إيران.. حجة نتنياهو المملة - صحافة عالمية - بوابة الشروق
الجمعة 13 ديسمبر 2024 5:47 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

إيران.. حجة نتنياهو المملة

نشر فى : الخميس 10 أكتوبر 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : الخميس 10 أكتوبر 2013 - 8:00 ص

كتب روجر كوهين، مقالا نشرته جريدة نيويورك تايمز تناول فيه خطاب رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو، فى الأمم المتحدة الأسبوع الماضى، ومحاولته اقناع العالم مرة أخرى بأن إيران «هى ألمانيا 1938»، على حد تعبيره فى 2006. لكن الأمر كان أكثر صعوبة هذه المرة. ففى كلمته التى جاهد كى يكون لها تأثير، قال إن إيران تشبه «نظام قوة راديكالية رهيبة» فى القرن 20، يمكن أن يكون الرايخ الثالث.

ومن بين من يشككون فى هذا النهج ديفيد هاريس، المدير التنفيذى للجنة اليهودية ــ الأمريكية. ففى اشارة الى الرئيس الايرانى الجديد، حسن روحانى، كتب فى صحيفة هاآرتس الإسرائيلية «لا يعنى أن يجلس أى شخص مع روحانى أنه لن يخدعه. على العكس من ذلك، فإنه سيوجه إليه الإساءة، ثم يفلت».

ويضيف الكاتب، عندما يتشكك أشد مؤيدى نتنياهو ــ قادة الجالية «اليهودية ــ الأمريكية» ــ فى أسلوب تعامله مع إيران، فعلى رئيس الوزراء الإسرائيلى أن يتوقف عن تسمية روحانى بالصفة التى يفضلها «ذئب فى ثياب الحملان»، ويبدأ القلق من الذئب الباكى.

فلم يسمع العالم لتوه من نتنياهو عن الخطر الوشيك الذى تمثله إيران المسلحة نوويا على المدى الطويل جدا. كما لا يقتصر الأمر على ان اسرائيل وضعت العديد من «الخطوط الحمراء» التى ثبت أنها قابلة للاختراق. ولا يتوقف على أن الجمهورية الإسلامية تعتبر واحة من الاستقرار مقارنة بجاراتها سوريا والعراق وأفغانستان. كما أن الأمر ليس مجرد أن انتخاب روحانى يثبت أن إيران ليست دولة شمولية على غرار النازى، ذات سلطة واحدة وإنما هى نظام استبدادى يتعرض لموجات من التحرر والقمع.

●●●

ويرى كوهين أن مصداقية نتنياهو متجذرة فى انحراف الأولويات الظاهر فى خطاب كان التركيز فيه قويا على ايران وضعيفا على فلسطين. فالتحدى الحقيقى لإسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية هو فشلها فى تحقيق السلام القائم على دولتين مع الفلسطينيين، وأدت إطالة أمد احتلال الضفة الغربية إسرائيل إلى إشراف إسرائيل على ملايين الفلسطينيين المحرومين. وقد أظهر استطلاع أجراه مركز بيو للأبحاث مؤخرا أن 17 فى المائة فقط من اليهود الأمريكيين يعتقدون أن استمرار بناء المستوطنات فى الضفة الغربية مفيد لأمن إسرائيل.

وقد ظلت إيران لفترة طويلة أداة فعالة لصرف النظر عن المعضلة الأساسية للدولة اليهودية: فلسطين. ولكن نفاد الصبر العالمى إزاء هذه الاستراتيجية آخذا فى الازدياد.

يرى الكاتب أنه مازال هناك العديد من علامات الاستفهام حول الموقف الإيرانى. كما أن حديث روحانى عن أن «ايران لا تشكل على الإطلاق أى خطر على العالم أو فى المنطقة» كلام مناف للعقل. فلدى بلاده جوانب خفية من برنامجها لتخصيب اليورانيوم. وقد تسببت فى فقدان حياة أمريكيين، وهاجمت مصالح الولايات المتحدة، بأيدى الحرس الجمهورى وحزب الله وأذرع أخرى لجهازها الأمنى. كما وضعت الكراهية البغيضة لإسرائيل وأمريكا باعتبارها الشيطان، فى صميم الأيديولوجية الثورية. وكان الرئيس أوباما محقا فى مطالبته بتحرك شفاف يمكن التحقق منه قبل إبرام أى اتفاق.

والأمر الذى لم تفعله ايران هو صنع قنبلة، بل إنها حتى، فى رأى أجهزة الاستخبارات الغربية، لم تقرر أن تفعل ذلك. ولذلك ينبغى أن تلقى دعوة روحانى لمفاوضات «محدودة زمنيا» من أجل التوصل إلى اتفاق نووى مشاركة غربية كاملة من دون أن تقوم إسرائيل بإفسادها.

وليس من مصلحة إسرائيل أن تفسد الأمر. لأن فرض مراقبة شديدة على برنامج إيرانى محدود للتخصيب ــ الأمر الذى يقبله أوباما من حيث المبدأ ولكن نتنياهو يرفضه ــ يعتبر نتيجة أفضل بكثير بالنسبة لإسرائيل من خوض حرب مع طهران. ولكن، بطبيعة الحال، سوف يتضمن أى اتفاق مع إيران تغييرا أيضا فى العلاقة الأمريكية ــ الإيرانية. ولا ترى اسرائيل أن ذلك من مصلحتها، وبالتالى سوف تطلق بعض التهديد والوعيد.

●●●

ويرى الكاتب أنه ينبغى على نتنياهو خفض نبرة التهديد والوعيد والتركيز، بدلا من ذلك، على المحادثات الاسرائيلية ــ الفلسطينية. فى الماضى، كان قادرا على التحول إلى الكونجرس والجماعات اليهودية ــ الأمريكية الرائدة للحصول على الدعم عندما كان يشعر بالعزلة. وخلال فترة أوباما الأولى، عندما زادت التوترات بين الزعيمين، قوبل خطاب أوباما بنحو 29 وقفة تصفيق فى الكونجرس. لكن تشكيك هاريس اليوم فى نهج إسرائيل ليس علامة التحول الوحيدة.

وكان ملفتا أن إدارة أوباما أرسلت نائب الرئيس الأمريكى جو بايدن لإلقاء خطاب فى منظمة الشارع اليهودى (جيه ستريت) وهى منظمة مؤيدة لإسرائيل، ولكنها تنتقد الحكومة الإسرائيلية أحيانا فى مؤتمرها السنوى فى واشنطن. بل إن الملفت للنظر أيضا أن لويس سوسمان، المقرب من وزير الخارجية جون كيرى وكان سفير الولايات المتحدة لدى بريطانيا، انضم إلى مجلس إدارة المنظمة. قيل لى إن صامويل كابلان، سفير الولايات المتحدة السابق لدى المغرب، ربما يلحق به فى المجلس أيضا.

وقد وافق هاريس على مناظرة جيريمى بن عامى، المدير التنفيذى لجيه ستريت فى نيويورك، فى وقت لاحق هذا العام. وفى السابق، كان قادة المنظمات اليهودية الكبرى، مثل لجنة الشئون العامة الأمريكية ــ الإسرائيلية، يميلون إلى تجاهل جيه ستريت.

ويعنى هذا كله أنه إذا كانت مفاوضات السلام بين اسرائيل والفلسطينيين تقترب من نقطة تحول فى الأشهر المقبلة، سوف، يكون هناك، لأول مرة ناخبون يهود أمريكيون منظمون وممولون جيدا ملتزمون بحل الدولتين، وسوف يحاولون صد نتنياهو، بدلا من تهدئته.

ويختتم الكاتب المقال بقوله: على نتنياهو أن يتكيف مع الظروف المتغيرة بدلا من تكرار الذريعة الإيرانية المملة.

التعليقات