عرفت السينما المصرية فى النصف الأول من السبعينيات ما يعرف باسم (المرحلة اللبنانية) حيث احتفى المنتجون فى لبنان بالسينمائيين المصريين واستقبلوهم فى بيروت للقيام ببطولة أفلام، ينتمى أغلبها إلى ما يسمى بالفيلم التجارى الرومانسى. وقد جمعت هذه الأفلام ظواهر عديدة منها الجرأة الشديدة فى الملابس والمواقف وأيضا الاعتماد على نجوم السينما من الطراز الأول وأهم هذه الميزات هى أن أغلب تلك الأفلام كان أبطالها لا يزيد عددهم عن ثلاثة أشخاص، وهو أمر مقصود، باعتبار أن انتقال النجوم إلى بيروت واستضافتهم فى الفنادق أمر يحتاج إلى ميزانية تكميلية، ولذا فإن كُتاب السيناريو كانوا يكتبون أفلامهم فقط لثلاثة أشخاص، ومن هذه الأفلام «الزائرة»، و«أجمل أيام حياتى»، و«حبيبتى» لهنرى بركات، وهذا الفيلم الأخير -مثلا- كان بطلهما فاتن حمامة ومحمود ياسين ذلك الفتى الذى سافر إلى لبنان أكثر من مرة فى سنوات شهرته الأولى، ومن بين تلك الأفلام «ليتنى ماعرفت الحب» إخراج أنور الشناوى الذى عرض عام 1976، وهو من تأليف فاروق صبرى وكتب له السيناريو والحوار صبرى عزت، ورغم أننى أعرف أن صبرى اعتاد على اقتباس قصص أفلامه من السينما العالمية إلا أننى لم أتمكن أبدا من معرفة أصل القصة الخاصة بهذا الفيلم الذى يعتمد -أيضا- على ثلاث شخصيات هى الفتاة سلوى والشاب محمود ثم الرجل الغامض لزقة، وهم ميرفت أمين ومحمود ياسين وعادل أدهم.
بدأت القصة فى مطار القاهرة حين التقت سلوى بمحمود وصار رفيقا لرحلتها أثناء تواجدها فى لبنان أى أننا أمام حدوتة مصرية خلفيتها أرض لبنانية يحدث تقارب بين سلوى ومحمود، وفى أثناء ذلك فإن رجلا غامضا يبدأ فى مطاردة المرأة ويطلب منها مبلغا من المال مقابل عدم كشف سرها فى أنها قتلت زوجها الأسبق أثناء إصابتها بأزمة نفسية، هذا الزوج السابق كان غنيا لكن سلوى خرجت من الزيجة بلا أى دخل وتدور الأحداث بطيئة ولكنها تثير الغريزة باعتبار أن المرأة تضطر فى النهاية إلى أن تبلغ محمود أنها بالفعل قتلت زوجها وتطلب منه الوقوف إلى جانبها، وتكون المفاجأة أن محمود هو ضابط شرطة مهمته القبض على القاتلة، وأن لزقة هو أيضا ضابط شرطة متخفى أى أن القصة لا تتسع أبدا لأكثر من ثلاثة أشخاص لكن السيناريو فى الدقائق الأخيرة من الفيلم صور لنا كيف قتلت سلوى زوجها حين تسربت من المستشفى النفسى بعد منتصف الليل وأطلقت الرصاص على زوجها ثم عادت إلى مكانها، ولما صار الأمر صعبا على الشرطة تم اللجوء إلى هذه الحيلة، هذا النوع من الأفلام صنع ما يسمى بأعمال قليلة التكاليف متوسطة الجودة الفنية وقد تم من خلالها الاستفادة من الهجرة المؤقتة التى قام بها نجوم السينما المصرية وهناك قائمة كبيرة من الأسماء اضطروا للعودة إلى مصر فى عام 1976 بعد أن اندلعت الحرب الأهلية الثانية فى بيروت أى أن انتعاش هذه الظاهرة كانت لها أسبابها ثم صارت لبنان بلدا مجردا من السينما لسنوات طويلة ولم يعد نجوم مصر إلى هناك بمثل هذه الكثافة أبدا بما يعنى أن تلك الفترة استمرت عشر سنوات كاملة حيث ذهب إلى هناك كبار المخرجين منهم يوسف شاهين وبركات، وأيضا أبناء الجيل الجديد ومنهم أنور الشناوى الذى أدهشنا عام 1972 بفيلمه «السراب»، لكنه لم يقدم أبدا فيلما بمثل هذه الجودة وتاه فى السينما التجارية.