الحب شريعة المسيح - ناجح إبراهيم - بوابة الشروق
الجمعة 13 ديسمبر 2024 5:31 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الحب شريعة المسيح

نشر فى : الجمعة 16 ديسمبر 2022 - 8:35 م | آخر تحديث : الجمعة 16 ديسمبر 2022 - 8:35 م

الحب هو الركن الأساسى والأصيل فى دعوة المسيح، وشعاره الأكثر شهرة بين الناس فى كل الأجيال والبلاد «الله محبة» وعلى قدر محبتك لله سيتسع قلبك وفؤادك لتسع الناس جميعا من وافقك أو خالفك، من اقترب منك أو ابتعد، من أحسن أو أساء، فالله هو المحبوب الأعظم الذى سيفيض حبك له وحبه لك ليسع الدنيا كلها.
وبشريعة الحب أكمل المسيح عليه السلام ناموس الأنبياء الذين سبقوه بإحياء الضمير، وتطهير القلوب.
قال المسيح عليه السلام: «ما جئت لأنقض الناموس جئت لأكمل «الناموس يقضى بالواجب أما الحب فيأمر بما هو أعلى من الواجب، الناموس يأمر بالعدل والحب يأمر بالإحسان، الحب يجعلك تعمل دون انتظار الأمر ودون انتظار الجزاء والمقابل، تعطى بغير حساب حبا فى الله وفى رسوله، «الحب لا يحاسب بالحروف والشروط والحب لا يعامل الناس بالصكوك والشهود ولكنه يفعل ما يطلب منه ويزيد عليه وهو مستريح إلى العطاء غير متطلع إلى الجزاء» بحسب رأى العقاد.
عطاء الحب أشبه بعطاء الرب لخلقه سبحانه ولله المثل الأعلى وأشبه بعطاء الأم لأولادها.
ويبدع العقاد فى قوله «وبشريعة الحب نقض المسيح كل حرف فى شريعة الأشكال والظواهر الخالية من المعنى والضمير، وبهذه الشريعة رفع للناموس صرحا يطاول السماء وثبت له أساسا يستقر فى الأعماق».
ويرى العقاد أن «شخصية المسيح عليه السلام لم تثبت وجودها التاريخى وجلالها الأدبى كما أثبتتها بشريعة الحب والضمير».
لقد جاء المسيح عليه السلام إلى واقع رأى فيه أن الفضل بين الأمم «امتياز رسمى» محتكر لبنى إسرائيل لأنهم أبناء إبراهيم عليهم السلام، والفضل بين الإسرائيليين «امتياز رسمى» محتكر لأبناء هارون وأبناء لاوى أصحاب الكهانة بحق النسب والميراث والفضل فى الدين والعلم حرمة يحتكرها الكتبة والفريسيون أو فقهاء ذلك الزمان فكان المسيح يهتف بهم دوما مصححا هذه المراسم المقدسة «فلا لأنكم أكثر الشعوب لازمكم الرب وإن هبطت به دون سائر الشعوب، بل هى محبته وحفظه القسم الذى عاهد آباءكم» وهو أشبه بنداء الرسول محمد «ص» لأقاربه، «لا يأتى الناس يوم القيامة بأعمالهم وتأتونى بأنسابكم»، «من أبطأ به عمله لم يسرع به نسبه»، «فليس الخير والبر حكرا على النسب والسلالة ولكن كما يقول المسيح طبقا لشريعة الضمير والحب «بل الذى يعمل بمشيئة الله هو أخى وأختى وأمى».
شريعة الحب التى جاء بها المسيح قضت على التعالى على الناس «لماذا تنظر إلى القذى فى عين أخيك ولا تنظر إلى الخشبة فى عينك».
وقضت على شريعة الفرح بعقاب الآخرين أو السعى وراء عيوبهم والتجسس على عوراتهم «من كان منكم بلا خطيئة فليرمها بحجر».
وشريعة الحب عنده قضت على فخر المصلى بصلاته أو عبوس الصائم والعابد، وكأنه صوم وصلاة المرائى الذى يكاد يزدرى الناس «ومتى صمتم فلا تكونوا عابسين كالمرائين ليظهروا للناس صيامهم فقد استوفوا أجرهم فلا أجر لهم فمتى صمتم فادهنوا رءوسكم واغسلوا وجوهكم».
فى شريعة الرياء والكبرياء يفخر المنفق بإنفاقه ويستطيل بذلك على الناس ويتحدث عنه ويمن به ويعلن عن نفسه فوق ما أعطى مرات أما المسيح ففى شريعة الحب يأمر «فلا تعلم الشمال ما تفعل اليمين».
فى شريعة الكبر يتكبر العالم والزاهد والعابد عن الاختلاط بالعصاة يفضحهم ويرى نفسه فوقهم أما شريعة الحب فتنطق على لسان المسيح «إنما يحتاج المرضى إلى الطبيب ويكون الحب على قدر الغفران».
فى شريعة الحب لا يحرم الحلال من الطعام والمباح، فأصل الحرام عندها دنس القلب وفساده بالحقد والحسد والفسق والكفر فيهتف المسيح «إن ما يدخل الفم لا يدنس الضمير وإنما الدنس يخرج من القلب الذى فيه الشر والزور والفسوق والكفران».
شريعة الحب تكره النفاق وكان المسيح يندد دوما بالمنافقين ويفضحهم ويقول عنهم «يحاسبون على البعوضة ويبتلعون الجمل».
ويشبه الكتبة والفريسيين المرائين «إنكم كالقبور المبيضة خارجها طلاء جميل وداخلها عظام نخرة».
وجمع المسيح لهم الدين كله فى سطر واحد بعيدا عن الطلاسم والألغاز والتفاصيل والشروح، «أن تحب ربك بجماع قلبك ومن كل نفسك وفكرك».
وشريعته للحب أمرت بالإحسان وهو فوق العدل فى كل وصاياه فلم ينه عن القتل فحسب بل نهى عن مقدماته وهى الغضب، ولم ينه عن الزنا فقط بل نهى عن مقدماته وهى النظرة المحرمة «من ينظر إلى امرأة يشتهيها فقد زنى بها فى قلبه»، قيل للقدماء لا تحنثوا أما أنا فأقول: لا تحلف.
شريعة الحب لو سادت ما كانت تلك الصراعات المسلحة ولا الحروب المدمرة، ما كانت الحربان العالميتان الأولى والثانية وما خسرت البشرية قرابة 70 مليون قتيلا فضلا عن الجرحى، ما كانت حرب روسيا وأوكرانيا، ما كانت كل هذه الدماء التى سالت فى بلاد العرب والمسلمين، وما كانت كل هذه الصراعات الحدودية بين الدول، ما كانت هذه المظالم الزوجية، ما كان هذا العقوق للوالدين، وما كانت كل هذه المظالم الاجتماعية، وما كانت هذه الضربات الاقتصادية تحت الحزام بين الدول والشركات والتجار ورجال الأعمال، وما كان هذا الخراب الذى يعم الكون.
والسؤال أين مدرسة الحب فى مصر الآن، ومن يعلمها للناس؟
لا أحد، فى حين أن مدارس الكراهية والحقد والحسد والضغينة موجودة فى كل مكان.
الحب مفقود يا سيدى المسيح عليك السلام، فمن سيجدده فينا بعد أن فقد حتى بين الزوجين الذين قال عنهم القرآن «هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ» وقال عنهم محمد «ص» «الرجال شقائق النساء».

التعليقات