لافروف يفضح النفاق الغربى - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الإثنين 25 أغسطس 2025 4:40 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تتوقع النجاح لنظام الدوري المصري الجديد في ظل مشاركة 21 فريقًا؟

لافروف يفضح النفاق الغربى

نشر فى : الأحد 24 أغسطس 2025 - 7:15 م | آخر تحديث : الأحد 24 أغسطس 2025 - 7:15 م

يوم الجمعة الماضى عقد وزير الخارجية الروسى سيرجى لافروف مؤتمرا صحفيا مع وزير الخارجية الأردنى أيمن الصفدى، وخلال المؤتمر قال عبارة مهمة للغاية ينبغى أن نتوقف عندها طويلا لنتأملها ونفهمها ونستوعبها، حتى لا ننخدع كعرب للمرة المليون من ظاهرة النفاق الغربى التى صارت متفاقمة.

لافروف قال: «عندما تقرر أوروبا أخيرا الاعتراف بالدولة الفلسطينية خلال شهرين، لن يبقى هناك ما يستحق الاعتراف به، لأن إسرائيل ستكون قد احتلتها بالكامل!!».

كلام لافروف أراه منطقيا للغاية وعمليا وكاشفا، لكن هل معنى ذلك أن نقول للغرب: «استمروا كما أنتم ولا تعترفوا بالدولة الفلسطينية؟».

المؤكد لا، فالتحركات الأوروبية الأخيرة واعتراف بعض الدول بفلسطين كدولة مستقلة أمر إيجابى جدا وينبغى أن نرحب به، لكن المهم أن نفهم هذا التحرك فى إطاره الصحيح، وأن نطالب الأوروبيين بتطوير موقفهم ليصبح عمليا، وليس مجرد اعتراف شكلى لا يؤدى لشىء بل ربما يساهم بقصد أو من دون قصد فى تمرير المخطط الإسرائيلى الفعلى وهو محو أية إمكانيات لقيام دولة فلسطينية فى المستقبل.

المؤكد أن هناك صحوة شعبية عالمية، خصوصا فى أوروبا بشأن الفهم الصحيح لخطورة العدوان الإسرائيلى على فلسطين وعلى المنطقة ابتداء من ٧ أكتوبر ٢٠٢٣. هناك حكومات غربية اتخذت مواقف شجاعة مثل إسبانيا وأيرلندا والنرويج، وهناك دول قررت الاعتراف خلال أسابيع قادمة مثل فرنسا.

وكل هذه التحركات علينا أن نرحب بها، ولكن- وكما تحدث لافروف- ما قيمة ما تفعله أوروبا إذا لم يَقُدْ إلى نتائج على الأرض؟!

ولذلك إذا كانت أوروبا خصوصا الدول الكبرى فيها مثل بريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا ترى أن إسرائيل معتدية وأنها ستضم الضفة بعد أن دمرت غزة وجنوب لبنان وقصفت إيران وتواصل الاعتداء على سوريا، إذا كان الأمر كذلك فالمطلوب ليس فقط الاعتراف بالدولة الفلسطينية ولكن وقف التعاون مع إسرائيل.

ما قيمة أن تعلن أية دولة أوروبية الاعتراف بالدولة الفلسطينية فى حين أن إسرائيل تلغى عمليا أى مؤهلات ومقومات لهذه الدولة على الأرض؟!

أية دولة تعلن أنها ستعترف بالدولة الفلسطينة لكنها فى نفس الوقت تواصل إمداد إسرائيل بكل أنواع الأسلحة، وتستورد منها، وتتعامل معها تجاريا، خصوصا بضائع ومنتجات المستوطنات فهى منافقة، فعلا كما قال لافروف.

 جيد أن يخرج بعض القادة الأوروبيين لإدانة ما تفعله إسرائيل فى الضفة وغزة، لكن بشرط ألا يكون ذلك مجرد بيانات لفظية لزوم رفع العتب، فى حين يواصلون مد إسرائيل بكل ما تحتاج إليه عمليا لاستمرار العدوان.

قبل أيام أعلن المستشار الألمانى فريدريش ميرتس أنه سيتم وقف تصدير الأسلحة إلى إسرائيل إذا ثبت أنها سوف تستخدم داخل غزة.

هذا تطور مهم فى الموقف الألمانى المتماهى تماما مع العدوان الاسرائيلى منذ بدايته، لكن السؤال: كيف ستعرف ألمانيا بصورة صحيحة أن إسرائيل لن تستخدم أسلحتها فى غزة؟! وهل يمكن أن تستخدمها فى الضفة أو جنوب لبنان أو ضد إيران؟!

للأسف الشديد غالبية المواقف الرسمية الأوروبية شديدة الانتهازية، وشديدة النفاق، رغم أنها كانت سببا جوهريا فى احتلال فلسطين، خصوصا الدور البريطانى منذ وعد بلفور عام ١٩١٧كما أنها تناصر إسرائيل ضد إيران فيما يتعلق بعدم السماح لها بامتلاك الطاقة النووية من أجل الاستخدامات السلمية.

لكن مرة أخرى ما نريده من الأوروبيين أن تقترن الأقوال بالأفعال، لا نريد البيانات والإدانات بل قرارات توجع إسرائيل وتجعلها تدرك أن هناك ثمنا فادحا سوف تدفعه إذا استمرت فى تدمير غزة وتهويد الضفة والبلطجة فى سائر المنطقة، بل والحديث عن «خريطة إسرائيل الكبرى».

قد يسأل سائل: إذا كنت تطالب الدول الأوروبية أن تكون عملية فى هذا الصدد، أليس من الأجدى أن تطالب أولا الدول العربية الشقيقة لفلسطين بأن تفعل ذلك؟! وهذا سؤال منطقى، لكن للأسف لا أملك إجابة منطقية له!!

 

عماد الدين حسين  كاتب صحفي