إن اليمين الإسرائيلى هو المخطئ الأول. وإذا نشبت انتفاضة ثالثة، فإن من يتحمل المسؤولية بالدرجة الأولى هم المستوطنون. لقد سيطرت حركة غوش إيمونيم «حركة دينية متطرفة تدعو الى الاستيطان فى الضفة الغربية وهدم المسجد الأقصى وإقامة الهيكل الثالث مكانه» على الجهاز السياسى من خلال سيطرتها على الليكود، وبواسطة تشكيل حزب «البيت اليهودى» ومن خلال التحالف مع يائير لبيد. وهى السبب وراء تركيز عمل الجهاز السياسى على المستوطنات.
وهى التى حولت إسرائيل إلى دولة يشبّهها العالم بأفريقيا الجنوبية، ويعتبرها الشرق الأوسط شبيهة بروديسيا.
لقد أنشأ المستوطنون نظاماً متطرفاً معادياً للصهيونية يجمع بين العبقرية السياسية (بشأن كل ما يتعلق بسلوكهم داخل النظام الإسرائيلى)، والضعف الدبلوماسى (فى كل ما يتعلق بالسلوك على المستوى الدولى). وكما كان يكرر البروفسور بن تسيون نتنياهو «والد رئيس الحكومة الذى كان أستاذاً فى تاريخ اليهود» فليس هناك خطر أكبر من خطر الحركات المسيحانية. ولستَ بحاجة لأن تكون يسارياً متطرفاً كى تدرك أن مخربى صهيون من يهودا والسامرة هم الأشد خطراً من غيرهم، لأنهم يرفضون أى مرونة سياسية أو أفكار مبتكرة،
ومن شأنهم أن يتسببوا بكارثة للدولة اليهودية.
أما الخطيئة الثانية فيتحملها الفلسطينيون، وإذا نشبت انتفاضة ثالثة فالمسؤول عنها إلى حد بعيد القيادة الفلسطينية. فالطرف الذى أدى إلى فشل المفاوضات وشن حرباً سياسية على إسرائيل هو الذى تسبب بنشوب المواجهات العسكرية فى جميع أنحاء البلد. والطرف الذى اختار تشكيل حكومة مع «حماس» هو الذى جعل قيم «حماس» تقود المجتمع الفلسطينى، ومن يعتبر
القتلة أبطالاً هو الذى يلعب بالنار ويشعلها ويجد نفسه اليوم فى وسطها. لايمكن الاستمرار فى التعامل مع زعيم وطنى يبلغ من العمر 79 عاماً مثل ابن 9
سنوات لا يتحمل مسؤولية أفعاله. إن محمود عباس الذى يبدو فى الظاهر
زعيماً معتدلاً، هو الذى قام بأعمال سلبية وعدائية أدت إلى تقويض الاستقرار،
وهو الذى يقود الشعب الفلسطينى نحو كارثة جديدة.
أما المخطئ الثالث فهو المجتمع الدولى. وإذا نشبت هنا انتفاضة ثالثة، فإن من يتحمل مسؤوليتها تصرف الزعامة الدولية حيال موضوع السلام. ومن المعروف أن السعى إلى تحقيق السلام لا يمنع نشوب الحرب. وفى ظروف معينة، فإن محاولة غير موفقة للتوصل إلى سلام من شأنها أن تؤدى إلى التدهور والعنف.
لقد تبنت الزعامة الدولية عملية سلام لا علاقة لها بالواقع وكان مقيضاً لها أن تفشل. وعندما فشلت قبل ثمانية أشهر، لم تقم الزعامة الدولية باستبدالها بمبادرة سلام أخرى. وتركت وراءها فراغاً خطراً هو الذى فتح الطريق أمام حرب غزة 2014 التى أدت إلى موجة من التطرف فى إسرائيل وفى فلسطين. إن الذى كان ينوى حل النزاع الإسرائيلى – الفلسطينى فى الربيع الأخير
«المقصود إدارة الرئيس أوباما» كان السبب فى تحريك سلسلة أحداث فاقمت
الصراع ومن شأنها أن تتسبب بكارثة لنا جميعاً.
لكن على الرغم من هذا كله، لايزال فى إمكاننا أن نأمل ألا تنشب انتفاضة ثالثة على نطاق واسع على الرغم من أن عنف الأسبوع الأخير لا يبشر بخير.
إن المخطئين الثلاثة فى السنتين الماضيتين أوجدوا واقعاً على حافة الهاوية.
وفى اللحظة الأخيرة التى مازالت لدينا الآن، يجب أن نبذل جهوداً كبيرة للابتعاد عن هذه الهاوية، كما يجب على المخطئين الثلاثة أن يستخلصوا العبر ويختاروا طريقاً آخر يؤدى إلى السلام.
أرى شافيط
محلل سياسى -هآارتس