طوفان جارف من الكراهية يكاد يغطى التربة المجتمعية المصرية بأكملها لم تفلح نسائم شهر الرحمة فى إيقافه أو حتى فى تحويل مساره. كيف نصل إلى مصالحة ٍوطنية تلملم أشلاء شعبٍ مزقه الانقسام ؛ وهناك آلة ٌإعلامية جبارة تهدر ليل نهار بالتشفى والعنصرية واحتقار التيار الإسلامى كله وكأن أفراده جرذان لا يستحقون العيش..
قطاع ٌعريض ٌمن الشعب المصرى يتم تغذيته بأحط ِّ صور الشذوذ عن الفطرة الإنسانية ؛ ليتلذذ بصور القتلى بدلا ًمن استنكارها ؛ وليشاهد جثثا ً مضرجة فى الدماء بأعينٍ متشفية ؛ مع تذكيره أن هؤلاء لا حقوق لهم ولا كرامة لابد من سحقهم واستئصال شأفتهم.
لازال التاريخ شاهدا ًعلى كم هائلٍ من الشروط المُهينة حوته معاهدة «فرساى» بعد خسارة ألمانيا الحرب العالمية الأولى. شروطٌ أراد من ورائها المنتصرون إمعانا ًفى إذلال الأمة الألمانية المهزومة ؛ وقتها تنبه البعض إلى خطورة الاستخفاف بمشاعر المعسكر الخاسر إلى هذا الحد ؛ عقلا ءُ شعروا بحرارة نارٍ تحت الرماد لن تلبث أن تستعر فى يوم ٍمن الأيام...لكن من يقيم للتعقل وزنا الآن ؟ هذا وقت نخب النصر...فلنتجرعه إذن حتى الثمالة وليذهب العقلاء إلى الجحيم!
سنوات معدودات وخرج «هتلر» أكبر متطرفى العصر الحديث من رحم تلك المبالغة فى الإذلال والاحتقار والتشفى ؛ ليقود موجة ًمضادة من الكراهية والعنصرية ويعيث فى أوروبا فسادا ًلا يحركه إلا رغبة ٌمجنونة فى الانتقام ويهرول وراءه ملايين الألمان مملوءة قلوبهم حقدا ًوغلا ًعلى كل أجناس الأرض.
سهل ٌجدا ًأن تطلق العنان لقلمك ولسانك فتنجرف مع طوفان ٍهادر من الكراهية واحتقار وعنصرية بشعة ؛ إنما أن تنحاز لأبسط مبادئ الإنسانية وتنصت لصوت الفطرة وتعقل أن التطرف لا يولد إلا تطرفا ًفهذه من الصعوبة بمكان.
ضمائر ُوأقلام ٌيُعد أصحابها على أصابع اليد الواحدة لازالت صامدة ً تأبى أن يقتلعها الطوفان ؛ تأبى أن تستجيب لحملة انتكاسة الفطر وانتزاع الإنسانية... خالد على ؛ عمرو حمزاوى ؛ عبد الرحمن يوسف وغيرهم ممن أصروا على الانحياز إلى المبادئ وإن أصابتهم سهام منتكسى الفطر من كل جانب. دومات الثأر لا تنتهى ؛ والقتل على الهوية بداية مروعة لحرب أهلية ؛ واستحلال النيل من دماء وأعراض الخصوم وتعميم العقاب أيسر طريق للحرق...حرق الوطن.