كلنا معك يا (آسانج) - محمد المنشاوي - بوابة الشروق
الجمعة 13 ديسمبر 2024 5:41 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

كلنا معك يا (آسانج)

نشر فى : الأربعاء 15 ديسمبر 2010 - 10:53 ص | آخر تحديث : الأربعاء 15 ديسمبر 2010 - 1:46 م
اتجهت أنظار العالم إلى جوليان آسانج، Julian Assange مؤسس موقع ويكيليكس بعد أن نشر آلاف الوثائق الدبلوماسية الأمريكية السرية، وأثارت حالة غير مسبوقة من الجدل الإعلامى والسياسى والاستخباراتى فى أغلب دول العالم، وخرجت العديد من الشكوك والتحليلات تتساءل حول طبيعة هذه الوثائق وحول هوية مسربيها، وتوقيت صدورها والجهات المستفيدة من هذه الزوبعة .

لا توجد أى من الحجج الداعمة لفرضية على حساب أخرى، ردا على التساؤلات والشكوك السابقة، إلا أن هناك شيئا واحدا مؤكدا، وهو حجم التأثير الذى أحدثته، ومازالت تحدثه، ويكيليكس، كما لا يمكن تجاهل الشخصية التى تقود فريق عمل الموقع، وهو الشخص الذى يتعرض الآن لمحنة حقيقية، تتطلب على الأقل الإعلان عن وقوفنا (نحن صحفيى مصر) بجانبه، وتأييدنا لنشر أى وكل الوثائق الحكومية الأمريكية وغير الأمريكية، من أجل أن تشارك الشعوب فى الاطلاع على كيفية إدارة حكوماتهم لشئونهم فى شفافية ووضوح، تلك الحكومات التى تحصل على صكوك شرعيتها من شعوبها .

فى الوقت نفسه، تزداد المخاوف من أن تقوم لندن بتسليم آسانج إلى واشنطن، والتى إن حدث ستجلب له اتهامات أمريكية قد تصل إلى حد التجسس، خاصة مع ورود أنباء عن بحث وزارة العدل الأمريكية فى مجموعة من الاتهامات الجنائية، بينها انتهاك قانون التجسس لعام 1917، وزاد من المخاوف اعتبار وزير الدفاع الأمريكى روبرت جيتس توقيف آسانج يشكل «نبأ سارا».

وآسانج، البالغ من العمر 39 عاما، ويحمل الجنسية الأسترالية، يخضع حاليا رهن الاعتقال فى لندن على خلفية صور مذكرة توقيف أوروبية تتعلق بحادث بسيط أثناء ممارسة مشروعة للجنس فى السويد.

ويعتزم الآلاف من المؤيدين لمنهج آسانج تنظيم مظاهرات فى عدة دول من بينها البرازيل وإسبانيا وهولندا وكولومبيا والأرجنتين والمكسيك واستراليا، للمطالبة بالإفراج عنه، ولإعادة تشغيل موقع ويكيليكس على شبكة الإنترنت، والسماح لهم باستخدام بطاقات الائتمان للتبرع بالمال للموقع عن طريق الإنترنت.

وما قام به آسانج وويكيليكس ليس بالشىء المتكرر أو اليسير، بل إن ما حدث يمثل ثورة جديدة فى إطار طريقة النظر لجوهر عمل وزارت الخارجية حول العالم.

ويرى آسانج أنه جهوده قد ساهمت فى تغيير الشئون العالمية، وقال إن واحدا من الأهداف التى سعى إلى تحقيقها، برفقة زملائه، طيلة السنوات الأربع الماضية، هو أن يزيد من «استئساد المصدر الذى يتحمل المخاطر الحقيقية فى كل كشف صحفى تقريبا، وإلا لن يكون للصحفيين قيمة كبيرة».

وما فجره موقع ويكيليكس يمثل حدثا غير مسبوق فى تاريخ العلاقات بين الدول، فلأول مرة تظهر الآراء الحقيقية للسفراء الأمريكيين حول قادة العالم وأهم قضاياه. وفى حين تعرف الدبلوماسية كما وصفها دبلوماسى عربى مرموق، بأنها تلك المسافة الواقعة بين العمل الصحفى، وما يرتبط به من رغبة جامحة فى نشر كل شىء وتقديس العلانية، ومن ناحية أخرى العمل الاستخباراتى، وما يتسم به من كتمان تام، وتقديس للسرية المطلقة، تعود الدبلوماسيون حول العالم على الجلوس مع صناع الرأى والقرار والمؤثرين فى الدول التى يخدمون بها، حيث يتم تبادل الآراء والأفكار فى مجال لا يغلفه إلا إطار من الثقة المتبادلة بعدم التحدث عما دار فى هذه المناقشات على الملأ، لكن يبدو أن موقع ويكيليكس نجح أخيرا فى إنهاء العصر التقليدى للدبلوماسية المرتكز على السرية والغموض.

وقبل الشهرة التى حصل عليها الموقع خلال الأسابيع الأخيرة، ساهم ويكيليكس فى الكشف عن العديد من القضايا ذات البعد الإنسانى، منها على سبيل المثال الأعداد الحقيقية للمصابين بمرض الملاريا الذى يقتل فى أفريقيا على سبيل المثال مائة شخص كل ساعة، وربطه بمعلومات موثقة عن توافر الدواء لهذا المرض فى العديد من الدول المتقدمة التى لا تستخدمه. كما أن علينا أن نتذكر أن موقع ويكيليكس هو المسئول عن تسريب فيديو خلال شهر أبريل الماضى يظهر المجزرة التى ارتكبتها قوات الاحتلال الأمريكى بالعراق بطائرة مروحية فى يوليو 2007 فى بغداد باثنى عشر شخصا بينهم مراسلان لوكالة رويترز.

وتقديرا لما وصل له من جمع أكبر قدر من الوثائق السرية حول العالم فاز آسانج بجائزة منظمة العفو الدولية عام 2009 لفضح عمليات اغتيال فى كينيا وكشف انتهاكات وتجاوزات هناك، كما منح آسانج جائزة سام آدمز المرموقة عام 2008، وفى سبتمبر 2010 اختير رقم 23 فى قائمة أكثر 50 شخصية مؤثرة حول العالم.

مع إنهاء ويكيليكس عصر الدبلوماسية التقليدية، خاصة الأمريكية، تلك التى تملك أكبر شبكة بعثات دبلوماسية حول العالم، تتساءل السى.إن.إن CNN عمن قد يريد أن يغتال جوليان آسانج، ووجدت أنه أصبح هدفا للاغتيال من جميع أعداء ويكيليكس، الذين يكثر عددهم مع كل وثيقة أضافية يتم نشرها.

الولايات المتحدة، أكبر الدول الديمقراطية، مثلها مثل الصين، أكبر الدول غير الديمقراطية، عملتا وتعملان بجد من أجل حجب موقع ويكيليكس، إلا أن الموقع يظهر دائما من خلال مواقع بديلة تمكن من الاطلاع على وثائقه بفضل إمكانات التشفير التى يوظفها خبراء لصالح منع حجب الموقع، وبفضل تصميم آسانج على حقك وحقى فى معرفة أسرار الحكومات، وعقبال تسريب المزيد من الوثائق غير الأمريكية.

محمد المنشاوي كاتب صحفي متخصص في الشئون الأمريكية، يكتب من واشنطن - للتواصل مع الكاتب: mensh70@gmail.com
التعليقات