سيناء منطقة منكوبة بكل ما تعنيه الكلمة من معانٍ، أهلها وظروف معيشتهم، أرضها التى تحتضن الإرهابيين، حدودها التى تهرب السلاح والمال.. التركة ثقيلة يا سيادة الرئيس.. الظروف معاكسة..رجال أعمال جشعون.. إعلام عشوائى مضلل.. أحزاب ورقية إلا قليلا.. مؤسسات مترهلة.. لكن التراجع ليس خيارا مطروحا!
المشكلة الحقيقية ليست فى تغيير الأشخاص، طريقة المعالجة نفسها تحتاج إلى تغيير.. التنسيق المفتقد بين كثير من الأجهزة والمؤسسات يؤدى إلى ارتباك وقت المواجهة.. والموضوعية تقتضى منى الإشادة بقرار الرئيس توحيد القيادة فى منطقة شرق القناة.
لكن مازال التناول الإعلامى لكل ما يتعلق (بأهلنا) فى سيناء سبب أساسى فى تشكيل وعى جمعى يحتقر ويتشكك وبالتالى يتعسف فى التعامل مع المواطن المصرى السيناوى.. هذا إن اعتبره مواطنا أصلا.. وقل الأمر نفسه على (أهلنا) بمطروح؛ النوبة.. إلخ.. وبالمناسبة فأنا مصّر ٌعلى كتابة (أهلنا) ووضعها بين القوسين كاختبار بسيط فى الوطنية سيسقط فيه لا محالة كل عنصرى أو ضيق أفق أو سطحى يتملق قيادات لا تعيره اهتماما.. كلامى للزملاء الإعلاميين قطعا!
وغير بعيد عن دائرة تأثيرها المعالجة الأمنية التى توسع من دائرة الاشتباه وتتعمد الانتقام العشوائى البدائى هى فى حد ذاتها جزء كبير من المشكلة.. هذه عقليات لم تستوعب دروس الحاضر قبل الماضي.. لم تتقن أن تفكر بعقل وتروٍ وتقديم للمصلحة العامة على الخاصة.. أتقنت (كله تمام) دون أن يتم لها أمر واحد على الأرض.. وضعت بيدها بينها وبين الناس حواجز عالية فى الوقت الذى كانت فيه قادرة على فتح صفحة جديدة وتناسى جراحات سنوات (مبارك) العجاف!
العبارات غير المسئولة على غرار قضينا على ٩٩٪ من الإرهاب تزيد الوضع تعقيدا وتعطى للمواطن ألف إشارة سلبية عكسية كلما تجددت العمليات الإرهابية مهما صغر حجمها أو ضعف تأثيرها.. ناهيك عن كونها مؤشرا واضحا على انتهاج نفس أسلوب المعالجة العتيق.. تعتيم.. كله تحت السيطرة.. خلاص مفيش إرهاب!
التفريق بين (الإرهابى) و(أهل سيناء) غير موجود ٍفى قاموسنا.. وأهل سيناء فى الحقيقة هم أول الناس اكتواء من مجرمين عاثوا فى أرضهم فسادا وبدلوا أمنهم خوفا.. أهل سيناء بين نارين.. إرهابيون تكفيريون لا يرحمون ضعفهم ومعالجة أمنية بدائية تعمق جراحهم!
المعركة طويلة جدا.. تحتاج منا أن نصم آذاننا عن الشماتة عن الإرجاف عن التثبيط.. ثبات الانفعال بعد استعانتنا بالله سبحانه هو أمضى أسلحتنا.. مراجعة الأخطاء التى شابت بعض الإجرائات سلاح آخر به نفقد عدونا ذريعة من ذرائعه كان يستخدمها لاستدرار تعاطف موتور هنا ومكلوم هناك.. لنا تاريخ سابق أيام الاستعداد لمعركة التحرير فى التعامل مع الضغط الجماهيرى وتوجيه حماسته التوجيه الإيجابى.
سيناء تحتاج معركة جديدة.. معركة تحرير من قبضة الإرهاب.. ومعركة تعمير ينتشلها من فقر وبؤس.. ومعركة تنوير لعقول ظنت الباطل حقا وتوهمت القبح جمالا واعتنقت القتل والترويع مذهبا.. بالمناسبة تنوير لا تعنى تغريب ولا علمنة!