قد تندلع حرب أُخرى بين إسرائيل وحزب الله فى أى لحظة، ووفقًا لمصادر عربية مختلفة، نُشرت تقارير فى وسائل الإعلام العربية تفيد بأن حزب الله يتخذ خطوات استباقية، تمهيدًا لمواجهة عسكرية واسعة النطاق مع إسرائيل. كما تصدر عن قادة الحزب تصريحات حربية تشير إلى استئناف المواجهات، وتشمل هذه الخطوات توزيع المساعدات والإمدادات، فى حين تقدّر وسائل الإعلام اللبنانية أن المواجهة قد تندلع فعلاً خلال شهر أغسطس.
يترافق هذا التطور مع تصاعُد الإحباط فى كلٍّ من الولايات المتحدة وإسرائيل إزاء الردّ اللبنانى الفاتر على مبادرة المبعوث الأمريكى توم برّاك، ويأتى أيضًا فى ظلّ حالة من عدم اليقين المحيطة بتجديد ولاية قوة الأمم المتحدة الموقتة فى لبنان (اليونيفيل)، والتى من المقرّر أن تنتهى فى أغسطس. يعارض كلٌّ من إسرائيل والولايات المتحدة التجديد التلقائى للولاية ما لم تُمنح «اليونيفيل» صلاحيات كاملة لتطبيق قرار مجلس الأمن الرقم 1701، الذى ينصّ على نزع سلاح حزب الله وبسط سيادة الدولة اللبنانية على الجنوب اللبنانى.
إن الحرب الكلامية المستمرة بين إسرائيل وحزب الله، والتى تصاعدت، على خلفية رفض الحزب العلنى نزع سلاحه، بحجة أن ذلك سيعنى، عمليًا، تسليم ترسانته لإسرائيل، تثير مخاوف من عمليات نزوح جماعى للسكان. وتزداد هذه المخاوف حدةً فى الجنوب اللبنانى، الذى من المتوقع أن يكون ساحة القتال الرئيسية فى أى مواجهة مقبلة.
وبحسب تقارير فى وسائل إعلام لبنانية وعربية (لم يتم التحقق منها بشكل مستقل بعد)، فإن حزب الله يُنشئ 4 مستودعات لوجستية فى المنية والبترون وعكار وجبيل، اثنان منها فى مناطق ذات أغلبية مسيحية (البترون وجبيل). ولتسهيل توزيع المساعدات، يقوم الحزب بنقل فرشات وبطانيات ومستلزمات طبية إلى قرى ذات أغلبية شيعية فى المناطق الشمالية الشرقية من لبنان، ولا سيما فى عكار (حبشيت، وقرحة) وقضاء الكورة (بخبوش، وبنهران، وزغرتا المتاولة). وشوهدت صفوف من الشاحنات الصغيرة التى تنقل هذه الإمدادات إلى المستودعات المخصصة لها، كجزء من استعدادات أوسع للحرب.
ومع ذلك، يبدو كأن دعم جهود حزب الله متفاوت، إذ تُفيد التقارير بأن البلديات ذات الأغلبية السنّية تتردد فى التعاون، بينما تواجه البلديات ذات الأغلبية العلوية صعوبات بسبب العبء المستمر المترتب على استضافة اللاجئين السوريين.
وبينما تزداد التوترات، تنتشر فى الجنوب اللبنانى الشيعى شائعات بشأن هجوم عسكرى إسرائيلى وشيك على أهداف لحزب الله فى الجنوب وبيروت ومناطق شمالية. كذلك يسود التوتر والقلق منطقة بعلبك - الهرمل فى سهل البقاع اللبنانى، والتى تُعتبر معقلًا استراتيجيًا لحزب الله، ويُقدَّر أنها تحتضن جزءًا كبيرًا من ترسانة الحزب الصاروخية، وهو ما يجعلها هدفًا مرجّحًا لعملية عسكرية إسرائيلية.
ومثلما حدث فى مواجهات سابقة، فإن استعدادات حزب الله تتم بمعزل عن المؤسسات الرسمية للدولة اللبنانية، إلى حدٍّ كبير، وهو ما يُبرز ضعف الدولة، ويُظهر بوضوح دور الحزب، كقوة مهيمِنة ومعطِّلة داخل لبنان. وبعكس التحركات الأخيرة لمصرف لبنان المركزى لتفكيك البنية التحتية المالية التابعة لحزب الله، وخصوصًا ذراعه المصرفية «القرض الحسن»، أعلن الحزب افتتاح 4 فروع جديدة، وهو ما رفع عدد فروعه من 36 إلى 40، على الرغم من المصاعب فى تنفيذ العمليات النقدية.
وفى ظلّ تصاعُد الضغط من الولايات المتحدة وأطراف العرب، عُقدت جلسة للحكومة اللبنانية يوم الثلاثاء 5 أغسطس نتج عنها طرح بند "حصرية السلاح بيد الدولة" وهو ما يعني ضمنا التمهيد لمناقشة نزع سلاح حزب الله . وعارض حزب الله وحليفته السياسية «حركة أمل» هذا المسار بشدة، الأمر الذى يُثير القلق من احتمال العودة إلى حرب أهلية. أمّا الفشل فى التوصل إلى قرار حاسم، فسيُقوّض صدقية لبنان، فى نظر الولايات المتحدة وحلفائها، ويُطيل أمد نظام العقوبات، وربما يوفّر مبررا لعمليات عسكرية إسرائيلية ضد الحزب.
جاك نيريا
معهد القدس للاستراتيجية والأمن
مؤسسة الدراسات الفلسطينية