تحاول قيادة السلطة الفلسطينية الدفع قدما بتعاون حزبى بين العرب واليهود فى إسرائيل ــ من خلال تشكيل قائمة جديدة أو تعزيز حركة ميرتس. منذ الانتخابات الأخيرة أجرى مسئولون كبار فى السلطة محادثات مع رؤساء السلطات المحلية ومع ناشطين سياسيين فى المجتمع العربى، من أجل فحص إمكانية حدوث مثل هذا التعاون. وينوى رؤساء الأحزاب العربية المطالبة بتوضيحات بشأن هذا الأمر من الرئيس الفلسطينى محمود عباس الذى لم يكن على اتصال بهم فى الأشهر الأخيرة. وذلك، بحسب ناشطين سياسيين، على خلفية التوتر بين هذه الأحزاب ورام الله منذ تفكيك القائمة المشتركة.
يقوم بهذه العملية أعضاء فى اللجنة التفاعلية مع المجتمع الإسرائيلى فى السلطة، التى يرأسها أحد المقربين من عباس، محمد المدنى. مع ذلك، تنكر اللجنة تدخُّلها فى محادثات بشأن الموضوع. عضو الكنيست السابق طلب الصانع، أحد الناشطين فى اللجنة، قال إنه ليس للمحادثات علاقة مباشرة بالسلطة، لكنه أشار إلى أنهم فى رام الله يتابعون عن كثب الساحة السياسية فى إسرائيل، ولا يخفون خيبة أملهم بسلوك الأحزاب بعد تفكيك القائمة المشتركة. وبحسب كلامه: «الأحزاب العربية متقيّدة بالساحة الداخلية ــ العربية، ونعتقد أنه إذا كنا نطمح إلى تغيير وتأثير حقيقيين هناك مجال لتعاون على قاعدة أوسع بكثير». وأضاف الصانع أنه حتى الآن المقصود فقط الاستشارات، إلى أن تتضح حقيقة الوضع فى الأحزاب العربية، ويتضح ما إذا كانت ستشكَّل من جديد قائمة مشتركة.
رئيس بلدية طيبة شعاع منصور أكد أن أطرافا فى اللجنة التفاعلية توجهوا إليه فى محاولة لمعرفة ما إذا كان يريد أن يترشح فى حزب يهودى ــ عربى جديد، ودُعى إلى إجراء محادثات بشأن هذا الموضوع، من المفترض أن تجرى فى رام الله، وفى غفعات حفيفيا وأماكن أُخرى فى إسرائيل. وأوضح منصور أنه لا يريد الترشح للكنيست، وهو يؤيد إعادة تشكيل القائمة [العربية] المشتركة، لأن «هذه المرحلة ليست مهيأة لنشوء حزب جديد».
وأضاف أكاديمى وناشط سياسى عربى أن لديه انطباعا بأن الفلسطينيين معنيون بتعزيز ميرتس أكثر من الأحزاب العربية. صحيح أن حداش تعتبر نفسها حزبا عربيا ــ يهوديا، لكن لا يرى فيها البعض إطارا مناسبا؛ لأن الجبهة تتوجه فى الأساس إلى الناخبين العرب. وفى رأيهم «من يريد تغييرا حقيقيا يجب أن يبنى شراكة حقيقية، لذا التوجّه هو المضى نحو إطار جديد».
عضو الكنيست عيساوى فريج من ميرتس أضاف أنه فى الانتخابات الأخيرة حاولت أطراف من السلطة تجنيد تأييد لميرتس فى المجتمع العربى. «جرت محادثات مع كبار المسئولين فى السلطة، وأيضا مع طلب الصانع للطلب من كل الذين يؤثرون فيهم أن يدعموا الحزب. وكان هناك أيضا محاولات لفحص إمكان تحصين مقعد لمرشح عربى، لكننا أوضحنا أن هذا لن يجرى». وأضاف فريج أنه يعلم بالاتصالات بشأن تأليف قائمة يهودية ــ عربية، لكنه لا يعرف ما إذا كانت فعلية أم أن الغرض منها الضغط على الأحزاب العربية، علاوة على ذلك فإن ميرتس مشغولة الآن بالانتخابات الداخلية.
مسئولون كبار فى الأحزاب العربية وفى لجنة متابعة الجمهور العربى نقلوا رسائل إلى السلطة بأن تدخّل أفرادها يمكن أن يضر بهم ولن يعزز بالضرورة معسكر السلام. وبحسب مسئول فى حداش ــ تاعل، التوتر بين الطرفين ناجم عن أن السلطة الفلسطينية تنظر إلى الساحة السياسية فى إسرائيل فقط من زاوية الاحتلال، وتتجاهل مصالح الجمهور العربى الأُخرى. وقال: «لقد كان هناك دائما استشارات بين قيادة المجتمع العربى والقيادة الفلسطينية، لكن هناك مسافة كبيرة بين ذلك وبين إقامة حزب جديد». وأضاف: «إقامة إطار سياسى يهودى ــ عربى مطروح على النقاش منذ عدة سنوات.. وبعد تفكُك القائمة المشتركة حظيت الفكرة بدعم من القيادة الفلسطينية. لكن يبدو أن تقديم موعد الانتخابات ساهم فى خلط الأوراق وأحبط الفكرة».
مسئول كبير آخر فى حداش وعضو فى لجنة المتابعة أضاف أن أعضاء الأحزاب العربية ينظرون إلى الخريطة السياسية بصورة مختلفة عن السلطة. «ليس الأمر أن السلطة تدعم المعسكر الديمقراطى ونحن متطرفون نعارض التعاون، بل نحن نقرأ الأرضية فى الجانب اليهودى والجانب العربى وندرك أنها لم تنضج بعد لعملية دراماتيكية مثل تلك التى تهم السلطة. لقد أوضحنا أيضا فى كل المناسبات أننا ندعم أى تسوية تؤدى إلى إنهاء الاحتلال».
وفى اللجنة التفاعلية أضافوا «أن سلوك الأحزاب العربية هو شأن داخلى ــ إسرائيلى، وأن السلطة واللجنة غير معنيتين بالتدخل فيه. مع ذلك، قال مسئول كبير فى اللجنة إن القيادة الفلسطينية لم تخفِ قط رغبتها فى أن يحصل المعسكر المؤيد لإنهاء الاحتلال على مكان مهم فى الساحة السياسية فى إسرائيل».