تحية للشعوب الأوروبية الحرة - ناجح إبراهيم - بوابة الشروق
السبت 27 سبتمبر 2025 6:53 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

ما هي توقعاتك لقمة الأهلي والزمالك المقبلة؟

تحية للشعوب الأوروبية الحرة

نشر فى : الجمعة 26 سبتمبر 2025 - 7:15 م | آخر تحديث : الجمعة 26 سبتمبر 2025 - 7:15 م

بريطانيا هى التى زرعت إسرائيل فى قلب العالم العربى، وفصلت بها مصر عن امتدادها التاريخى الطبيعى للشام، وهى السبب الأول فى مأساة فلسطين ثم جاءت أمريكا لتقوم بأقذر دور فى التاريخ المعاصر وهو نصرة الباطل وقتل وتهجير شعب فلسطين من أرضه.
اليوم تكفر بريطانيا عن بعض ذنوبها بالاعتراف الرسمى بدولة فلسطين، وقد أحسنت بعدم الاستجابة لضغوط ترامب الذى زارها استباقًا لقرارها، ولكنها أرادت أن تعلمه درسًا جيدًا أنها لا تهابه لأنها صانعة أمريكا الأولى.
وقد أحسنت كندا وأستراليا والبرتغال بالاعتراف بالدولة الفلسطينية فى يوم واحد، مما هز إسرائيل دبلوماسيًا وسياسيًا، فهذه أكبر هزيمة سياسية لنتنياهو بعد قرار فرنسا، وبعد الجهود الجبارة للدولتين العظيمتين إسبانيا وأيرلندا واللتين تفوقتا على العرب والمسلمين فى مساندة شعب فلسطين.
ذلك الاعتراف الأوروبى الرسمى بفلسطين هو بلورة لحراك رائع للشعوب الأوروبية طوال عامين تقريبا، صار فيها علم فلسطين أقرب إلى قلوب الأوروبيين من أى شىء آخر، كانت معظم الجامعات تتظاهر بانتظام، قام آلاف البريطانيين بالتظاهر مرات أمام مقر رئاسة الوزراء منها مظاهرة الجوع التى كانت تضرب على الأوانى الفارغة.
أخبرتنى مريضة مصرية تحمل الجنسية الإيطالية أن معظم الإيطاليين من الأصول العربية وغير العربية يتظاهرون أسبوعيًا فى يوم العطلة دون انقطاع، حتى صار ذلك نهجًا ثابتًا، وأصبح رفع العلم الفلسطينى مثار بهجة وفخر للجميع.
لك أن تتأمل الغضب الشعبى الجارف الذى اجتاح إيطاليا بعد أن تقاعست الحكومة عن الاعتراف بالدولة الفلسطينية، غضب وهياج ومظاهرات وتشنج وصل إلى حد تحطيم واجهات بعض المؤسسات الإيطالية وإعلان الإضراب العام وإغلاق بعض محطات القطار والمترو، هل هناك شعب غير مسلم لم يكتو بالظلم الصهيونى ويثأر لفلسطين ومأساتها هكذا.
ورغم الحظر الحكومى فى فرنسا لرفع العلم الفلسطينى على البلديات الفرنسية إلا أن ٨٦ بلدية فرنسية رفرف عليها العلم الفلسطينى.
أما إسبانيا وأيرلندا فهما الأقوى شعبيًا ورسميًا فى دعم قضية فلسطين منذ بداية الأزمة وكنت كلما استمعت لرئيس وزراء أيرلندا أشك أنه من أحفاد صلاح الدين وليس حاكما أوروبيا غير مسلم.
وحينما أتأمل الموقف الشجاع والفذ لرئيس وزراء إسبانيا أشعر بالغيرة من شجاعته ورجولته، وأشعر بالإحباط فى تقدم موقفه على مواقف بعض العرب والمسلمين.
ها هو يقول فى أحدث كلماته «يا شعب فلسطين لن ننساكم أبدا» وكأنه كان فى خندق واحد معهم، وكان يفخر بشعبه حينما يرى أعلام فلسطين ترفرف فى لقاءاته الشعبية.
الحراك الشعبى الأوروبى سبق المواقف الرسمية بكثير، وخاصة فى بريطانيا والبرتغال وإيطاليا وبلجيكا.
تأمل لحظة فوز فيلم «هند رجب» بجائزة البندقية والتصفيق المدوى فى القاعة عند تكريم مخرجة الفيلم التونسية والتى قالت «صوت هند رجب هو صوت فلسطين الذى لم يستجب له أحد».
لك أن تتأمل عدد الفعاليات المساندة لفلسطين وشعبها فى أوروبا والتى وصلت إلى ٤٢ ألف فعالية حسب توثيق المركز الأوروبى الفلسطينى للإعلام «إينال» وذلك فى أكثر من ٧٠٠ مدينة فى ٢٠ دولة أوروبية، ولك أن تقارن عدد هذه الفعاليات الأوروبية الضخمة بالفعاليات التى تمت فى بلاد العرب والمسلمين.
أوضح المركز أن هذه الفعاليات كان لها أكبر الأثر على صناع القرار الأوروبى، وقد أثمرت كل هذه الفعاليات أعظم الثمار فى بلاد اعترفت بفلسطين، وأخرى قطعت علاقاتها التسليحية بإسرائيل، وأخرى أوقفت توريد أى أسلحة لإسرائيل، ووصلت قوة أثر هذه الاحتجاجات أن إسبانيا قد تترك مسابقة كأس العالم إذا لعبت فيها إسرائيل.
إنها شعوب حية يقظة قوية الضمير، هذه الشعوب أربكت ترامب حينما دخل مطعمًا للعشاء فقام بعض الشباب والفتيات بالهتاف ضده.
كان قرار الدول الأوروبية للاعتراف بالدولة الفلسطينية ومواجهة الصلف الإسرائيلى نتاجًا لكفاح عظيم ومشرف من شعوب هذه الدول التى تحملت الكثير والكثير لتصل إلى هذه اللحظة الجميلة للدفاع عن فلسطين وشعبها.
الآن المزاج الشعبى الأوروبى يكره إسرائيل ويمقتها ويرى صور بغيها مباشرة على الهواء، لن يستطيع أحد بعد اليوم أن يحجب الحقيقة عنها، سلام على الأحرار فى كل مكان من كل دين وعرق ولون وجنس.

التعليقات