مساء السبت الماضى نشرت مجلة «المجلة» السعودية نقلا عن مصدر دبلوماسى عربى أن وزير الخارجية المصرى الأسبق السفير نبيل فهمى سيكون الأمين العام الجديد لجامعة الدول العربية خلفا للأمين العام الحالى السفير أحمد أبو الغيط الذى ستنتهى فترة ولايته فى يونيو المقبل.
وإذا تم اعتماد هذا الترشيح رسميا فسيكون ذلك خبرا سعيدا للجامعة أن يتولى أمانتها العامة شخصية بحجم وثقل ومكانة نبيل فهمى.
نعلم أنه قبل شهور تم نشر تصريحات غير موفقة بأنه سيتم ترشيح الدكتور مصطفى مدبولى رئيس مجلس الوزراء لأمانة الجامعة.
وحينما سألت مصادرى فإنهم جميعا نفوا الخبر أو استبعدوا حدوثه، وبعضهم قال لى إن هذا النشر بهذه الطريقة كانت له آثار سلبية للغاية. وقتها وقبلها وجدنا اجتهادات عربية كثيرة تقول: ولماذا تحتكر مصر المنصب؟ ولماذا لا يتم تدويره؟!
المهم قبل شهور سألت مصدرا واسع الاطلاع عن هذا الموضوع، فقال لى: اطمئن، المنصب سيظل مصريا. حاولت معه أن أعرف الاسم فرفض بشدة.
بعدها قابلت مصدرا آخر فرفض بدوره، فذكرت له بعض الأسماء المحتملة، فقال لى: نعم أحدهم وهو نبيل فهمى موجود فى القائمة التى ذكرتها.
وبدون إساءة لأى شخص أو مرشح فإن اسم السفير نبيل فهمى سيكون إضافة حقيقية للجامعة العربية فى هذه الفترة العصيبة، إذا اكتملت عملية الترشيح وتم اعتمادها رسميا من مؤسسة القمة العربية.
المعروف أن هناك آلية واضحة لعملية اختيار الأمين العام الجديد للجامعة، تتم بصورة شبه ثابتة منذ إنشاء جامعة الدول عام ١٩٤٥ وحتى اختيار آخر أمين وهو السفير أحمد أبو الغيط فى عام ٢٠١٦.
العرف وليس القانون أو اللائحة أو الميثاق هو الذى جعل منصب الأمين العام للجامعة مصريا.
الآلية أن دولة المقر هى التى تتولى أولا اختيار المرشح، وهو فى الغالب يكون سفيرا، وجرى العرف أن يكون وزير خارجية سابقا، لكن ذلك ليس شرطا.
مصر تقوم بالتواصل مع الدول الأعضاء بصورة ودية أولا ثم استمزاج رأيها بشأن المرشح، وإذا حدث التوافق المبدئى، يتم طرح الاسم على اجتماع وزراء الخارجية العرب الدورى فى سبتمبر، وفى حال إقراره بصورة مبدئية، يتم رفع الأمر إلى مؤسسة القمة خلال اجتماعها الدورى فى مارس من كل عام. وإذا تمت الموافقة، فإنه يتولى منصبه فى نهاية يونيو من كل عام.
وقد تعاقب على هذا المنصب ثمانية أمناء عامين هم عبد الرحمن عزام من ١٩٥٢ - ١٩٤٥ ، ثم عبد الخالق حسونة من ١٩٥٢ إلى ١٩٧٢ ، ثم محمود رياض من ١٩٧٢ إلى ١٩٧٩ ، ثم أحمد عصمت عبد المجيد من ١٩٩١ وحتى ٢٠٠١ ، ثم عمرو موسى من ٢٠٠١ وحتى ٢٠١١ ، ثم نبيل العربى من ٢٠١١ وحتى ٣٠ يونيو ٢٠١٦ .
وهناك استثناء واحد حدث لهذا العرف أو القاعدة هو تولى التونسى الشاذلى القليبى منصب الأمين العام فى الفترة من مارس ١٩٧٩ وحتى سبتمبر ١٩٩٠، بسبب تعليق عضوية مصر ونقل مقر الجامعة من القاهرة إلى تونس بسبب كامب ديفيد.
وبالتالى فنحن الآن فى مرحلة يفترض أن الترشيح تم رسميا من مصر، وتمت الاتصالات المطلوبة، وطالما أن أول مصدر أعلن الخبر رسميا هو مجلة «المجلة» السعودية فالمعنى العام أن هناك مباركة وموافقة خليجية، يفترض أن تتحول إلى موافقة عربية شاملة فى أول اجتماع لوزراء الخارجية العرب فى سبتمبر المقبل.
أعود إلى شخص نبيل فهمى وأقول إنه الأكثر تأهيلا لقيادة الجامعة فى الفترة المقبلة. بالطبع كان الله فى عونه، فلا أعتقد أن هناك ظروفا أسوأ عربيا من تلك التى نعيشها الآن.
هناك توحش إسرائيلى ليس فى فلسطين فقط بل فى المنطقة بأسرها بدعم أمريكى سافر، ووصل الأمر برئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو إلى التصريح بالعمل على خريطة إسرائيل الكبرى من النيل للفرات، والعالم العربى ليس فى أفضل أحواله.
فما الذى يمكن أن يفعله نبيل فهمى فى مهمته الجديدة إذا اكتمل الترشيح وتولى المسئولية؟!
لكى نعرف من هو نبيل فهمى المولود عام ١٩٥١ ووالده إسماعيل فهمى كان وزيرا للخارجية واستقال عام ١٩٧٧ احتجاجا على زيارة الرئيس الأسبق أنور السادات للقدس ــ فإننى أذكر القراء بمذكرات نبيل فهمى الصادرة عن دار الشروق فى فبراير ٢٠٢٢ بعنوان «فى قلب الأحداث» هذه المذكرات تقدم صورة واضحة عن هذا الرجل وحياته وكيف يفكر.