من الذى باع الإوزة؟ - كمال رمزي - بوابة الشروق
الجمعة 11 أبريل 2025 10:37 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تتوقع نجاح اتفاق الهدنة في غزة؟

من الذى باع الإوزة؟

نشر فى : السبت 6 مارس 2010 - 9:56 ص | آخر تحديث : السبت 6 مارس 2010 - 9:56 ص

قصة الأوزة التى تبيض ذهبا تتسم بمغزى عميق وشامل، لا ننتبه له فى الكثير من الأحيان، تقول الحكاية إن رجلا يملك أوزة تمنحه بيضة من ذهب كل يوم، وفى نوبة من نوبات الجشع الممتزج بالغباء انتابت الرجل رغبة عارمة فى الثراء الفورى، وبلا تردد قام بذبح الأوزة كى يحصل على البيض المكدس فى جوفها دفعة واحدة، وعندما اكتشف حماقته أخذ يلطم خديه ويعض بنان الندم..

ودائما، خاصة هذه الأيام، تذكرنى السينما المصرية، بأفلامها التى تتجاوز الثلاثة أفلام، بتلك الأوزة التى تبيض ذهبا، فالفيلم السينمائي هو السلعة الوحيدة التى لا تتوقف عن العطاء.

الفيلم الواحد، يعرض بلا توقف، ينتقل من شاشة السينما إلى شريط الفيديو، يجرى تصديره إلى عشرات الدول، يعاد عرضه مرارا، تتنافس عليه القنوات التليفزيونية.

منذ عدة سنوات، تصاعدت حمى شراء الأفلام المصرية، إحدى الشركات أخذت تدفع أثمانا مغرية لأى فيلم، بما فى ذلك الأفلام المفقودة، وقالت الشركة إنها ستبحث، بطريقتها، عن الشرائط الضائعة، فالمهم، أن يكون عندها صكوك الملكية، وعلى طريقة صاحب الإوزة الأرعن، ذبح أصحاب الأفلام أوزاتهم، بالبيع وليس بالسكين..

ويومها، تساءل البعض: ما السر وراء هذه الشركة؟.. وبعد فترة، بدأت هذه الأفلام تظهر على قنوات «روتانا» التى يملكها الملياردير الوليد بن طلال، وفوجئ عشاق السينما بعشرات الأفلام القديمة، والضائعة، تعرض على قناة «روتانا زمان»، ولكن على نحو بالغ النضارة.

فصاحب القناة الشاطر، أحضر أجهزة وأدوات ومعامل، تقوم بغسل الأفلام وترميمها وإصلاحها وتصحيح إضاءتها، فبدت فى رونق جديد، يبرز جمالها ويؤكد مواهب مبدعيها، ولا يستطيع المتابع إلا أن يأسف حين يقارن بين مستوى الصورة على شاشة «روتانا زمان» وذات الصورة التى تعرضها قنواتنا، التى تعانى من الخربشة والإعتام.

الوليد بن طلال اشترى الإوزة، برضا البائع، تماما كما فعل الشيخ صالح كامل من قبل، وبينما يملك كل واحد منهما ما يزيد على الألف وخمسمائة فيلم، لا تملك القنوات العربية ــ عددها أكثر من ستمائة قناة ــ إلا أقل القليل، وأصبح لزاما عليها، استئجار الأفلام المصرية، إما من «روتانا» أو الـ«A.R.T» ستتنازل عن أفلامها لقناة الجزيرة، نظير مبالغ ضخمة.

يقال إن الوليد بن طلال دخل فى شراكة مع غول الإعلام «روبرت ماردوخ» الذى وصفته الصحافة -عندنا- بأنه صاحب اتجاهات صهيونية، وبالتالى أخذ البعض فى الاستنجاد بقطاع الأعمال ووزير الثقافة وقيادات ماسبيرو كى يستردوا الأفلام المصرية، وفات أصحاب هذه الضمائر الوطنية اليقظة أن الإوزة التى تم بيعها لم تعد فى قبضة أحد، إلا من اشتراها، شأنها فى هذا شأن «عمر أفندى» و«مصانع طنطا للكتان» وعشرات الأوزات التى كانت.. تبيض ذهبا. 
 

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات