يتعاطف الجيل الحالى بشدة مع أسرة الفنان أحمد زكى التى لن تتمكن تماما من استكمال الرحلة بعد رحيل الابن هيثم أحمد زكى، الذى كان السلالة الأخيرة لأسرة تزاوجت وعملت فى الفن وماتت جميعها الواحد تلو الآخر، دون أن تترك وريثا، الشىء نفسه حدث فى ظروف مأساوية مع أسرة لاما الفلسطينية التى هاجرت فترة إلى أمريكا اللاتينية، ثم جاءت إلى مصر لتشارك فى تأسيس صناعة السينما، وسارت الأسرة تنافس الفنانة المصرية عزيزة أمير فى رحلة استمرت ربع قرن؛ حيث رحل إبراهيم لاما بعد وفاة عزيزة أمير بعام واحد، كانت هناك صدمة فى وفاة بدر لاما الذى كان رياضيا يميل إلى الفروسية، ومن أجل استمرار المسيرة قام إبراهيم لاما بمنح سمير عبدالله، أو سمير لاما فرصة أن يكون خليفة لبدر لاما فكان فيلم «عاصفة فى الربيع» تأليف وإخراج وإنتاج إبراهيم لاما، أما البطولة فكانت تضم شادية وأحمد علام، ومارى منيب، عام 1952، وفى الفيلم أشارات؟؟؟ متكررة أن الشاب المتفوق رياضيا فى العديد من الهوايات فى تلك الآونة هو الأنموذج، فسمير فى الفيلم أيضا مهندس ميكانيكى متفوق رياضيا، يمتلك ثلاثين فدانا، أما أبو حبيبته عبدالسلام الذى يجسده أحمد علام، فإنه طبيب ثرى يتعامل مع هذه علاقة الحب بين ابنته ومدربها باعتبار أن الشاب ليست لديه القدرات المالية المناسبة لتكافؤ المصاهرة ويتعامل بغلظة وصرامة مع الشاب حين تقدم لخطبة ابنته، فى هذا الفيلم بدا ابراهيم لاما كأنه يحاول صناعة بدر لاما جديد، شاب رياضى وسيم، وبالفعل وجدنا أنفسنا فى أجواء مشابهة فى الصحراء، وهو هنا الشاب الرياضى الذى يحب الفتاة سميحة ابنة الإقطاعى؛ حيث يجمعهما حب الخيل ويعمل على تدريبها، كما أنه متفوق فى أكثر من لعبة، أهمها الرماية والفروسية.
يقدم لنا الفيلم شخصية سمير كأنه الشاب المنشود للفتاة حين يتجه سمير إلى الريف لمقابلة والد سميحة، ورغم ذلك فإن الأب المتعلم فى أوروبا والطبيب صاحب العديد من المستشفيات الخاصة، يبدو ضيق الأفق، إذ هو يبحث لابنته عن الأنسب لها اقتصاديا.
لم بيتعد إبراهيم لاما عن الصحراء التى يحبها، بل إن المهندس الشاب يقدم للصحراء مشروعا للتعمير وهو موضوع يشكل واجبا قوميا فى مصر فى تلك الآونة، مثلما قدم صلاح أبو سيف فى فيلم «الصقر» عام 1949، والأغنية الشهيرة يا صحراء المهندس جاى، وهنا نرى تعمير الصحراء الذى قام به المهندس سمير هو المهر الأكثر ضمانا كى يقوم الرأسمالى بتغيير أفكاره، ويزوج ابنته سميحة من حبيبها، ولا شك أن موضوع الفيلم سبق ما فعلته ثورة يوليو بسنوات طويلة التى وزعت فدادين الأرض الزراعية على الفلاحين فيما يسمى بالإصلاح الزراعى، ولم يفكر أحد فى الزحف الحقيقى إلى الصحراء وهو المشروع الذى اتضحت ملامحه بعد سنوات فباع الفلاحون الأرض وبنوا عليها الأسمنت ودمروا خصوبتها، ومن الواضح أننا أمام الفيلم الثانى الذى اقتبسته السينما المصرية عن الفيلم الأمريكى «الانتصار المظلم»، باعتبار أن الفيلم الأول كان «ليلى فى الظلام» عام 1944، أما المرة الثالثة فكان «موعد فى البرج» عام 1962 إخراج عز الدين ذو الفقار، والمرة الرابعة هى «حب فوق البركان» لحسن الإمام 1986، وفى كل المرات كانت الحبيبة هى التى تصاب بفقدان البصر، وتحاول إيهام حبيبها أنها لم تعد تكن له أى عاطفة حتى لا يتورط فى الزواج بفتاة فاقدة البصر، إلى أن تم اكتشاف الحقيقة، وسنرى أن سمير هو الذى فقد البصر، محاولا الاعتذار عما بدر منه، وتنجح العملية التى يجريها الأب بنفسه ويعود سمير بطلا فى رياضة الرماية.
لم يكن بدر لاما بالممثل الموهوب، لكنه كان مقبولا كممثل حركة، أما سمير عبدالله فهو يقل كثيرا فى الموهبة والحضور عن عمه الذى رحل عام 1947، ومن المعروف أن والده استعان به فى أفلامه وهو طفل وراهن عليه وهو شاب، وبعد وفاة الأب، اختفت الأسرة خاصة بدرية رأفت زوجة بدر لاما، ورحل سمير إلى لبنان وعمل مع فاروق عجرمة فى أدوار صغيرة حتى تلاشى الحلم.