إذا أراد الجمل أن يعاشر زوجته فإنه يستتر بذلك حياء ممن حوله.. ولكن البعض فقد الحياء.. بعد فقده للعفة.. فنراهم يشتركون فى التحرش الجنسى بفتاة على مرأى ومسمع من المئات بالشوارع أو الميادين.
ولا أدرى كيف يتوافقون مع شياطينهم على طرح فتاة على الأرض وتمزيق ملابسها ولمس مواضع عفتها.. وكأنهم كلاب يطوفون حول فريستهم دون رحمة أو شفقة.
هل أذهب الحشيش أو الترامادول عقولهم؟.. أم غلبت الحيوانية الشهوانية على الملائكية الروحانية فيهم.. حتى كادت أن تلغيها تماما فى لحظة جنون الشهوة. إن للشهوة فورات وجنونا وحمقا إذا تملكت الشاب وسيطرت عليه غاب عقله وضاعت نخوته وذهبت إنسانيته.. ويساعد على جنون الشهوة وانطلاق سعارها بغير ضابط قلة الزواج وزيادة تكاليفه.. ويسر الزنا وسهولته.. وكثرة تعاطى المخدرات ورخص أسعارها.. فأكبر حزب فى مصر هو حزب الترامادول.. ناهيك عن البطالة ونوبات الإحباط التى تتبعها والتى قتلت الشباب معنويا.. حتى من كان له عمل فى السياحة أو الصناعة أو التجارة ضاع منه خلال السنوات الماضية.. «فالمعسكر البطال يكثر فيه الشغب».. بل والجنون ومنه السعار الجنسى الذى أصاب الأمة المصرية فى مقتل.
لقد فقد الكثير من الشباب المصرى الهدف والبوصلة والأمل.. فإذا أضيف إلى ذلك كله ضياع القدوة أو اختفائها أو غيابها.. وتدمير كل النماذج الوطنية والدينية والسياسية والدعوية من تلقاء أنفسها أو بفعل فاعل. فأين الدعوة إلى الله اليوم؟.. بل ومنذ سنوات.. كل الموجود فى مصر هو دعوات حزبية أو تنظيمية أو سياسية.. وليست دعوة إلى الله.. فهذا يدعوك للحزب وآخر يدعوك للتنظيم.. وثالث يدعوك للمشاركة فى موقفه السياسى.. وإن لم تقبل شيئا من ذلك كله ثم تدميرك وتحطيمك بغير هوادة أو رحمة أكثر من الذى ابتلاك الله به.
ثم تأتى الدولة والأوقاف لتصادر البقية الباقية من الدعوة الصحيحة وتؤمم الدعوة لصالحها.. ويا ليتها تحسن أداءها وتقديمها على وجهها بعد مصادرتها وتأميمها.. ولكنها تحتجزها كالأسيرة فلا تنتفع بها ولا تنفع بها أمتها كما ينبغي.. بل تضعها فى قالب الروتين وجمود البيروقراطية وتدفنها فى جدول الحضور والانصراف فلا يحضر هذه الدعوة أحدا من الجمهور حتى وإن حضر الشيخ.. وينصرف عنها الناس قبل أن يوقع الشيخ فى دفتر الانصراف.
إن الدعوة إلى الله نفثه إيمانية تسرى كالكهرباء من قلب الداعية المحب لربه وللناس ولدعوته فتصل إلى قلوب المدعوين تهزهم هزا.. وتأطرهم على الحق أطرا. تفكرت فى التحرش بعيدا عن الواقعة الأليمة فوجدت الأمة المصرية كلها يتحرش بعضها ببعض.. فالحكومة تتحرش بالإخوان.. والإخوان يردون على تحرشها بتحرشات من نوع آخر.. والإخوان يتحرشون بالسلفيين والنور.. والدولة تتحرش بالثوار ردا على تحرشات الثوار من قبل حول وزارة الدفاع والداخلية.. والإعلام يتحرش بالإسلاميين والثوار.. وباسم يوسف يتحرش بالدولة وهى تتحرش به بوقف برنامجه.. والقوى السياسية تتحرش بالإسلاميين ردا على تحرشات سابقة منهم.. والرياضيون يتحرش بعضهم ببعض على كل المستويات وليس على مستوى الأهلى والزمالك كما كان يحدث من قبل.. والألتراس يتحرش بالدولة والأخيرة تتوعده وتهدده وتسجن بعضه وتخوف الآخرين.. والإخوان والقضاء كلاهما يتحرش بالآخر ويتوعده.. والإعلام دائم التحرش بالإخوان ردا على محاولات الإسلاميين قديما حصار مدينة الإنتاج الإعلامى وشتم وسب وتهديد الإعلاميين.
أما الشرطة فهى فى حالة تحرش مستمر بالإخوان والثوار من ناحية.. وفى هذا الخضم المحتدم تجد إعلامى يزيد التحرش سخفا وعدم مهنية حينما يتهم الإخوان بأنهم وراء تحرش ميدان التحرير.
إنه اللامعقول فى التحرش.. فالتحرش له قواعد وأصول أيضا.. قد نصدق تحرش الجزيرة بالدولة المصرية.. أو تحرش التكفيريين بالجيش والشرطة.. أو تحرش الإخوان بالدولة ومعظم القوى السياسية أو العكس.. ولكن أن يتحرش أو يصطنع بعض الإسلاميين التحرشات الجنسية فى ميدان التحرير.. فهذه ليست بضاعتهم.. فالتحرش الجنسى بالذات لا يعرف الإسلاميون صناعته.. وهذه من أعظم حسناتهم.. فمهلا يا أيها الإعلامى.
والسؤال الآن: متى تتوقف الأمة المصرية عن تحرش بعضها ببعض أخلاقيا وجنسيا وسياسيا واجتماعيا وعسكريا وتفجيريا؟