غزة.. كل الخيارات صعبة - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الإثنين 7 يوليه 2025 1:35 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

من أفضل فريق عربي في دور المجموعات بمونديال الأندية؟

غزة.. كل الخيارات صعبة

نشر فى : الأحد 6 يوليه 2025 - 6:15 م | آخر تحديث : الأحد 6 يوليه 2025 - 6:15 م

هناك احتمال أن يتم التوصل لوقف العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة قريبا، وهناك احتمال مماثل أن تستمر حكومة الاحتلال فى هوايتها العدوانية، لإجبار الفلسطينيين على الهجرة.

نعلم أن الاتفاق المحتمل سيكون طبقا لمقترح المبعوث الأمريكى ستيف ويتكوف، وهو المقترح الذى سبق لحركة حماس أن رفضته أكثر من مرة، لأنه ببساطة لا ينص على أهم مطلبين للفلسطينيين وهما وقف إطلاق النار الدائم والانسحاب الإسرائيلى من قطاع غزة.

صار معروفا أن الهدنة المقترحة تنص على وقف إطلاق النار لمدة 60 يوما يتم خلالها تبادل 10 أسرى إسرائيليين أحياء و18 جثة وإطلاق عدد من المسجونين الفلسطينيين وإدخال المساعدات وأن تعيد قوات الاحتلال انتشارها فى القطاع، وتبدأ عملية التفاوض على وقف إطلاق النار الدائم فى اليوم الأول من بدء الهدنة.

ما يهمنا كعرب فى هذه الهدنة أن آلة القتل الإسرائيلية ستتوقف لشهرين، بعد أن صارت عملية الإبادة فعلا يتم ممارسته كل لحظة تحت سمع وبصر الجميع، ووصل عدد الشهداء منذ بدء العدوان فى ٧ أكتوبر ٢٠٢٣ إلى  57338 شهيدا و135957 مصابا، وعشرات الآلاف من المفقودين تحت الأنقاض إضافة لتدمير أكثر من ثلثى المبانى والمنشآت.

وحتى لا نتفاجأ، فعلينا ألا نثق فى وعود إسرائيل أو إدارة ترامب، ولنا فى كل ما سبق عبرة خصوصا ما حدث مع إيران.

الفلسطينيون ومعهما مصر وقطر حاولوا كثيرا الحصول على ضمانات أمريكية واضحة، بأن يقود وقف إطلاق النار إلى وقف العدوان وانسحاب الاحتلال، لكن رئيس الوزراء الإسرائيلى أصر على موقفه وطلب من الأمريكيين عدم تقديم أى ضمان باستثناء التعهد باستمرار وقف إطلاق النار لمدة ٦٠ يوما.

ونتذكر أن إدارة ترامب توسطت قبل دخولها البيت الأبيض مباشرة فى وقف لإطلاق النار، وهو ما حدث فعلا، فى ١٩ يناير الماضى، لكن وبعد نهاية الهدنة المؤقتة عادت إسرائيل فى 2 مارس الماضى لتشن عدوانا أكثر شراسة، وتعيد احتلال معظم المناطق التى انسحبت منها وتنشئ محاور لتقطيع أوصال القطاع، بعد أن فرضت حصارا وحشيا عليه ومنعت دخول المياه والطعام والوقود وجميع أنواع المساعدات ، ثم اخترعت مع الولايات المتحدة نظاما غريبا لإدخال مساعدات عبر هيئة أمريكية ثبت أنها تتسبب فى قتل منتظرى هذه المساعدات، ومنذ تطبيق هذا النظام فى 27 مايو الماضى، فإن حصيلة الضحايا بلغت 743 شهيدا و4891 مصابا.

وحتى لا نتفاجأ فإنه وما لم تحدث معجزة فإن ما ينتظر الفلسطينيين فى الأيام المقبلة ليس ورديا، فالخيارات لديهم ليست بين الأفضل والأسوأ، بل بين الأسوأ والأكثر سوءًا!

إسرائيل ومعها أمريكا تصر أولا على تهجير أكبر عدد من الفلسطينيين ــ من القطاع تمهيدا لتصفية القضية ، وما تفعله الآن من استهداف لمنتظرى المساعدات، ليس إلا خطوة فى هذا السياق. وإذا عجزت عن تنفيذ هذا السيناريو بسبب صمود الفلسطينيين، فهى تصر على ضرورة القضاء على سلطة حماس فى القطاع ونفى كبار قادتها وكوادرها إلى خارج القطاع ، وألا يكون البديل هو السلطة الفلسطينية  بل كيانات قبلية تحميها وتحمى اسرائيل قوات عربية وإذا حدث ذلك فهو سيناريو شديد الخطورة، وعلينا أن ندرس بهدوء إنشاء سلطة الاحتلال لميليشيات عميلة من عينة ياسر أبو شباب لإشعال حرب أهلية فى القطاع.

فى المقابل نعرف أن مصر ومعها معظم دول العالم تسعى لتطبيق الخطة العربية فى إعادة إعمار القطاع من دون تهجير أهله.

وفى تقديرى أن أى نتيجة ستقود إلى بقاء الفلسطينيين فى أرضهم هى فشل للمشروع الإسرائيلى الأساسى الراغب فى تهجير الفلسطينيين لتصفية القضية.

هذا لا يعنى أن إسرائيل لم تحقق نجاحات فى عدوانها فالرؤية الواقعية تقول إنها قوضت جزءا كبيرا من آمال الفلسطينيين فى إقامة دولة مستقلة قريبا. وصار أقصى أمانيهم الآن العودة إلى حدود ٧ أكتوبر ٢٠٢٣ وليس ٤ يونيو ١٩٦٧. وإعادت القطاع لسنوات إلى الوراء، ورممت مفهوم الردع الذى تعرض لضربة قوية بعد «طوفان الاقصى».

مرة أخرى إذا تمكن الفلسطينيون من البقاء على أرضهم من دون تهجير، فهذا يعنى أنهم قادرون على تضميد الجراح وإعادة بناء أنفسهم انتظارا لجولة أخرى من الصراع يحققون فيها نتائج أفضل.

 

عماد الدين حسين  كاتب صحفي