قبل أيام حدثت كارثة فى المستشفى الجامعى بجامعة بنها، حينما سقط المصعد، وهو ما أدى إلى مقتل سبعة أشخاص.
التقرير الفنى للجنة التى شكلها رئيس الجامعة د. سيد القاضى، كشف عن أمر غريب وهو أن هناك خمسة مصاعد من بين 18 مصعدا فى المستشفى، لا تصلح للعمل نهائيا، وعلى الرغم من ذلك يتم تشغيلها ويركبها مرضى ومواطنون، من زوار المستشفى، وأوصى التقرير بوقفها عن العمل وغلقها لحين إصلاحها.
طبعا سوف يسأل أى شخص لايزال لديه حد أدنى من العقل السؤال البديهى: وكيف كانت تعمل هذه المصاعد، وأين هم المسئولون عنها؟!.
مشرف صيانة المصعد كمال عبدالرشيد قال إن حادث السقوط متعمد، وأضاف فى حديثه للإعلاميين إيمان الحصرى فى قناة DMC: «إن عامل المصعد أخبره بأن «هناك شخصا من خارج المستشفى، فتح باب المصعد بالمفتاح ومشى والأسانسير كان طالع، وأن كاميرات المراقبة أثبتت تورط شخص فى تخريب المصعد».
طبعا يصعب إلى حد كبير تصديق قيام شخص بتخريب مصعد موجود به زوار ومرضى إلا إذا كان مختلا، لكن إذا ثبت صحة هذه الرواية فسيكون الأمر غريبا تماما.
وإلى أن تحسم النيابة الأمر، نعود إلى قصة الإهمال التى أثبتها تقرير اللجنة الفنية.
كلام التقرير يكشف بحسن نية عن الخطر الأكبر الذى يهدد هذا البلد بأكمله وهو الفساد واللامبالاة وانعدام الكفاءة.
لو أن «السيستم» كان يعمل بصورة صحيحة، وكان كل مسئول يمارس عمله بكفاءة وإتقان ويراعى الله وضميره، ما وقعت هذه الكارثة. ولو أن هؤلاء المسئولين كانوا يعرفون أن عقابا رادعا سوف يطالهم نتيجة هذا التقصير، لتحركوا وأدوا ما عليهم من واجب، لكن وكما يقولون: «من أمن العقوبة أساء الأدب».
القصة لا تتعلق بمستشفى بنها الجامعى، ولا أعرف المسئولين هناك، وحتى لا أقسو عليهم فإن الأمر يتعلق بنظام عام شائع فى غالبية الوزارات والمؤسسات وخصوصا المحليات، لكن من سوء حظهم أن الكارثة وقعت عندهم، وقد تتكرر لا قدر الله فى مكان آخر غدا أو بعد غد!!!.
طبعا وزير التعليم د. خالد عبدالغفار أحسن صنعا حينما قبل استقالة عميد كلية طب بنها ورئيس مجلس إدارة المستشفيات بالجامعة ومدير عام المستشفيات والمدير الإدارى ومدير الإدارة الهندسية والمشرفة على أعمال الصيانة والمصاعد بالمستشفيات.
هذا قرار جيد جدا، لكن هل سيكون رادعا لمنع تكرار المأساة؟!
بالطبع لا، ولابد أن يتواصل التحقيق حتى يدفع كل المقصرين ثمنا لإزهاق هذه الأرواح البريئة!. لا نريد قرارات متعجلة، بل نريد حلولا تمنع تكرار مثل هذه المآسى مستقبلا.
كان غريبا مثلا القرار الذى تم إصداره بغلق قسم الاستقبال بالمستشفى. وكأننا نعاقب المرضى!!!. أيهما أفضل أن نعطل المصاعد الخربة والمتهالكة، أم نغلق الاستقبال تماما؟!
ثانيا: قرأت تصريحا للدكتور إبراهيم راجح مدير عام المستشفيات الجامعية الجديد بعد جولة مفاجئة قام بها فجرا، لمتابعة سير العمل، وقوله إنه لا مكان لمهمل أو مقصر فى القطاع الطبى.
أفهم حسن نية الدكتور راجح الطيبة، وأنه يريد إرسال رسالة لجميع العاملين والموظفين بضبط العمل، لكن مثل هذه التصريحات الصارخة بأنه لا مكان لمهمل أو القيام بجولة فجرا، كل ذلك لن يحل المشكلة، بل قد يفهم بأنه رسالة للإعلام وامتصاص الغضب أو ما يسمى بـ«شدة الغربال»!!.
لو أن المدير السابق قام بجولات فجرا أو عاقب المقصرين ما وقعت الكارثة وبالتالى أتمنى أن يمارس د. راجح عمله فى هدوء ويكافئ المجيدين ويعاقب المقصرين، وينتهى الأمر، علما بأن هناك تقارير متضاربة بأن راجح قدم استقالته هو الآخر!.
لو أنه تمت معاقبة الرءوس الكبيرة فى جريمة المصعد فسوف تنضبط بقية المستشفيات، أما «التصريحات العنترية والتخديرية» فهى ستلهى الناس أياما، وبعدها يعود كل شىء لمجراه الطبيعى إلى أن تقع كارثة أخرى لا قدر الله!!.