نشرت صحيفة هاآرتس مقالا بتاريخ 11 مايو للكاتب جدعون ليفى تناول فيه الضحايا الذين قتلوا على يد الجنود الإسرائيليين، وتخاذل الحكومة الإسرائيلية فى الكشف عن هوية الفاعلين أو وقف هذه الجرائم، واستخدامها سياسة التشكيك فى هوية مرتكبى تلك الجرائم.. نعرض من المقال ما يلى.الرعب الذى خلفه مقتل شيرين أبو عاقلة ضرورى ومبرر، ولكنه أيضا جاء متأخرا وأنانيا.. الآن أصبح الأمر مفزعا... دماء صحفية مشهورة، بغض النظر عن مدى شجاعتها ومهنيتها، وهى كانت هكذا بالفعل، ليست أكثر احمرارا من دماء طالبة فى المرحلة الثانوية كانت تستقل سيارة أجرة فى طريق عودتها إلى منزلها فى جنين قبل شهر استشهدت بنيران جنود إسرائيل. هكذا قُتلت حنان خضور، ثم حاول المتحدث العسكرى أيضا التشكيك فى هوية منفذى عملية إطلاق النار معلنا أن «الأمر يتم بحثه». مر شهر، وهذا «البحث» لم يسفر عن شىء، ولن يثمر أبدا فى إسرائيل التى تستمر فى إنكار الجرائم التى ترتكبها وتستخدم القمع ــ فلا أحد يهتم حقا بمصير فتاة عمرها 19 عاما. سكت ضمير إسرائيل الميت من جديد.. هل من جريمة واحدة يتحمل اليمين والمؤسسات مسئوليتها؟ جريمة واحدة فقط؟
تعرض الصحفى المحلى باسل العدرا يوم الأحد الماضى لهجوم على أيدى جنود إسرائيليين جنوب تلال الخليل، ولم يهتم أحد. حكم على إسرائيليين، الأسبوع الماضى، اعتديا على صحفيين خلال حرب غزة فى مايو الماضى، بالسجن 22 شهرا. ما هى العقوبة التى ستنزل على الجنود الذين قتلوا شيرين؟ وما هو عقاب من قرر ونفذ عملية تفجير مكاتب وكالة أسوشيتيد برس فى غزة أثناء حرب العام الماضى؟ هل سيدفع أحد ثمن هذه الجريمة؟ وماذا عن الـ13 صحفيا الذى قتلوا فى حرب غزة عام 2014؟ وماذا عن الطاقم الطبى الذى قُتل خلال المظاهرات عند السياج الحدودى مع غزة، ومنهم رزان النجار البالغة من العمر 21 عاما والتى قُتلت برصاص جنود إسرائيل أثناء ارتدائها لباسها الأبيض؟ لم يعاقب أحد.. ستغطى هذه الجرائم دائما بغيمة من التبرير الأعمى والحصانة التلقائية للجيش وتقديس جنوده.
حتى لو تم العثور على الرصاصة الإسرائيلية التى قتلت شيرين، وحتى إذا تم العثور على لقطات تظهر وجه مطلق النار، فسوف يعامله الإسرائيليون كبطل. من المغرى الكتابة أنه إذا كان يجب قتل الفلسطينيين الأبرياء على يد جنود إسرائيليين، فمن الأفضل لمن يُقتل أن يكون مشهورا ويحمل الجنسية الأمريكية، مثل شيرين، عندها على الأقل ستعبر وزارة الخارجية الأمريكية عن استيائها قليلا ــ لكن ليس كثيرا ــ بشأن القتل الأحمق لأحد مواطنيها على يد جنود أحد حلفائها.
حتى وقت كتابة هذا المقال، لم يتضح بعد من قتل شيرين. وهذا إنجاز بالنسبة لإسرائيل؛ زرع الشكوك وتزييف الحقيقة، على الرغم من أن العالم لا يصدقهم. عندما قتل الصبى الفلسطينى محمد الدرة عام 2000، حاولت الدعاية الإسرائيلية طمس هوية قاتليه. الجنود الذين قتلوا الشابة فى سيارة الأجرة هم نفس الجنود الذين يقتلون الصحفيين، الجنود الذين يسمح لهم بإطلاق النيران كما يحلو لهم. الذين قتلوا حنان استمروا فى ارتكاب جرائمهم وقتلوا شيرين.
الجريمة بدأت قبل وقت طويل من إطلاق النار. بدأت بمداهمة كل بلدة ومخيم للاجئين وقرية وغرفة نوم فى الضفة الغربية كل ليلة، حتى لو لم يكن هناك ضرورة لذلك. سيقول المراسلون العسكريون دائما إن هذا تم من أجل «اعتقال المشتبه بهم»، دون تحديد المشتبه بهم وما هو الاشتباه، وسينظر دائما إلى مقاومة هذه الاعتداءات على أنها «خرق للنظام». يمكن للجيش أن يفعل ما يشاء ولا يستطيع الفلسطينيون فعل أى شىء، أو إظهار أى مقاومة.
ماتت شيرين بطلة تقوم بعملها. كانت أشجع من كل الصحفيين الإسرائيليين مجتمعين. ذهبت إلى جنين، والعديد من الأماكن المحتلة الأخرى، التى نادرا ما زارها أى صحفى إسرائيلى. اليوم يجب أن يحنوا رءوسهم احتراما وحدادا، كما عليهم التوقف عن نشر سيناريوهات الجيش والحكومة بشأن هوية قاتليهم. الاستنتاج التلقائى يجب أن يكون «قتل الجيش الإسرائيلى شيرين أبو عاقلة»، حتى يثبت عكس ذلك.
ترجمة وتحرير: ابتهال أحمد عبدالغنىالنص الأصلى