسرائيل موجودة الآن فى خضم وضع معقد قد تصبح فيه منعزلة وعديمة التأثير ومن دون قدرة على التنسيق مع أكبر صديقة لها.
وبالتالى يجب على إسرائيل أن تنتهج على وجه السرعة مسارا استراتيجيا يفضى إلى تحسين العلاقات مع الولايات المتحدة والدول الغربية، كى تستطيع أن تؤثر فى الاتصالات وفى الاتفاق الذى سيتم التوصل اليه مع الإيرانيين، وأن تحسن مكانتها الدولية.
يمكن فعل ذلك من خلال الإقدام على خطوة سياسية مفاجئة مع الفلسطينيين تحسن مكانة إسرائيل فى العالم، وتسلب الإيرانيين المبادرة، وتعزز التنسيق الاستراتيجى والعلاقات الحميمة مع الولايات المتحدة.