الأغبياء، وضيقو الأفق، ومتطرفو الفكر، وساديو النزعة وجودهم فى هذا العالم قديم جدا.. قديم بقدم جريمة قابيل.. ووقح وقاحة إلقاء إبراهيم فى النار.. شنيع شناعة اتهام مريم العذراء.. ظالم ظلم إخوة يوسف.. سمج سماجة بنى إسرائيل مع موسى.. مكابر مكابرة قريش للحق.. موجود بيننا هؤلاء. لن تخلو الأرض منهم يوما، المشرقى منهم والمغربى والعربى والأعجمى، كلهم له نفس حدة المزاج وانحراف الفطرة وإغفال النظر فى عواقب التصرف. المشكلة دائما تكمن فى السماح لهم باعتلاء مواقع القيادة والتوجيه.. ساعتها تصبح الأرض حرفيا (كرة) من بلور رقيق يتلاعبها صبية صغار يتراهنون فيما بينهم أيهم يهشمها قبل رفاقه!
ليست (شارلى إبدو) وحدها بل سبقتها صحف أخرى منها المغمور ومنها المعروف المشهور تعمدت استفزاز مشاعر مئات الملايين حول العالم باستهتار (عابث) لا يدرى خطورة ما يصنع أو بتعمد (سادى) يتلذذ بإيلام ضحيته وانتهاك حرماتها.. وفى الحالتين ربح المتطرفون حول العالم من الجانبين إذكاء لمزيد من نار التعصب والكراهية وتعميم العقاب واستهداف الأبرياء على الهوية.
من كان لديه مبادئ القواعد الشرعية وفهم منها على سبيل المثال لا الحصر: (يحرم إنكار المنكر إذا ما ترتب عليه حدوث منكر ٍأعظم منه) أو (الضرر لا يُزال بضرر أعظم منه) يستنتج بمنتهى البساطة أى حماقة ارتكبها منفذو عملية (شارلى إبدو).. الثمن سيدفعه بلا مبالغة كل مسلم مهاجر أو مواطن أصلى فى طول أوروبا وعرضها على أقل تقدير مالم يمتد الأذى ليطال غيرهم فى الأمريكتين وأستراليا.
والعقلاء حول العالم وحدهم يدركون أى حماقة جديدة أقدمت عليها (شارلى إبدو) بتجديد استفزازها لمشاعر كل المسلمين ليس فقط بالفرنسية وإنما بست عشرة لغة غيرها وبخمسة ملايين نسخة دفعة واحدة.. وكأن القائمين الجدد عليها ليس فقط يستغلون الحدث الدموى لجنى أكبر مكاسب مادية ممكنة ولكنهم أيضا يستعجلون دوران عجلة العنف والعنف المضاد لتحصد فى طريقها الأخضر واليابس بلا رحمة!
العقلاء وحدهم سيحدقون فى المشهد غير مصدقين أنه يجسد موسما حقيقيا يتبارى فيه الجميع أيهم أكثر تطرفا وأحد جنونا!