إذا استمررنا فى هذا الطريق، فلن نستطيع العودة إلى الوراء، ونحن بالتأكيد نسير إلى داخل الظلمة والكآبة. حاليا، قال نتنياهو لبن غفير فى لقاء معه إن الاتفاق الذى تحدّث عنه بايدن لا يشمل وقفا للقتال، وعمليا، هو يلمح منذ الآن لـ«حماس» إلى أنه عندما نصل إلى وقف القتال، نحن لن نوافق، وبهذا الكلام، يُتوقع أن ترفض «حماس» الصفقة مسبقا.
وكى نفهم حجم المأساة التى نحن فيها، سأقدم إليكم باختصار ما يمكن أن يحدث لنا فى حرب شاملة إقليمية، ربما لسنا مستعدين لها بتاتا، ولا يوجد اليوم من يوجه المواطنين الإسرائيليين كى يستعدوا لها، وهى حرب يمكن أن تحدث بسرعة أكبر كثيرا مما نعتقد، ونحن الآن فى خضم حرب تشكل تهديدا وجوديا مباشرا على دولة إسرائيل.
أولا: يوميا، سيطلق العدو أكثر من 3000 صاروخ ومسيّرة على الجبهة الداخلية، وعلى التجمعات السكانية، وسيبذل جهده لضرب البنية التحتية القومية، أى محطات المياه والكهرباء والوقود والغاز والمواصلات، والصناعة، بالإضافة إلى معسكرات الجيش فى البر والجو البحر، وسيدمر الدولة.
إن تدمير مستوطناتنا فى الشمال هو لا شىء مقارنة بالدمار الذى ستسببه حرب إقليمية شاملة على 5 قطاعات فى آن معا، ومن يتابع الدمار فى مستوطنات الشمال، يدرك أنه ليس لدينا دفاع حقيقى فى مواجهة صواريخ وقذائف ومسيّرات حزب الله. وليس لدينا رد على إطلاق الصواريخ على إسرائيل فى حرب إقليمية واسعة النطاق فى الشرق الأوسط، من سوريا، وإيران، ومن الميليشيات العراقية الموالية لإيران فى العراق وفى اليمن.
ثانيا: فى البر، ستنشب الحرب فى 5 قطاعات: لبنان، وسوريا، والميليشيات الموالية لإيران على حدودنا مع الأردن، والتى يقوم الإيرانيون بإنشائها هناك، وفى الضفة الغربية، وفى قطاع غزة.
كيف سيتمكن الجيش من القتال على هذه القطاعات فى آن معا على الرغم من خسارتنا فى حربنا ضد «حماس»، والتى سببها التآكل الذى طرأ على سلاح البر فى العقود الأخيرة؟
ثالثا: ليس لدى دولة إسرائيل «النَفَس الطويل» المطلوب فى حرب إقليمية شاملة، فهناك نقص شديد فى الذخيرة وشتى أنواع السلاح، ونقص لوجستى، وصيانة الجيش جرت خصخصتها، وتسلمتها شركات مدنية، وهى ليست قادرة خلال الحرب على تأمين التزود بالوقود والذخيرة والغذاء والمياه وقِطع الغيار للقوات الحربية.
رابعا: الجبهة الداخلية الإسرائيلية التى ستكون هدفا أساسيا لصواريخ العدو ليست مستعدة لمواجهة حرب إقليمية شاملة. وإن سكان غوش دان الذين يعيشون كما لو أن شيئا لا يحدث ويواصلون حياتهم الطبيعية ويملأون المطاعم والمقاهى يذكروننى بركاب سفينة «التايتنيك» وهى فى طريقها إلى الاصطدام بجبل الجليد، وأنصح هؤلاء بأن يتحدثوا إلى سكان كريات شمونة الذين بقوا فى البلدة وذاقوا طعم القصف الشديد.
خامسا: على الرغم من هذا كله، لا يزال فى إمكاننا تغيير المعادلة، ولدينا حلول قدمتها مع خمسة طواقم من الخبراء شكلتهم إلى كل صناع القرار فى الدولة: رئيس الحكومة، والوزراء، ورئيس مجلس الأمن القومى، ورئيس لجنة الخارجية والأمن، والوزير جالانت، ورئيس الأركان هرتسى هليفى. وكلهم حصلوا على الحلول التى اقترحناها لهم، لكنهم لم يفعلوا شيئا.
التغيير الفورى للمسئولين عن تقصير 7 أكتوبر من المستوى السياسى والعسكرى وتأليف حكومة جديدة هو وحده القادر على إعادة القطار إلى السكة. الوقت قصير ويوجد عمل كثير من أجل الاستعداد للآتى، وإذا لم نبدأ الآن، فمتى؟
يتسحاق بريك
معاريف
مؤسسة الدراسات الفلسطينية